بعد عرضهما أول أمس في إطار المنافسة الرسمية لمهرجان الجزائر الدولي للسينما في طبعته الرابعة بقاعة الموقار، خصصت أمس بذات القاعة حلقة حوار و نقاش للحديث عن الفيلمين الوثائقي وهما الفيلم الفلسطيني «المتسللون» « للمخرج خالد جرار، والفيلم الصربي «سينما كومونيستو» للمخرجة ميلا توراجليتش، بمشاركة المنتج سامي شنعة ليمثل طاقم العمل الفلسطيني نيابة عن المخرج الغائب. المنتج سامي شنعة قال في ندوة صحفية أنه أنتج الفيلم الوثائقي للحديث عن الجدار العازل أو جدار العار الذي يعزل الشعب الفلسطيني عن الأراضي في فلسطينالمحتلة التي يقطنها الإسرائيليين وتحدث المنتج عن العراقيل والمشاكل التي رافقت تحقيق إنجازه لمشروعه الثوثيقي حيث إستغرق سنوات لتجسيده. وأشار المنتج سامي وشار سامي شنعة بخصوص الفليم الدي أنتجه « المتسللون « ، أنه استغرق أربع سنوات لانجازه، وترجع فكرة إنجازه لتناول مجموعة من القصص حول منطقة الجدار الإسرائيلي وتحوله لفضاء من الوقائع التي تدور حوله وأكد المنتج أن التصوير المنزلي والحركة العشوائية خدمت الموضوع بحيث أكسبته مصداقية وواقعية أكثر، وأوضح أن الجدار يمثل الشخصية الرئيسية للفيلم وتم جمع مختلف القصص التي تروي محاولات الفلسطينيين التسلسل عبر الجدار، وقد بلغ العمل مرحلة متشبعة من المادة المتمثلة في 6 ساعات تم استخلاصها من 50 ساعة تصوير، وتم الاستعانة بمركب بلجيكي ومهندس صوت من السويد لوضع الحبكة المناسبة لسير سيناريو الفيلم وبخصوص عنوان الوثائقي قال سامي شنعة أن «متسللون» وصف أطلقه الإسرائيليون على كل فلسطيني يريد المرور إلى القدس وبشتى الطرق المتاحة والمستحيلة ، فهو يقوم بفعل التسلل وحسبه العنوان دو صبغة إستفهامية ، لأبرز كيف يكون أهل البلد متسللون إلى أرضهم. وعن السينما في الدويلات الجديدة المنبثقة عن إنقسام يوغسلافيا ، نفت المتحدثة وجود أفلام وطنية، عدا تلك المنتجة في إطار الشراكة ، أو السينما التي ورثت من مؤسسي و المخرجين ذوو الجنسية اليوغوسلافية، وأضافت أن هذه الانتاجات المشتركة تحاول أن تدرك النقص الحاصل بما في ذلك بلدها صربيا وعن التتويج الذي ناله الفيلم في مختلف المهرجانات، أكد أنه يرفض التتويج كون الفيلم فلسطيني فقط، وقد حدث وأن حاز على جوائز لهذا السبب، ولكن الفيلم فاز بجوائز لأنه عالج قضية إنسانية بشكل يستحق التنويه والتتويج من جهتها المخرجة الصربية ميلا توراجليتش، استعرضت تاريخ السينما اليوغسلافية بحنين وغضب متشابك، وقالت أن الانقسام الذي حدث ليوغسلافيا أسفر عن حالة اجتماعية واقتصادية مزرية وتراجع ، وأنه لم يعد هناك ما نفتخر به وبكثير من الحسرة والأسف، تحدثت ميلا عن ما فعله الرئيس جوزيف بروس تيتو للحفاظ عن الذاكرة التاريخية ليوغسلافيا عن طريق السينما حيث تم انجاز أكثر من ثمانية ألاف فيلم في عهده إلى غاية وفاته سنة ,1980 وبعد التقسيم تم مسح التاريخ فقد تغيرت أسماء المدارس وتبدلت بطاقات التعريف في كل تلك الدول صربيا، البوسنة، كوسوفو، مونتينيغرو. ويغوص الفيلم الوثائقي للمخرج خالد جرار كاميرته من خلال حركة تسلل الفلسطنيين الباحثين عن فجوات في الجدار العازل الذي شيدته السلطة الإسرائيلية لتحول بين أهالي الضفة الغربية و القدس ونلج عبر الوثائقي من 70 دقيقة، عنوانه «المتسللون» وبعيدا عن الصورة النمطية المستهلكة بفعل الصور الإعلامية المعروضة عبر مختلف الفضائيات العربية أو الأجنبية، يقدم الفيلم شكلا جديدا للمواطن الفلسطيني الذي يبحث عن دروب ممكنة للحياة، حتى و إن كلفه ذلك عمره: « في كل الأحوال نحن نعيش حياة صعبة، و الخطر في حالتنا لم يعد يعني لنا الكثير»، على حد قول أحد الشباب الذين صورتهم كاميرا جرار ليلا، و على أهبة صعود جدار العار الإسرائيلي، للمرور إلى الجهة الأخرى، حيث أما الأهل أو الشغل أو الرغبة في زيارة المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة أو غيرها و هي الغاية التي تدفع لأجلها مبالغ مالية متراوحة القيمة، يتلقاها أشخاص احترفوا في السنوات الأخيرة مهنة إيصال «المتسللين» إلى المنافذ الموجودة على الجدار، لاجتيازه أو العبور تحته أو فوقه و لا فرق بين الرجل و المرأة عندما يتعلق الأمر بالإصرار على الغدو هناك، حيث إسرائيل تضع جنودها يترقبون أدنى حركة ليطلقوا إما كلابهم أو رصاصهم الغادر. بكثير من الحساسية، اشتغل الفيلم على نبض لحظة التسلل، لهذا جاءت حركة الكاميرا مهزوزة، تركض تنخفض و تتسلق جدار من 7 أمتار ارتفاعا، على كتف مصورها يتتبع خطى المتسللين، لا يهمهم من يكونون، الوجوه لا تعني شيئا الآن، المهم ما يقومون به. لا مجال للبحث عن زاوية مناسبة هنا، الموضوع أقوى من الشكل الجمالي كله، و الليل الذي يلج النهار يتطلب تحويل العدسة إلى نمط يتلاءم و الظلام بدا جليا أن التصوير عرف صعوبات جمة، سواء من حيث خطورة الموقف، أو التعامل مع الجيش الإسرائيلي الذي كان يسأل عن هوية المصورين، هل هم أجانب أم فلسطينيين حيث تختلف اللهجة وفق كل جهة إعلامية كما ينتمي الفيلم إلى نوع الأفلام التجريبية و الوثائقية ذات ميزانية المنخفضة إلا أنه استطاع حصد جوائز معتبرة في محافل سينمائية دولية على غرار مهرجان دبي السينمائي الأخير وهو إذ يلبي الحاجة إلى الواقع، يصور الفلسطينيين خلال مرورهم من الضفة الغربية إلى القدس، عبر ودون الجدار الذي يقسم هذه الأرض والذي يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار. كانت العتمة هي المجال الزمني لحكاية التسلل اليومي الذي يسعى فيها فلسطينيين من كل الأعمار و الأجناس، اختراق جدار العنصرية و القمع، حتى الخبز يمرر من فجوات ذلك الحاجز الإسمنتي المسلح، 1000 قطعة خبز تتسلل هي الأخرى على مدار ساعتين، ليأكل الأهل في القدس، بعد أن منعت إسرائيل المؤونة عليهم هذه المرة قام جرار بالتأكيد على مشروعية التسلل بتلك الطريقة اللاانسانية، و كيف أن الالتزام بقوانين الرخص المستخرجة من الإدارة الاستعمارية، لا يجدي نفعا، أمام السلوك المتعمد للجنود بمنع النساء و الرجال و الأطفال من دخول القدس، و احتجازهم في المعابر الرسمية لساعات دون جدوى.