ألقى الصحفي والروائي الجزائري صالح قمريش، أول أمس، بالمركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة، محاضرة عرض فيها بحثه الذي عمل عليه منذ سنوات والذي يرمي إلى إلقاء الضوء على علاقة اللغتين الفرنسية والعربية، حيث قال قمريش أن عدد المفردات ذات الأصول العربية في اللغة الفرنسية هو ضعف المفردات الفرنسية ذات الأصول الغالية. وحاول الروائي تحليل رحلة الكلمات العربية في اللغة الفرنسية، وهو العنوان الذي اختاره رفقة الكاتبة المغتربة آسيا جبار كمقدمة لبحثه الذي ضمنه قمريش ثلاثة مئة وواحد وتسعين 391 كلمة أو أصل كلمة من أجل شرح أصول الاقتباس في اللغة الفرنسية مستدلا بمجموعة من المحاور التي احتواها الكتاب، حيث أن انتقال الكلمات إلى اللغة الإسبانية أو اللغة الإيطالية شكّل مصدر حيازة بالنسبة لأصلها اللساني الأول. هذا الاشتقاق اللغوي والتساند كان له الأثر الكبير في الكشف عن عدد من الجزئيات الغامضة تاريخيا على المستوى العلمي، الثقافي وكذا اللساني، وعن القاموس قال المؤلف أنه جاء من أجل إبراز المسارات الملتوية والخفية أحيانا لهذه الكلمات عبر عصور ودول المتوسط. وأكد الباحث الفرنسي كارل مارتال في ذات السياق على أن إسهام صالح قمريش يعد اكتشافا للشبان الفرنسيين من أصل مغاربي، بحيث أنه أشار في فحوى قاموسه أنه لا يوجد لغة خالية من أي استعارة كما أنه لا يوجد سلالة غير هجينة من مختلف الكلمات فالعديد من اللغات الأوروبية ذات الأصل العربي تنتمي في الأصل إلى لغات أخرى، وإحدى الطّرق الأساسية التي دخلت بها الكلمات العربية في اللّغات الأخرى هي عن طريق الفتوحات الإسلامية، كما كان التأثير واضح بشدّة بعرب الأندلس بالتحديد، وهو ما جعل الكثير من المفردات تدخل في قاموسها اللغوي وذلك نتيجة لاندماج عرب المغرب والجزائر وتونس بفرنسا واستخدامهم للغة الفرنسية، فولد هذا الاحتكاك هذا المزج اللغوي، كما لم يغفل الباحث ذكر بعض المصطلحات الجديدة والتي أصبحت متداولة في المجتمع الفرنسي بشدة لدرجة أن الأجانب صاروا يصنفونها ككلمات فرنسية محضة، وأشار قمريش إلى أن مختبرات اللغة العالمية أخذت هذا الأمر بعين الاعتبار فقامت بترجمة هذه المصطلحات إلى لغات العالم، حيث ضرب مثالا بقاموس لاروس العالمي الذي لم يغفل إضافة تلك الكلمات إلى فهرسه في كل سنة.