يقال إن المرأة بمجرد زواجها تصب اهتمامها مباشرة على أسرتها ويتغير مركز اهتماماتها من نفسها إلى عائلتها، خاصة عندما يأتي الأطفال، حيث تطغى غريزة الأمومة على كل الاهتمامات الأخرى عندها. بمجرد أن تنجب المرأة طفلها الأول تتنازل عن الكثير من الاهتمامات التي ستنزل إلى منزلة الكماليات، وتصير المرأة كل وقتها ونفسها واهتماماتها رهن إشارة طفلها، فتمرض لمرضه وتجوع لجوعه وتطوّع وقتها ليسع فقط الأبناء. و قد لا يخطر على بال أحد أن المرأة قد تتنازل عن حلم أطفالها من أجل أحلامها هي.. لكن الواقع يقدم لنا نماذج وأمثلة عن نساء تنازلن عن حلم الأمومة بسبب ضغوطات الحياة اليومية، وصعوبة الظروف هي التي تدفع نساء إلى هذه الوضعية، خاصة أن الوضعية الاقتصادية الصعبة لا تشجع كثيرا من النساء على البقاء في البيت والتفرغ لتربية الأولاد. لهذا نجد النساء، خاصة العاملات منهن، أمام خيارين إما التنازل عن حلم الأمومة أوالبحث عن يد المساعدة لدى الأهل والأقارب، وفي مقدمتهم الأمهات والأخوات. وغالبا ما تفضل الأم الجديدة أن يتربي ابنها أو بنتها عند والدتها، لأنها حينها تكون متأكدة أن ابنها سيكون في حماية وأمان من جهة، ومن جهة أخرى لأنها تعلم أن التربية التي يتلقاها الطفل على يد جدته تضمن له توفير قاعدة أخلاقية وسلوكية سليمة وتضمن عدم انحرافه.. كما أن الأم لا يبقى بالها مشغولا على صغيرها.. وهذا اعتراف ضمني بدور الجدات في تربية الأطفال. ورغم أن هذا الدور تراجع اليوم بفضل التأثيرات التكنولوجية ووسائل الاتصال الحديثة التي فرضت العزلة على أفراد العائلة الواحدة، كما فرضت ضغوطات الحياة على الأسرة الصغيرة الاستقلال بأفرادها، لذا نجد عادة الجدات ينتقدن أجيال اليوم التي لا تحسن التربية أو العناية بالطفل، لأن تلك الأبجديات - حسب الأمهات - تتعلمها النساء وهن شابات في المحيط العائلي عن طريق الأم التي تنقلها لابنتها. لكن من جهة أخرى نجد أن الأمهات الشابات عادة ما يبررن اشتراطهن لإنجاب طفل عناية الأم أو قريبة أخرى لأنهن لا يجدن مربيات قادرات على القيام بهذا العمل ورعاية الأطفال بطريقة جدية، فحوادث المربيات مع الأطفال تكشف عن تسيبات بل جرائم في حق الأطفال. المربون والمختصون من جهة أخرى يلقون اللوم على الأسرة لأنها تنازلت عن تربية أبنائها للشارع ووسائط الاتصال، تحت ذريعة ضغوطات الحياة، ويبررون ذلك بكون المدرسة وحدها لا تكفي لصناعة طفل في المستوى.