"أميار" يضربون التعليمة عرض الحائط ويلهثون وراء رفع المداخيل مؤشر حالات الربو يرتفع ب 3 أضعاف بالعاصمة تعاني اليوم العائلات القاطنة بالمناطق الصناعية للعاصمة الأمرين في ظل المشاكل الصحية والبيئية التي تسببها هذه الأخيرة، رغم إصدار الجهات المسؤولة تعليمة تقضي بمنع تشييد أي مصانع أخرى بمحاذاة الأحياء السكنية، إلا أن الخروقات القانونية والتلاعب بالعقار وغيرها من الممارسات ”الفاسدة” ضربت محتوى التعليمة عرض الحائط على حساب المواطن الضعيف. ورغم تحرك الجهات المعنية بإعلانها إعادة تهيئة المناطق الصناعية الموزعة عبر عاصمة البلاد، نظرا للمشاكل الكبيرة التي تتخبط فيها من جهة ومدى تأثيرها على المواطن في ظل الغياب الكلي للتهيئة بين عجز مؤسسة ”جيستيمال” المكلفة بمهام التهيئة على مر السنين، إلى جانب سوء التسيير وانعدام التنسيق الذي قد يجعل الدولة تسعى في قراراتها الارتجالية إلى تنظيم أقطابها على خطى الدول المتقدمة التي تصنف مناطقها بين سياسية واقتصادية، أي الفصل بينها كليا وتوزيع عواصمها، مثلما حدث بالدول المجاورة التي فصلت عواصمها السياسية عن الاقتصادية.. وهو ما يطرح التساؤل كذلك عن عدم تحرك الجهات المسؤولة لإعادة تهيئة المناطق الصناعية رغم المناشدات العديدة لمسيري المصانع نتيجة الحالة الكارثة التي تتواجد عليها؟. وإن كان تحرك الجهات المعنية يقضي بمراعاة الصورة الجمالية لهذه الأقطاب الاقتصادية.. فما هو مصير أكثر من 10 آلاف عائلة تتنفس الهواء الملوث منذ أزيد من 20 سنة؟. سكان المناطق الصناعية يدفعون ضريبة تحويل العاصمة إلى مركزية مطلقة تطرح المناطق الصناعية بعاصمة البلاد العديد من التساؤلات بالنظر إلى عديد المشاكل التي تسببها، خاصة أن أغلب العائلات لاتزال تدفع ثمن مهزلة عدم التنظيم وتحويل عاصمة البلاد إلى مركزية مطلقة، حيث تنفرد دولة الجزائر بهذا التنظيم من بلدان دول العالم الثالث مقارنة بالدول المجاورة.. هذه الإستراتيجية ”الهمجية” تسببت في العديد من المشاكل وأدت إلى فوضى عارمة لم تستطع بعد الجهات المعنية حلها منذ أكثر من عشرية، رغم التجارب العديدة والمشتركة بين دول أجنبية في المجال، إلا انها لم تأت بنتيجة امام اعتماد المسؤولين مبدأ ”الربح فوق كل اعتبار”. وإذا عدنا إلى تفاصيل معاناة الأحياء السكنية القاطنة بمحاذاة المناطق الصناعية، على غرار حي سليبة ووادي السمار وحوش مريم ببراقي والرغاية والرويبة، مئات العائلات تتخبط بأمراض صحية تنفسية صعبة نتيجة الإفرازات السامة لهذه المصانع إلى جانب الغياب الكلي لعمليات التهيئة من الطرقات وقنوات الصرف الصحي وانقطاع مياه الشروب بكثرة خلال فصل الصيف، لأن قنوات المياه تشترك وهذه المصانع مع السكان، فضلا عن منع العائلات من فتح النوافد للتهوية نظرا للغبار المتطاير والدخان المتصاعد رغم الجهود المتظافرة والمبالغ المالية التي هدرت، إلا أن ذلك لم يجد نفعا بالنظر إلى حجم المشاكل التي لاتزال عالقة. السلطات تفكر في الشراكة الأجنبية على حساب السكان وبما أن المناطق الصناعية بدت أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى إعادة تهيئة شاملة وسريعة، بعدما تدهورت أوضاعها على كل المستويات في السنوات الأخيرة، خصوصا في ظل الشكاوى العديدة التي قدمتها العديد من المؤسسات من أجل تعزيز الأمن لحماية العمال بالدرجة الأولى في ظل الانتشار المخيف للاعتداءات، قررت الجهات المسؤولة مؤخرا الشروع في مخطط واسع لإعادة تهيئة المناطق الصناعية، والانطلاقة ستكون من الرويبة والرغاية (شرق الجزائر العاصمة) التي تضم حوالي 250 مؤسسة عمومية وخاصة، حيث تستحوذ على حوالي 1000 هكتار يبلغ بها عدد مؤسسات القطاع العمومي 79 مؤسسة تحتل مساحة 784 هكتار ومؤسسة 163 مؤسسة بالقطاع الخاص بمساحة 156 هكتار، وباقي المناطق الأخرى المتواجدة بإقليمها كمنطقة وادي السمار التي تتواجد بها حوالي 520 مؤسسة تتربع على حوالي 5،4 كلم مربع بين مؤسسة عمومية وخاصة، وعدة مناطق أخرى تلي الترتيبين، كبراقي والشراڤة، وتنشط ضمن نسيج صناعي مؤطر. ويعتبر مشروع عصرنة هذه المناطق في إطار التوجه الجديد الحكومي الرامي إلى تجهيز المناطق الصناعية عبر الوطن بشكل أفضل، حتى تكون متكيفة مع المقاييس الدولية وتتلاءم والطبيعة السكنية التي تتواجد فيها أغلب مناطق النشاط، حيث يتمثل المشروع في تأهيل شبكة التطهير، لاسيما من خلال أشغال التنظيف واستحداث أشطر جديدة بعد إنشاء وحدات جديدة في هذا الفضاء، إلى جانب إنشاء شبكة للتفريق بين المياه المستعملة ومياه الأمطار، وتزويد المنشآت القاعدية لهذه المنطقة بشبكة خاصة بمكافحة الحرائق مزودة بكافة التجهيزات، والتجديد الكامل لشبكة الإنارة في إطار عملية إعادة التأهيل. وتتمثل الأعمال الأخرى المدرجة في إطار المخطط الجديد لشركة التسيير العقاري للجزائر العاصمة، في تهيئة الفضاءات المخصصة لتوقف السيارات، وإنشاء محطات للرفع بالإضافة إلى ربط المنطقة الصناعية عبر محول بالطريق الاجتنابي الثاني للجزائر العاصمة، من أجل ضمان أفضل استفادة من هذا الفضاء الاقتصادي الذي سيزود بنظام مراقبة عن بعد بهدف تأمين المداخيل. وإن كان محتوى المشروع إيجابيا ويهدف لرفع المداخيل الجبائية، إلا أن الأمر غير منصف مقارنة بتجاهل معاناة أكثر من 10 آلاف عائلة، حيث عجزت الجهات المعنية عن إنقاذ السكان من الإفرازات السامة وتشديد الرقابة على تطبيق التعليمة التي أصدرتها منذ مدة، فمنطقة وادي السمار لوحدها تعززت بحوالي 20 مؤسسة جديدة جعلت سكانها يعانون من مشكل إفرازات المنشآت الصناعية التي تهدد الصحة العمومية والبيئية. ورغم استحسان البعض لهذه المنشآت فيما يخص التخفيف من مشكل البطالة، إلا أنها مع مرور الوقت أضحت هاجسا لما تشكله من خطر على صحتهم. 8000 نسمة بحي علي صادق 2 ببرج الكيفان تطالب بإزالة مصنع الزفت من جهتهم حاول سكان حي علي صادق 2 ببلدية برج الكيفان بالعاصمة، المقدر عددهم ب8000 نسمة، إيصال صرختهم إلى الرأي العام عن”الظلم” الذي يتعرضون له في ظل غلق أبواب الحوار حول معضلة مصنع الزفت التي شيد داخل الحي الذي يحوي مدرسة وابتدائية قريبة منه على بعد 40 م، بالإضافة إلى مسجد وملعب للأطفال، مع العلم أن هذا المصنع التابع لولاية الجزائر شيد بطريقة غير قانونية وتم توقيفه من طرف الوالي السابق بسبب شكاوي السكان.. غير أنه مع عودة الوالي الجديد عبد القادر زوخ، أمر بإعادة فتح المحطة وأعطى أوامر للقوة العمومية لحماية المصنع، الأمر الذي أحدث نار الفتنة بين السكان وقوات الأمن وأسفرت عن تسجيل جرحى وحالات إغماء، وهو الوضع الذي تعرفه العديد من المجمعات السكنية التي فرضت عليها مؤسسات رغم عدم ملاءمة المكان لوجود هذه المنشآة الصناعية. ربو وحساسية جراء غياب خطوة جريئة للحد من التلوث يعاني أغلب السكان القاطنين بالقرب أو داخل المؤسسات الصناعية من أمراض الحساسية والربو، بسبب التلوث الذي تعرفه المنطقة من كل الجوانب والناتج عن وجودها وسط العديد من الشركات ما جعلها بؤرة للتلوث، ما انعكس سلبا على صحة السكان بمختلف أعمارهم. ورغم المجهودات التي تبذلها بعض هذه الشركات من أجل الحد من تلوث المناطق المحيطة بها من خلال اعتمادها أحدث التقنيات والوسائل في عمليات التصفية، ومطالبة المجتمع المدني بإيجاد الحلول التي يمكن أن تحد من تضرر السكان من هذا التلوث الذي يضر بصحتهم، إلا أن الوضع لم يتغير في غياب خطوة جريئة يشارك فيها جميع المتدخلين والفاعلين الاقتصاديين للحد من تلوث المناطق الصناعية. وأجمع أغلب سكان هذه المناطق أن المكان غير مناسب لعيش حياة صحية، بسبب الروائح الكريهة المنبعثة منها، بالإضافة إلى الغبار الأسود الذي يبدو جليا على شكل حبيبات سوداء فوق الملابس. هذه البقع تبين بوضوح ما يحمله الهواء من تلوث يتسبب لسكان هذه المناطق في أمراض الحساسية والربو التي زادت حدته خلال السنوات الأخيرة، حسبما أكدته الاحصائيات الاخيرة التي أثبتت أن حالات الربو وسط مناطق النشاط ارتفعت ب 3 أضعاف. ”أميار” يضربون التعليمة عرض الحائط ويلهثون وراء رفع المداخيل وجد رؤساء بلديات العاصمة التي تحوي مناطق نشاط أنفسهم في مجابهة مشاكل جمة مع المواطن، الذي يطالب اليوم بردع الخطر عنه من خلال نقل المناطق الموجودة وسط مجمعات سكنية إلى أماكن أخرى تسمح بممارسة النشاط الاقتصادي.. غير أن تزايد عددها اليوم جعل المسؤوليين المحليين في حيرة من أمرهم، خاصة بعد إصدار التعليمة التي تمنع إنجاز منشآت صناعية وسط مجمعات سكنية، غير أنها ضربت عرض الحائط أمام رغبة الكل في تحقيق المداخيل ولو على حساب صحة المواطن.. دون الحديث عن التلوث البيئي الناجم عن هذه المنشآت، والتي يمنع فيها النظام القانوني لحماية البيئة طريقة تسيير بعض المنشآت التي تفتقر للتصفية، التي نجمت عنها منذ حوالي سنتين بوادي السمار كارثة حقيقية نتيجة الروائح المنبعثة من المصانع، على غرار مصنع الخميرة الذي كان مصدر خطر للسكان لولا التدخل الفوري للسلطات بسن إجراءات ردعية ضد صاحب المصنع.. إلى غاية أن وضع المصفاة، وهو الإجراء الذي فرض على أغلب المصانع والمؤسسات الصناعية. غير أن السؤال المطروح اليوم أين هي التعليمة اليوم من تزايد عدد مناطق النشاط وسط الأحياء السكنية. قال حسان بوغرارة، رئيس بلدية وادي السمار، إن وجود مناطق صناعية بقلب مجمعات سكنية يولد متاعب أخرى، حيث يرجع السكان منطقة وادي السمار عمليات التهيئة إلى البلدية، لكن المشكل يبقى خارج نطاقها، لأنها تقع داخل هذه المناطق التي تتكفل بها مؤسسة سيجيتال، غير أن هذا لا يمنع - حسبه - من التكفل بتهيئة المنطقة الصناعية إن سمحت السلطات الوصية بذلك.