صرّح المخرج اليوناني يانيس يولنتاس بأنّ الانتفاضات التي حدثت ببلاده قبل أربع سنوات كانت تصب بهدف التغيير على مستوى الحرية والعدالة وتغيير ذهنيات الأفراد من أجل بناء حياة أفضل للمجتمع اليوناني، لكن يعتقد بأنّ التغيير يجب أن يبنى أساسا على أخوة الشعب وتكافلهم قبل الوصول إلى الغاية المنشودة. قال المخرج والناشط الجمعوي الفرانكويوناني يانيس يولنتاس، على هامش عرض فيلمه الوثائقي الموسوم ب”لن نعيش كالعبيد”، في إطار فعاليات الفيلم الملتزم الرابع، بالجزائر، بأنّه حاول من خلال أطوار هذا العمل التطرق إلى مسألة الديمقراطية وحقوق الشعب المهضومة، رغم اختلاف الأنظمة التي تعاقبت على حكومة اليونان منذ القرن الماضي. مؤكدا في تصريح ل”الفجر” بأنّها لم تحقق النجاح المطلوب بل فشلت في جميع الميادين سيما الجانب الاقتصادي والاجتماعي، مما أدى إلى أزمة حادة كادت أن تعصف باستقرار البلد وتبعث به إلى النسيان سنة 2010. وبالتالي هذا ما أدى إلى اندلاع ثورة شعبية تطالب بالتغيير وبالمساواة والعدالة. وأشار المتحدث يانيس يولنتاس بأنّ الأزمة قبل أن تكون اقتصادية ومالية حسبما يظن الجميع، هي أزمة اجتماعية حدثت بسبب تفاقم عديد المشاكل منذ عدّة سنوات والتي أخرّت اليونان عن ركب أوروبا. واعتبر في السياق بأنّ ما شهدته اليونان من حركات اجتماعية شعبية هائلة في العاصمة أثينا وباقي المدن كانت بمثابة فرصة حقيقية للشعب من أجل تنظيم نفسه على أكثر من صعيد وتحديد مطالبه بهدف الخروج من ”حياة العبيد”، فمئات العمال تركوا مناصب شغلهم نتيجة الأزمة المالية الخانقة. ويؤكدّ محدثنا بأنّ مختلف التيارات الاجتماعية بما في ذلك العبثيين قد ساهم كل بطريقته للتعبير عن أفكارهم وإنسانياتهم، وعن حقوقهم، حيث دعا بالمناسبة إلى وضع الخلافات على الجانب والاهتمام والعودة إلى الدروس الماضية التي سجلها التاريخ حتى يستفيد الكل ويصحح أخطاءه دون أن يتشبث بالمصالح سواء الحكومة التي فشلت في إرساء نظم وأسس صحيحة لعيش رغيد للمجتمع اليوناني أو الشعب الذي يجب عليه أن يتحد ويقف متحدا حتى يحقق التغيير المنشود. وتابع المتحدث يانيس يولنتاس في معرض حديثه بأنّ التغيير الراديكالي الذي يعتبره أخوة وأحاسيس قبل أن يكون حرية وعدالة لابد أن يكون بالإرادة وتحرير الخيال. في السياق نقل فيلم ”لن نعيش كالعبيد” أهم المجالات الحيوية التي مستها الأزمة المالية في اليونان على غرار الشغل الذي أصبح نادرا لدى حتى أهم طبقات المجتمع، لينعكس ذلك على تدريجيا على الحياة اليومية للمواطنين الذين أصبحوا يتخذون من الساحات العمومية وأبرزها نهج التحرير بأثينا مستقرا لهم يقيهم من برودة الشتاء ورطوبة الأجواء، ومتسعا للتغبير عن مختلجاتهم من خلال تلك اللافتات التعبيرية والرسومات الجدارية التي تبرز عن الروح التحررية لهذه الطبقة الاجتماعية، ليعرج بعدها إلى مختلف الجوانب الفنية والأدبية التي مستها تلك الأزمة الاقتصادية، وهذا بدأ من صناعة الكتاب وكذا المسرح الذي اتخذ من لهجة المقاومة موضوعا له للخروج من ذائقته المالية، هي 89 دقيقة، صورت تأثير الأزمة الاقتصادية في اليونان، على العديد من الشهادات الحية من خلال تقديم شهادات حية لناشطين وحقوقيين وعمال عايشوا تلك الفترة المؤلمة، حيث أظهرهم المخرج أحيانا في تلك المشاهد المسجلة التي اتخذت فيها الكاميرا زاوية النظر الاعتيادية لكي يستطيع أن يترك بين أيدينا العديد من المعاني والدلالات التي تضفي على زاوية التصوير قوة بلاغية وتأثيرية فائقة الروعة. كما تخللت القصة المقاطع الموسيقية المعبرة عن حجم المعاناة اليومية لجمهور المتظاهرين ضد السياسة الاقتصادية والحكومية لليونان، على غرار ”تخيل” و”سيري غونتير”، ”جون فرنسوا بريون” و”راوول فانيجم” وغيرها.