فتح مجلس المحاسبة تحقيقا معمقا في مشروع إنجاز مساحة خضراء وفضاء للترفيه بولاية وهران، بعد ورود معلومات تشير إلى تلاعب في منح صفقة إنجاز المشروع. وحسب مصادر تحدثت ل”الفجر”، فإن ولاية وهران، سلمت المشروع ل13 مُقاولا بصيغة التراضي، مُتجاهلة بذلك المناقصة التي أعلنت عنها في وقت سابق. وتضيف المصادر أن كل مقاول تحصل على ”غنيمة” لا تقل عن 1.3 مليار سنتيم، قبل فتح أظرفة المُناقصة، وهو ما يُعد خرقا صارخا لقانون الصفقات العمومية، ويطرح أكثر من سؤال حول دوافع وبواعث اللجوء إلى توزيع الغنيمة بهذا الشكل. قالت التحقيقات الأولية إن الأرضية التي أقيم عليها المشروع، سبق لوالي وهران محمد بوضياف، أن تصرّف فيها، بمنحها لأحد الخواص ليقيم عليها ما أسماه أنها ”حديقة أحلام”، والذي قام بتسييجها بصفائح حديدية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة العديد من المواطنين الذين احتجوا عبر رسائل موجهة للسلطات العليا، على ما وصفوه جريمة بحقّ سكان وهران، لأن هذه المنطقة تمثل أهم واجهة بحرية، وبها ضريح الولي الصالح سيدي محمد. ولم يجرؤ أي والٍ على التصرف فيها، احتراما لمشاعر المواطنين، والظاهر أنّ شكاوى المواطنين كان لها مفعول كبير، حيث وعشية زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال، لوهران السنة الماضية، في عهد الوالي ووزير الصحة الحالي محمد بوضياف، قامت السلطات المحلية بنزع السياج تحت جنح ظلام الليل. بعد ذلك قام والي وهران بتعويض المستثمر الخاص، بتمكينه من قطعة أرضية في مكان آخر، وللتغطية على الفضيحة، قرر الوالي إقامة مساحة خضراء وفضاء للترفيه العائلي، وتمّ تمويل المشروع في إطار المخطط البلدي للتنمية بغلاف مالي قدره 13 مليار سنتيم، وحتى هذه المناورة الجديدة يقول التقرير الذي أرسل للوزير الأول عبد المالك سلال، لم تفلح في التغطية على الفضيحة الأولى، ما دام أنّ العديد من المراقبين أكدوا أن أشجار النخيل التي تمّ غرسها بهذا الفضاء، وبرغم ثمنها الباهض جدا، لا تتأقلم مع مناخ المنطقة المعروفة بتواجدها في ممرّ تيارات الهواء البارد، وبالتالي فإن عمرها لن يكون طويلا، وهو ما يعكس فرضية تسرع والي وهران السابق في إنجاز المشروع دونما دراسة معمق. ويذهب بعض المُراقبين إلى الجزم بأنّ فضيحة فضاء الترفيه والتسلية، لا تمثل إلا حلقة صغيرة في مسلسل فضائح التلاعب بالمال العام، وأنها قد تفتح الطريق امام التحقيق في الطرق المُلتوية التي تم من خلالها توزيع العديد من القطع الأرضية الموجهة للاستثمار بمنطقة وادي تليلات على وجه الخصوص، وتضيف مصادرنا، أن العديد من المقاولين الذين تحصلوا على مشاريع خلال عهد الوالي السابق بوضياف، لم يتمكّنوا من تسوية أوضاعهم المالية، حيث لا تزال الإدارة تطالبهم بمُراجعة الفاتورات التي تقدموا بها، بعد انتهائهم من إنجاز المشاريع، بدعوى أنهم ضخّموها، وهذا ما أجبر بعضهم على اللجوء إلى العدالة.