نظم أول أمس تأبينية الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي بحضور نخبة من الشعراء و الأدباء و الإعلاميين و الطلبة أين تم استرجاع شهادات عن ذكريات للراحل فترة عيشه بالجزائر و غناء مقاطع لأغاني الشيخ إمام أداها الفنان : فؤاد ومان و قدم التأبينية الشاعرة الشابة لميس سعيدي. واستهل التابينية بعرض فيلم حول آخر زيارة له للجزائر عند تكريمه من طرف المسرح الوطني الجزائري يوم 1 فبراير 2009 و القدس عاصمة الثقافة العربية . وبكثير من الحسرة والألم تحدّث أدباء وباحثون وشعراء عن رحيل الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم خصوصا أنه لم يكن فقط شاعرا مصريا أو عربيا بل كان جزائري الروح والتفكير خصوصا وأنه اختار بلدنا للإقامة بعدما خرج من السجن الذي وضعه فيه أنور السادات بسبب أفكاره التحررية وانتقاداته لمعاهدة "كامب ديفيد". الشاعر أحمد حمدي: شاعر ثار ضد الظلم والديكتاتورية عبر الشاعر أحمد حمدي عن تأسفه على فقدان الساحة الشعرية عمود من أعمدة الشعر الشعبي العربي الذي تميز بنضاله ضد الظلم والاستبداد ودفع ثمن الموقف بالدخول العديد من المرارات للسجون ورفض معاهدة كام ديفيد وخير إن ينفى إلى الجزائر أين قضى فترة معينة بحياته هنا وكنا ننظم من فترة إلى أخرى له أمسيات شعرية سواء في العاصمة أو الولايات أخرى . فهي خسارة كبير للثقافة العربية التى استطاع ان تتطوع الشعر الشعبي العربي وحول اللهجة المصرية إلى لغة تتبناها كل الجماهير العربية وشعلة للثورة وسلاح في يد الجماهير العربية . حيث انه في ثورة مصر ظل وفي لمبادئه ومن أوائل الإذاعات العربية التي إذاعات أغاني الشيخ إمام وفؤاد نجم . قال الشاعر أحمد حمدي:" الراحل طلب رؤية المناضلة جميلة بوحيرد وكاتب ياسين في زيارته الجزائر أواخر السبعينات" ركَّز الشاعر أحمد حمدي في كلمته على فترة زيارة نجم للجزائر بعدما خرج من سجن السّدات وأكد أن الراحل اختار الجزائر دون سائر البلاد العربية وذلك لما يعرفه عن نضال شعبها ضد الظلم والاستعباد فأول ما سأل عنه نجم كان المناضلة المجاهدة جميلة بوحيرد التي لم تعد فقط مجاهدة بل أصبحت أسطورة ورمزا من رموز النضال الإنساني ضد الظلم وكدا سؤاله عن المسرحي كاتب ياسين خصوصا وأن تجربتها الأدبية متقاربة جدا، فالروائي ياسين كان مناضلا أيضا بالكلمة شأنه شأن نجم وكذا كان شعر نجم مسرحا فأصبحا يجمعهما حب الإنسان وحب الشعوب المغلوبة والمضطهدة. واسترسل الشاعر في الحديث عن السهرات الشعرية التي كان يحييها نجم هنا في الجزائر مع عديد الكتاب مركزا على سهراته مع الراحل كاتب ياسين التي احتك خلالها نجم بالجزائريين وحميمياتهم لدرجة أصبح جزائري الروح وانسجم معهم انسجاما كبيرا جدا ودخل في جوِّهم لدرجة أصبح يحيي كثير السهرات مع كتَّاب وأدباء آخرين أمثال الطاهر وطار وغيره، وأكد حمدي أن أهم ما شدَّ انتباه نجم في الجزائر هو روحهم الثائرة دائما ضد الظلم وضد كل ما هو قمعي وتعسفي وأيضا انبهار الجزائريين بشخصية نجم القوية وصبره وتجلده الكاتب الروائي عبد بالرزاق بوكبة: رجل يفعل ما يقول ويقول ما يفعل قال الروائي عبد الرزاق بوكبة، المشرف على فضاء صدى الأقلام إنه سيعمل على تأليف كتاب حول الأيام التي قضاها مع الراحل غداة زيارته للجزائر عام 2009 حين "عايشه عشرة أيام كاملة" سمع منه الكثير كعلاقته ببعض حكام العرب الذين لطالما كانوا مادة للاستهزاء والنقد في شعر نجم. معربا أن الراحل "كان يحب الجزائر كثيرا وكان يعشق هذا البلد وكأنه بلده الأصلي". وقال بوكبة في وصف نجم، إن الراحل "رجل يفعل ما يقول ويقول ما يفعل" وهو ذلك الشاعر الذي "يمتاز بالعفوية" ولا يقيم حواجز بينه وبين الآخر. ولم يستسغ بوكبة لحد الآن رحيل هذا الشاعر القامة وعملاق النضال مشكلا له صدمة لا تزال تطبعه لليوم. الناقد والكاتب الروائي محمد ساري :السجن لم يكسر كبرياء فؤاد نجم قال الأديب والناقد محمد ساري الذي كان أحد الطلبة الذين كانوا يداومون على حضور أمسيات نجم حين عاش فترة بالجزائر، إن "الوعي الثوري المتجذر لدى الجزائريين" كان هو السر في ارتباط نجم بالجزائر وارتباط الجزائريين به. موردا بأن الراحل "استطاع أن يجعلنا نستوعب معنى الوعي الثوري ضد أمريكا وضد الإمبريالية رفقة الشيخ إمام". وعن الدارجة المصرية التي دأب نجم على طبع أشعاره بها، قال ساري أنها "لم تشكل حاجزا بينه وبين محبيه من الجزائريين". مرجعا السبب في ذلك "لكثرة انتشار هذه اللهجة سنوات السبعينيات بالجزائر شبَّه الروائي الدكتور محمد ساري الشاعر الراحل محمد فؤاد نجم بالرئيس الراحل نيلسون مونديلا خصوصا ما تعلق بأفكارهما التحررية ودفاعهما عن البسطاء والمهمّشين ووقوفهما في وجه الظلم والاستعباد وإن اختلفت طريقتهما في ذلك فاختار مونديلا السلاح والمقاومة الجسدية لدحض الظلم اختار نجم الأدب والشعر أو الكلمة سلاحا لذلك قائلا: " مونديلا ونجم شخصيتان فذتان تلتقيان في خط الدفاع عن الإنسان وعن المستضعفين وعن "الغَلَابَى" ، كانتا شخصيتين تمقتان الظلم والميز العنصري" وبخصوص زيارة نجم الجزائر في السبعينيات قال عنها صاحب رواية " القلاع المتآكلة " أنّها فترة تعجُّ بالأفكار الثورية خصوصا الجامعة الجزائرية في تلك الفترة مضيفا" كان نجم والشيخ إمام ومضفر النواب والمطرب اللبناني مارسيل خليفة هي الشخصيات التي شكلت وعينا الثوري بحيث عرفنا ما معنى مسؤولية الكلمة " من جهة ثانية أقرَّ ساري أنه شخصيا كان منبهرا بشخصية نجم فرغم دخوله السجن إلا أنه واصل التحدي وبنفس القوة والعزيمة فلم تستطع جدران السجن كسر كبريائه وصموده وكفاحه ضد الدولة والنظام الجائر مضيفا " كان يغنِّي بتلك الروح التي تغني فوق الألم والظلم ويهزئ بكل هؤلاء الظُّلام والغريب أنَّه كان يهزئ بكل ذلك بنوع من الضحك الساخر لدرجة أصبح هو فوق الخوف وفوق السجن فأصبح يسافر إلى بلدان أخرى غير مصر ثم يعود ويسجن ويطلق سراحه فيخرج أقوى من المرة الاولى". القاصة نعيمة معمري: أشعار نجم أسطورة الزمان ومن جهتها قالت القاصة نعيمة معمري إنه "كان مكافحا ومناضلا من أجل الوطن ومن أجل الحرية. كما أن أشعاره من العمق بما يجعلها تمثل قضية إنسانية نعي من خلالها أن هناك أنظمة ظالمة ودكتاتورية" موردة بأن "أغاني وأشعار نجم غدت رمزا وأسطورة الزمان " وأنه بفضله "صار كل ما له علاقة بالحرية والنضال يرجع إلى شخصيته الفذة". الكاتب و الروائي أمين الزاوي إبداع فؤاد نجم كشف علاقة الأدب بالسياسة وقال الروائي أمين الزاوي أن نكت الشاعر احمد فؤاد نجم هي استمرار لشعره وما أتذكره أيضا انه كان يحب كثيرا الكاتب ياسين وجميلة بوحيرد ولا يقف التكلم عنهما . شخصية عبر الأجيال كلها وان الجيل الذي يبدأ في السياسية إلاّ وله علاقة بتجربة الشاعر فؤاد نجم فإسمه أبعد من تحديد الجيل لان في نهاية الإبداع اكبر يخترق الأجيال و الأعمار ففؤاد مدرسة لكل الأجيال فلما دخلت للجامعة كان هو مدرستي في تحديد العلاقة مابين الأدب والسياسة الشعر والممارسة لكن حتى الآن لا يزال صوته قائم في الجامعات العربية . ومن جهته قال صاحب "لها سر النحلة"ان الشاعر فؤاد نجم كان رمزا من رموز الكلام الموزون ليس الموزون إيقاعا بل الموزون سياسيا وحياتيا كذلك خصوصا وأن قصائده لا تخلو من الثورة، فجاءت قصائده حِمَم بركان تزلزل مشاعر كل سامعيها لدرجة أنه سجن عديد المرات بسبب شعره الذي لا يهادن.وبخصوص تأثير شعر فؤاد نجم في غير الجزائر فقد أكد الزاوي أن جامعات دمشق أيضا كانت ترتكز على تجربته الشعرية خصوصا ما تعلق منها بالشعر السياسي التحرري. وعرّج المتحدث في كلمته على جنازة الراحل التي كانت جنازة كل الشرائح فالشعب كله كان حاضرا، المتدين، والعلماني، والمثقف، والكاتب، والبطَّال، و"الغلابى "، والمهمَّشين فجاءت مراسيم التشييع مرآة لشخصيته المرنة والتي احتضنت كل شرائح المجتمع، وبالعودة إلى الحديث عن سمات الكتابة عند الراحل قال المتدخل أن نجم استطاع أن يطوِّع مادة اللغة في شعره فلم تعد تخيفه كما تفعل مع الأدباء الآخرين ذلك أنه ومهما كان مستوى اللغة المستعملة في شعره وهي اللغة المصرية العامية إلا أنها استطاعت أن تبلِّغ الرسالة وأن تنتج الفن وأن تنتج الأدب وأن تؤثر في القارئ مهما كان مستواه أو بلده.وصف الروائي أمين الزاوي صاحب رائعة "الخواجة الأمريكاني" بقوله إنه "استطاع أن يقرب المسافة ما بين الكتابة كفعل وممارسة" وهو الدرس الذي تعلمه منه شخصيا، وتلك –حسبه- هي " صفة المثقف النظيف والمبدع الذي عليه أن يقرب ما بين الخطاب الشعري والحياة اليومية".وقال الزاوي بأنه "لا يمكن أن نتحدث عن كاتب أو شاعر ثوري إلا إذا كان شعره يطابق أو يتماهى مع كتاباته و أشعاره" موضحا بأن الراحل "كان وسيبقى رمزا من رموز الكلام الموزون ثقافيا وأدبيا وسياسيا، وكان من أكبر المناهضين للحكام العرب، وهو بمثابة الزاد لكل التجارب بعلاقته مع الأدب و الثقافة". خاتما كلامه بالقول إنه "علمنا بأن اللهجة العامية هي لغة الإبداع ولغة التواصل، والأفكار فيها تكون أجمل وأقرب الفلسفات التي من خلالها نستطيع أن نوضح المعنى و نوصلها الى المتلقي وعلينا الإقتداء به للنهوض ومناهضة الأنظمة المستبدة.