كشف المخرج الفلسطيني خالد جرار عن الوضع المأساوي للعديد من الفلسطينيين الذين يسعون بكل الوسائل الممكنة للتسلسل عبر مركز الحراسة الحدودية وعبر جدار القدس الذي شيده الجيش الإسرائيلي بعلو 7 أمتار، بهدف العبور إلى إسرائيل لتفقد حالة الأسرة والأقارب رغم المخاطر والقمع الذي يتعرضون له لحظة تسلق جدار العار. صورة مؤثرة وجدّ محزنة، ستبقى راسخة في أذهان شعوب العالم ووصمة عار على جبين الحكومات العربية التي لم تتدخل لإنقاذ الموقف والتعدّي الإسرائيلي الصارخ على حقوق الشعب الفلسطيني المهضوم، تلك التي رصدها المخرج خالد جرار في فيلمه الوثائقي الموسوم ب”المتسللون” الذي عرض، أول، أمس، بقاعة الموقار، بالعاصمة، ضمن فعاليات الطبعة لمهرجان الجزائري السينمائي للفيلم الملتزم، حيث استطاع أن يتجول بكاميرته ويقدم حقائق مرّة لا تصنعها إلا الدولة العبرية وزمرة جنودها الأنذال. حينما صورت عدسات الكاميرا التي كان يحملها على كتفه ليلا ونهارا ضحى وعشية، كيف يتسلل الفلسطينيون أبناء الضفة الغربية إلى مدينة القدس وما ذا يستعملون من وسائل للعبور للقاء ذويهم أو للصلاة في المسجد الأقصى، حيث يرو يف يفيلمه الذي جاء في زمن قدره ”70 دقيقة”، حياة سيئة وواقعا أسوء لشباب ونساء وكهول ذنبهم الوحيد أنّهم يريدون رؤية على الأقل وجوه أسرهم. كما يبرز شكل الفرد الفلسطيني الجديد الذي يبحث عن دروب ممكنة للحياة، حتى و إن كلفه ذلك حياته، فحسب الشهادات التي رواها شباب فلسطيني متسللون قالوا بأنّ ”لا وجود لاختيار أخر سوى التسلسل”، وهذا يحيل إلى أن الأمر حتمي وضروري ولا يبالون بحياتهم مادام الوضع مزري والقمع ساري على النفس والنفيس. إضافة إلى خطر الموت فهم يدفعون مقابل عبورهم أموالا مختلفة القيمة لسماسرة استغلوا الفرصة وبات عملهم هو نقل المتسللين وآخرون يقفون عن الجدار ويمسكون المال من يد من يريد التسلل عبر الجدار سواء بالصعود من فوقه او من تحته حيت توجد بعض الفتحات، هي حالات يومية تعاش تحت الجدار ليلا ونهارا حيث إسرائيل تضع جنودها يترقبون أدنى حركة ليطلقوا إما كلابهم أو رصاصهم الغادر. اشتغل الفيلم على عمل كاميرا، متنقلة، ترصد خطى المتسللين، لا تهمها الوجه أو من يكون الشخص المتسلل، بل ما يهمها هو الطريقة والحالة العامة، وال مجال للبحث عن تصوير زاوية مناسبة، لأنّ أوضحه الفيلم بأنّ التصوير بالكاميرا كان صعبا للغاية، سواء من حيث خطورة الموقف، أو التعامل مع الجيش الإسرائيلي الذي كان يسأل عن هوية المصورين، هل هم أجانب أم فلسطينيين. حيث تختلف اللهجة وفق كل جهة إعلامية. وفي السياق أكدّ جرار بأنّ مشروعية”التسلل” بطريقة باعتبار أنّ الالتزام بقوانين الرخص المستخرجة من الإدارة الاستعمارية، لا يجدي نفعا، أمام السلوك المتعمد للجنود بمنع الجميع من دخول القدس.