توحدت أحزاب التيار الإسلامي داخل المجلس الشعبي الوطني، في مناقشتهم للمواد الأربع لمشروع قانون العقوبات، بضرورة تطبيق عقوبة الإعدام، حيث اعتبروا ذلك مطلبا شعبيا واستجابة لخطر اختطاف والاتجار بالبشر والأطفال، تصل حد قتلهم والتنكيل بجثثهم، وهو الأمر الذي رفضته باقي التشكيلات في اليوم الأول من النقاش، خاصة الأفافاس، حزب العمال والأفالان، الذين اعتبروا تطبيق عقوبة الإعدام أمرا غير مجد ولا يحل مشاكل المجتمع. وكان نائب حزب العدالة والتنمية وزملاؤه أوائل المتدخلين في جلسة المناقشة، أمس، حيث اعتبروا أن التعديل القانوني للمشروع مستنبط من التشريع الفرنسي. وانتقد الحزب عدم معاقبة ممارسي الدعارة، مشيرا إلى أه لم يتبق سوى تقنين النشاط ببطاقات مثلما هو الأمر بفرنسا، معبرا عن استيائه لتماشي الجزائر في المشروع وفحوى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، معتبرا ذلك تراجعا وليس تقدما، وقال إن المشروع يتنافى والمادة 2 من الدستور التي تقول إن الإسلام هو دين الدولة، ما يقتضي حسبه تطبيق القصاص. رئيس التكتل الأخضر، يوسف خبابة، قال إن المشروع هو نوع من الرضوخ للأطراف الدولية، ونوع من التكيف مع المتطلبات الخارجية وليست الداخلية، مضيفا أن التكتل يطالب بتطبيق عقوبة الإعدام، معتبرا أن اكتفاء المشرع بذكر المادة 263 دون النطق بالإعدام، هو في حد ذاته نوع من التراجع، الأمر الذي يحتم تطبيق الردع والإعدام الفعلي للمجرمين للتقليص من الإجرام في بلادنا، وتابع بالنسبة لمعاقبة المتسولين، أنه يتحتم وضع بطاقة وطنية للمتسولين وتعويضهم برعاية من وزارة التضامن، لأن العقوبة دون التعويض لا تعطي ثمارها، لأن المتسول يعود إلى نشاطه في حالة انعدام مصادر التمويل. وانتقد المتحدث امتناع المشروع عن إقرار عقوبات صريحة في حق ممارسي الدعارة، مع اكتفائه بإقرار عقوبات في حق مؤطري النشاط. وقال النائب إن المفهوم الجديد الذي أدخل على الإرهاب في المشروع هو نوع من تقييد الأحزاب والنقابات، مشيرا إلى أن المادة 87 مكرر تعرف الإرهاب وتعاقب عليه وتضم للنشاط المتصل بالإرهاب جميع أشكال التجمهر في الساحات العمومية، وأن هذا الأمر خطير جدا وانحراف، و ”نحن ندعو لإزالة هذه المادة”، واعتبر أن تناول التمييز الديني في المشروع هو مغالطة أخرى، لأن الجزائر لا يوجد فيها طوائف دينية أو أي أقليات عرقية أصلا، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح المجال للمنظمات الأجنبية التي تريد الاستثمار في هذا المجال مستقبلا، والتأسيس للقضايا. من جهته، ثمّن جلول جودي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمال، مشروع القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات، الذي تضمن كما قال بعض النقاط الإيجابية، إلا أن حزبه ضد إقرار نصوص المشروع على عقوبة الإعدام، كونها تتنافى مع الأعراف الدولية والإنسانية، معتبرا أن تطبيق الحكم على الجاني من نفس النوع وهي الإعدام، تعتبرا انتقاما ونزولا لمستوى المجرم، وطالب بإلغاء الحكم وتعويضه بأحكام ”حضارية”، وأكثر عقوبة كالحكم بالمؤبد، وأضاف أن الإعدام لن يساعد على تراجع مستوى الأجرام. وقال جودي إنه يجب تحديد العقوبات المناسبة لنوع الجرائم المرتكبة بعيدا عن تأثير أو ضغط شعبي متأت من حادثة معينة. حزب الأفافاس، وعلى لسان رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، أوضح أنه ”في جبهة القوى الاشتراكية نعتبر بأن هذا الموضوع حساس ومعقد ويستوجب نقاشا وطنيا واسعا يشارك فيه المجتمع بكل أطيافه من رابطات حقوق الإنسان وأحزاب سياسية ومجتمع مدني، للوصول إلى توافق يؤدي إلى المحافظة على الأرواح”، داعيا للكف عن التلاعب بمشاعر عائلات وذوي الضحايا لغرض تمرير قوانين قمعية، وخلص للقول إن ”جبهة القوى الاشتراكية تكرر مرة أخرى بأن النقاش حول عقوبة الإعدام يستوجب التمعن والهدوء، ونعتقد بأن طبيعة النظام السياسي التسلطي وعدم استقلال السلطة القضائية لا يسمحان بإجراء نقاش نزيه”. وأضاف مصطفى بوشاشي، في تصريح هامشي، أنه ضد عقوبة الإعدام، وأن المشاكل الاجتماعية تقتضي حلول اجتماعية وإعادة التربية والتأهيل، وليس الإعدام ”لأنه لم يحل الإشكال”، وعارض تطبيق المادة لأن الجزائر موقعة على اتفاقيات دولية.