تستعد جمعية ثافسوث لمنعة، لإحياء عيد الربيع أو ”ثافسوث” في الفترة الممتدة بين 62 فبراير الحالي والفاتح من مارس المقبل. التظاهرة التي اعتادت الجمعية المحلية ”ثافسوث” تنظيمها سنويا تهدف إلى إعادة الاعتبار لجزء كبير من التراث الأمازيغي غير المادي بتنظيم موائد مستديرة ومعارض وأمسيات فنية وثقافية، هدفها إبراز غنى وثراء هذا التراث. طبعة هذا العام ستنظم بالتعاون مع عدة جمعيات، أمثال جمعية الأوراس للتنمية الإجتماعية وجمعية التنمية المستدامة ”أشمول” لباتنة. وستشهد هذه الطبعة، على غرار كل الطبعات السابقة، تنظيم محاضرات حول تدريس الأمازيغية بين الأمس واليوم، حيث ينتظر أن تتناول المحاضرة عراقيل تدريس اللغة الأمازيغية والمشاكل التي تصادفها في المدارس والمؤسسات التربوية. ومن أبرز تلك الإشكاليات، إشكالية الحرف وتكوين الإطارات وأساتذة هذه اللغة. في ذات الإطار تشهد كل من دار الشباب لمنعة والثانية عروض مسرحية وأمسيات شعرية وأدبية باللغة الأمازيغية تدور حول الثقافة الأمازيغية، من بينها محاضرة حول قراءة أشكال زخرفة الفضة في منطقة الأوراس ومحاضرة أخرى تبرز تقاليد ثافسوث عند نساء الأوراس، لأن النساء عادة هنا الحاملات الرئيسيات لثقافة أي بلد. على هامش التظاهرة أيضا تشهد منعة مجموعة من معارض فنية وتقليدية مفتوحة على الجمهور، زيادة على معارض كتب تهتم بالثقافة واللغة الامازيغية. على الهامش هذه التظاهرة الثقافية تنظم جمعية ثافسوث رحلات ميدانية للمعالم السياحية والتاريخية التي تزخر بها منعة تكون مرفقة بأطباق فنية تقليدية من عمق تراث الأوراس. ويأتي إحياء مهرجان ثافسوت ليعيد للواجهة جزء من تراث بلدنا الذي دأبت الجماعات البشرية على إحيائه على مدى سنوات وعقود، وهو يحمل مدلولا ثقافيا واجتماعيا كبيرا يعكس مدى العمق الحضاري للجزائر، حيث يعكس هذا التقليد الذي تحييه عدة مناطق من الوطن، مثل أعالي القبائل وبرج بوعريرج ومنطقة سطيف وغيرها، أبعادا اجتماعية تقوم على التلاحم وغرس ثقافة حسن الجوار حيث يستحضر عيد ”ثافسوث” ارتباط الإنسان بأرضه، إذ يرتبط التقومي الأمازيغي بالسنة الزراعية الجديدة التي يحتفل بها في كل 28 فيفري من كل عام. وتكتسي هذه المناسبة قداسة اجتماعية واقتصادية كبيرة على المستوى الاجتماعي. يعد هذا الموسم مناسبة مهمة لتسوية النزاعات والصراعات بين العائلات وحل جميع الاختلافات، حتى تبدأ السنة الزراعية في مناخ اجتماعي سليم، مع العلم أن نمط الإنتاج يتركز على العلاقات الاجتماعية ”التويزة”، وما يرافق هذه التظاهرة من مظاهر الإنتاج المحلي من فنون وحرف التي تجعل الاجتماعي يرتبط بالاقتصادي. وحسب القائمين على جمعية ”ثافسوث” لمنعة التي تحيي سنويا هذا الحدث، فإنها ترغب في إعطاء هذا الحدث بعدا وطنيا لكن في الوقت الحالي. يبدو هذا غير ممكن في ظل انحصار الإمكانيات، ودعت بالمناسبة السلطات المعنية إلى ضرورة حماية التراث الموجود في المنطقة والمصنف في قائمة التراث الثقافي الوطني. ورغم ذلك فهو يعاني الإهمال واللامبالاة، مثل الزاوية القادرية التي تقع في قلعة يزيد عمرها عن 10 قرون. وجدد المنظمون دعوتهم لضرورة منح هذه التظاهرة ما تستحقه من اهتمام ورعاية. والجدير بالذكر أن مهرجان عيد ”ثافسوث” ولد من رحم النضال اليومي للحركة الجمعوية والشبانية للمنطقة التي عملت على مدى عقود وسنوات على إبراز تقليد استقبال الربيع في منطقة منعة والأوراس عامة، التي اعتادت تنظيم هذه التظاهرة سنويا في شكل مهرجان تشارك فيه العائلات والأسر بإخراج ”الزرابي” وبسطها في الحقول وتحضير عدة أطباق تقليدية، مثل الحلوى التي تحضر من العسل واللوز والشخشوخة وغيرها، إضافة إلى الألعاب الشعبية والرياضة التقليدية مثل ”ثاكورث” التي تشبه رياضة ”الهوكي”، وغيرها من المظاهر الثقافية والاجتماعية التي تستحق من القائمين على السياحة والثقافة، خاصة وزارة الثقافة الالتفات إليها وترقيتها إلى مصاف المهرجانات الوطنية، خاصة أن الوزارة استحدثت ما لا يقل عن 200 مهرجان بين وطني ودولي لمختلف مكونات الثقافة الجزائرية يستحق احتفال استقبال الربيع أن يضاف إليها بما يشكل من محمول ثقافي واجتماعي ثري، وما يمكن أن يدره على المنطقة من فائدة ثقافية وسياحية يمكن أن تكون مستقبلا واجهة للاستثمار الاقتصادي أيضا.