لماذا سعداني من دون غيره؟ سؤال بدأ يفرض نفسه بكثير من المنطق، ونحن نتتبع ما نشره الزميل “نيكولا بو” في موقعه “موند أفريك” حول ما يملكه الأمين العام للأفالان ورئيس المجلس الشعبي الأسبق عمار سعداني، في فرنسا وحساباته البنكية وبطاقة الإقامة في فرنسا التي تحصل عليها منذ سنتين تقريبا. لا أشك أبدا في صحة ما كتبه “بو” وأعرف مستوى مهنيته وصدقه، لكني أعرف أيضا أنه يعرف الكثير حول كل أفراد العصابة النافذة في السلطة، فلماذا إذا يركز على كشف أسرار سعداني دون غيره. لا أظن أن في الأمر علاقة بتصريحات سعداني حول مدير المخابرات ومؤسسته، أم هناك ملفات أخرى سيفرج عنها في الأيام المقبلة على هذا الموقع، الذي يركز خصيصا على إفريقيا وحكامها وأقطاب الفساد المستشري فيها. منذ أيام سألت أحد المقربين من الصحفي الفرنسي صاحب ركن “بقشيش” عن أحد الأسماء النافذة في السلطة، وهل ينوي التعرض إليها في موقعه؟ فرد بأن الأمور معقدة في هذا الشأن؟ فهل الاهتمام بسعداني وحده دون غيره أن أمور هذا الأخير سهلة، وقابل للهضم بسهولة لأن لا أحد صار يعنيه هذا الرجل الذي ورط نفسه في قضايا أكبر من حجمه، معتقدا أن صداقته لشقيق الرئيس التي طالما تغنى بها ستحميه من المتابعة ومن أن يلقى لقمة سائغة للصحافة؟! لا أدافع أبدا عن سعداني، فكل من انخرط في الفساد بشكل أو بآخر يستحق أكثر من هذا، لكن فقط أتساءل لماذا التستر على الآخرين والكل يعرف أن لا أحد في السلطة لم يتورط في قضايا فساد؟ ودعم العهدة الرابعة مؤخرا خير دليل على مدى انتشار الظاهرة في دواليب السلطة. فالمدافعون والمرافعون لبقاء الرئيس رغم مرضه وعجزه كان خوفهم من أن تكشف حقيقتهم ويأتي من يحاسبهم، وليس حبا في بوتفليقة. أعرف أن “نيكولا بو” الذي تخافه كل الطبقة السياسية الفرنسية التي فضحها في كتابه عن أمير قطر، وكشف كيف تتدخل سفارة قطر بباريس في شؤون الدولة من شرائها الذمم، كل ذمم الطبقة السياسية دون استثناء تقريبا، لن يخيفه نشر غسيل مافيا الجزائر، لكن تساؤلاتي موجهة لمن يمتلك الملفات ويسربها إلى وسائل الإعلام؟ فإن كان الدافع هو محاربة الفساد بعدما عجزت العدالة لأسباب مجهولة عن معالجة قضايا مثل قضية سوناطراك، فلماذا تستثنى الأسماء الأخرى؟ والرأي العام يعرف أنها كثيرة، وما ألحقته من أضرار بالمال العام وبسمعة البلاد أكثر بكثير مما فعله سعداني!؟ كلنا متعطشون لكشف الفساد ومحاربته وحماية الاقتصاد الوطني من الطفيليين وممن رهنوا ثرواتنا بأيدي الخارج مقابل مصالح شخصية، لكن بالصورة هذه يصبح الأمر تصفية حسابات لا غير!؟