لا يترقب المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله، شيئا من حكومة عبد المالك سلال ولا من التعديل الدستوري الذي وعد به الرئيس بوتفليقة. والسبب، حسبه، أن النظام القائم غير مستعد لإحداث التغيير وأن الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس العام الماضي، لم تكن سوى إرادة لتفادي إعصار الربيع العربي. ويتهم رئيس جبهة العدالة والتنمية جزءا من الطبقة السياسية ب''التواطؤ مع السلطة في نشر الفساد السياسي''، ويعيب على شخصيات سياسية ''انكفاءها''. ويرى جاب الله أن بداية الإصلاح ستكون ''عندما يعترف الظالم بظلمه''، لكن حسبه ''لم نصل إلى ذلك بعد''. رئيس جبهة العدالة يعبّر عن يأسه من حدوث التغيير ويصرح ''بوتفليقة سيطلب لنفسه عهدة رابعة لو ظل حيا'' يتوقع عبد الله جاب الله ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة في انتخابات 2014 '' إذا ظل حيا''. أما عن نفسه ''فلا أفكّر في الترشح وليس ضمن اهتماماتي أصلا''. ظهر رئيس جبهة العدالة والتنمية، عندما نزل ضيفا على ركن ''فطور الصباح''، يائسا من ''إصلاح حقيقي يأتي من النظام الحالي''. ولكنه يقول إنه لا يشعر بالإحباط وأنه مقتنع بأن التحولات الكبيرة التي عاشتها بلدان عربية، في سياق ما سمي ''الربيع العربي''، ستعرفها الجزائر أيضا. ويرى جاب الله أن طرفين ''تسببا في فساد الحياة السياسية ببلادنا''، الأول السلطة والثاني الطبقة السياسية. ويشرح ذلك بقوله: ''قناعتي أن النظام هو المسؤول عن الفساد السياسي المستشري، وتشاركه في هذه المسؤولية الأحزاب والشخصيات التي لا همّ لها إلا مصالحها. فالسلطة تجبرت منذ توقيف المسار الانتخابي ووجدت من يعينها على تجبّرها، فقد تعترض الطبقة السياسية على فساد السلطة شفاهة وتنتهي في النهاية بالموافقة على مشاريعها''. مشيرا إلى أن ''الجميع ندد بالتزوير وتألم منه في الانتخابات التشريعية الماضية، واليوم الجميع مشارك في الانتخابات المحلية، في حين أن النظام ماض في احتقار الشعب''. ولاحظ جاب الله أن ''شخصيات كثيرة انكفأت على نفسها لأنها يئست من حدوث التغيير، وهناك فئة تبرر أفعال السلطة وقليل من يرفع صوته لينتقد الوضع''. وأضاف: ''السلطة مستفيدة من البحبوحة المالية، فاشترت سلما اجتماعيا برفع الأجور وتوزيع القروض على الشباب، وما فعلته لا يعدو كونه مسكنات سرعان ما يزول مفعولها، وإذا نزل سعر برميل النفط إلى ما دون 80 دولارا ستعجز عن الوفاء بأجور الموظفين''. وحتى يحدث التغيير، حسب جاب الله، ''ينبغي أن تتوفر في الأمة طليعة، ولا أظن أنه سيأتي من الطبقة السياسية التقليدية وإنما من طبقة ناشئة''. وسأل صحافيو ''الخبر'' مرشح رئاسيات 2004 إن كان يعتقد بأن الرئيس بوتفليقة سيستمر في الحكم فترة أخرى، فقال: ''سيطلب لنفسه عهدة رابعة إذا ظل حيا، إذ لا شيء يمنع من ذلك ما دامت ثلاثة عوامل متوفرة: فساد النظام وفساد السلطة السياسية، والوفرة المالية التي تتيح شراء الذمم''. وبخصوص رأيه في ''الإصلاحات السياسية العميقة''، بعد مرور سنة ونصف على الإعلان عنها من طرف بوتفليقة، قال جاب الله: ''كنت من الذين قاطعوا الاستشارة التي نظمتها السلطة، والسبب أنني لم أكن مقتنعا بصدق نواياها في إجراء إصلاحات ولا في تنظيم انتخابات ذات مصداقية''. وأضاف: ''ثمة إرادة للالتفاف حول ما جدّ من أوضاع إقليمية، والذي يريد الإصلاح يظهر صدقه من طبيعة الخطوات الأولى التي لم تكن صادقة''. وقال جاب الله إنه لا يملك أي فكرة عما سيعدله بوتفليقة في دستور الرئيس زروال، ''لكن ما أعرفه أن الذي لا يملك قناعة بأن الشعب هو أصل السلطة، فكل ما يأتي بعده مجرد كلام موجه للاستهلاك''. قال إنها مؤامرة استهدفت جبهة العدالة والتنمية ''ما حدث في التشريعيات يبقى جرحا في نفسي'' رد عبد الله جاب الله على السلطة التي تعتبر المعارضة تتحجج بالتزوير لأنها لا تملك التغطية الكافية لمكاتب الانتخاب، قائلا ''نحن لسنا مجرد ملاحظين للانتخابات بل فاعلين فيها. لقد شاركنا في كل المواعيد الانتخابية تقريبا ووقفنا على نفس ممارسات التزوير واستغلال المال العام لفائدة حزب ما أو مرشح ما، وقفنا على نفس الممارسات في تضخيم القوائم الانتخابية وفي كل مرة نقدم الدليل، فكيف يمكن أن نصدق مقولة السلطة؟ مضيفا ''إذا اعترف الظالم بظلمه فهذه بداية الإصلاح، لكن لم نصل إلى ذلك بعد''. ونفى جاب الله أن يكون حزبه معنيا بضعف تغطيته لمكاتب الانتخاب، قائلا ''في ولايتي سكيكدة وقسنطينة وصلت نسبة تغطيتنا للمكاتب إلى 60 في المائة، وفي باقي الولايات بلغت النسبة معدل 30 في المائة، فهذه الحجة تقال على غيرنا وليس علينا''. هذه الملاحظات جعلت جاب الله يقول ''ما حدث في التشريعيات يبقى جرحا في نفسي وهي مؤامرة استهدفت جبهة العدالة والتنمية واستهدفتني شخصيا''. وهل بوتفليقة هو الذي أراد استهداف جاب الله؟ يرد المتحدث ''بوتفليقة هو رأس النظام''. وجدد جاب الله ما صرح به سابقا ل''الخبر'' بخصوص مغالطة بعض الأطراف لم يسمها الرئيس بوتفليقة، ما جعل الرئيس يتخذ موقفا منه. وأضاف ''لو كنت أعلم مسبقا بأنهم كانوا يريدون أن ''يمرمدوني'' لأتخذت الموقف المناسب وفضحتهم، لكن الرسالة بلغتني يوم السبت، (أي بعد الانتخابات) والذين كلفوا بتبليغي الرسالة لم يفعلوا لأنهم لم يصدقوا الأمر''. وعن الانتخابات المحلية المقبلة وما هي دوافع جاب الله ليختار المقاطعة، قال المتحدث: ''قرابة 1000 بلدية سيتنافس فيها الأفالان والأرندي لوحدهما''، مستغربا كيف يمكن لأحزاب نددت بالتزوير في التشريعيات ومع ذلك ستشارك في المحليات. وتأسف لكون الطبقة السياسية عندنا تؤيد في كل مرة مساعي السلطة وتمكنها من مواصلة الاستخفاف بالمواطنين. لكن الانتخابات التشريعية الأخيرة كشفت بأن الأفالان لم يفز بالأغلبية البرلمانية إلا لأن أصوات المعارضة مبعثرة، فلماذا لا ينسق جاب الله مع أحزاب أخرى قصد التحضير الجيد للانتخابات المحلية المقبلة والتمكن من منافسة الأحزاب الحاكمة؟ يرد جاب الله من زاوية أخرى: ''نسبة الأصوات التي تحصل عليها الأفالان دليل آخر على عدم شرعية الانتخابات التشريعية الأخيرة، في انتخابات سنة 91 أوقف المسار الانتخابي بحجة أن ثلاثة ملايين صوت لا يمكنها أن تحكم 11 مليونا، بينما التشريعيات الأخيرة أفرزت مليون و300 ألف صوت تحكم 21 مليونا ومع ذلك لا أحد عارض ذلك وطالب بحل البرلمان''. اعتبر أن أحزابا سياسية سبب في طغيان وتجبّر النظام ''لم أفكر بعد في الرئاسيات في وجود مؤشرات لاستمرار بوتفليقة'' قال عبد الله جاب الله إن رئاسيات 2014 ''لا تشغل تفكيري ولا اهتمامي''، لما سئل إن كان ينوي التقدم للسباق بعد عامين، ولاحظ أن عبد العزيز بوتفليقة يبدو متوجها لترشيح نفسه لعهدة رابعة ''إلا في حال هبط سعر البترول وتهاوت الميزانية''، وقال عن تشكيلة حكومة عبد المالك سلال ''لا جديد فيها يستحق الذكر''، فيما اعتبر هرولة أحزاب انتقدت ''التزوير في التشريعيات'' للمشاركة في المحليات ''مظهرا من مظاهر الفساد''. قال رئيس ''جبهة العدالة والتنمية''، عبد الله جاب الله، إن مسارعة أحزاب سياسية للمشاركة في المحليات رغم تكرار نفس الظروف التي نددت بها سابقا في التشريعيات لا يعني شيئا أكثر من أن ''هذا الأمر يمثل مظهرا من مظاهر الفساد''، لافتا إلى أنه ''بسبب وجود مثل هذه الممارسات طغى النظام الجزائري وتجبر''، ومعلوم أن كثيرا من الأحزاب رفعت ورقة ''غياب الضمانات'' لكنها قبلت دخول سباق الانتخابات المحلية. ورفض عبد الله جاب الله أن يخص أي حزب سياسي بهذا التقدير، لما سئل عن رأيه في مشاركة ''تكتل الجزائر الخضراء'' في المحليات برغم وقوفه وراء أشد الانتقادات ضراوة في اتجاه السلطة بعد إعلان نتائج التشريعيات التي جرت شهر ماي الماضي. ولا يساور الشك جاب الله في أن كل المؤشرات توحي برغبة ''الرئيس بوتفليقة في الترشح لولاية رابعة''، وهذا ليس سببا في جعل جاب الله متريثا في إعلان رغبته من عدمها الترشح للموعد المقبل ''الرئاسيات حاليا ليست في بالي ولم أولِها تفكيري''، والسبب ''ليس إحباطا وإنما يأسا من إمكانية مجيء إصلاح حقيقي''، وحسب جاب الله، فإن ''بقاء سعر البترول على حاله معناه استمرار بوتفليقة إلى ما بعد ,''2014 وكان يسوق هذا الكلام في قراءة شرحها لصحفيي ''الخبر'' حول تشكيلة حكومة سلال إن كانت مكلفة بتصريف الأعمال أم بتنظيم موعد الرئاسيات. وذكر جاب الله ''لا أرى أي جديد في حكومة سلال لا من حيث التشكيلة البشرية ولا من حيث فلسفتها''، ولا تسقط هذه المقاربة كما يذكر جاب الله رغم ''دخول أحزاب جديدة إلى الحكومة، لكن في العام الأول من حكم بوتفليقة حدث نفس التوجه بإقحام أحزاب جديدة.. لا أرى أي شيء جديد يستحق الذكر''، لكن حكومة عبد المالك سلال ''ستنتهي مهمتها في رأيي بذهاب بوتفليقة لكني لا أتوقع ذلك إلا في حال هبط سعر البترول''. وعلق جاب الله على أولويات حكومة سلال، في محاربة السوق الموازية وتهيئة المدن يقول: ''السلطة أصلا لديها عجز في محاربة البطالة ولم تقدم بديلا لتجار السوق الموازية.. كان المطلوب أن توفر البدائل''. الجزائر: عاطف قدادرة قال ضيف ''الخبر'' غدر وخيانة لدى قطاع من الجزائريين ''من صفات قطاع من الجزائريين الغدر والخيانة، فالكثير منهم لا يكبر في أعينهم أحد وتجد من بدأ يصلي حديثا يقول لك: أنت لا تعرف شيئا. ولكن قناعتي أن الشعب الجزائري فيه خير كثير''. زوجتي مؤسسة في حركتي النهضة والإصلاح وجبهة العدالة ''كثرة الخيانات هي ما جعلتني أقف على الحياد من ترشح أقاربي وأصهاري وزوجتي في الانتخابات الماضية. والذين انتقدوني لأن زوجتي ترشحت، لا يعلمون بأنها مثقفة بكل معنى الكلمة.. هي مناضلة منذ عام 1972 وحتى قبل أن أتزوجها. هي مؤسسة في حركتي النهضة والإصلاح وجبهة العدالة. لقد تعرضت لحملة بسبب ترشحها، ولكن لا أحد انتقد الأفالان لما رشح عاملات نظافة للبرلمان. لقد كان ترشحها رسالة مني مفادها أنني لست ضد المرأة وتمنيت لو فهم ذلك على هذا الأساس''. النظام يمنّي نفسه أن تفشل حكومات الربيع العربي ''كل مستبد يريد أن يرى الآخرين أسوأ منه، وهذا ينطبق على النظام الجزائري الذي يمنّي النفس أن تفشل الحكومات الجديدة في بلدان الربيع العربي''. المؤسسة العسكرية لم تعد تسلم من الفساد تساءل جاب الله: ''دلوني على مؤسسة من مؤسسات الدولة لم يمسها الفساد''.. المؤسسة العسكرية؟ جاب الله يرد ''في مرحلة سابقة نعم، لكن عندما يسجل أفراد هذه المؤسسة بالجملة في القوائم الانتخابية فهذا لا يشرف أصحابها''. الغنوشي فاجأني ''أحترم الشيخ راشد الغنوسي كثيرا وتربطني به علاقات جيدة، لكنني تفاجأت عندما تنازل عن موضوع المرجعية في الدستور ولم أصدق ذلك عندما بلّغني ابني به. ولكن عندما اطلعت بنفسي على تصريحه وجهت تعقيبين عن هذا الموضوع في مؤتمر الدوحة. لقد قدم الرجل أكبر التنازلات، عندما قال إن الإسلام ليس من مهام الدولة بل المجتمع، واكتفى بالإسلام دين الدولة وتخلى عن مبدأ الإسلام مصدر التشريع لإرضاء العلمانيين''.