يؤكد الدكتور مرابط إلياس رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، في حوار ل”الفجر”، أن الدليل على فشل الاصلاحات في المنظومة الصحية هو التغيير الهيكلي بهدف تحقيق النجاعة فقط، كما ساعد ذلك على ظهور مجموعات مصالح تؤثر في توجهات القطاع وهي تنشط داخله وخارجه تحاول الإبقاء على الوضع على حاله. الفجر: في العديد من الندوات التي نظمتها نقابة ممارسي الصحة العمومية إلا وكان موضوعها المطروح هو انشغالات المهنيين، ومطالبهم التي لا تزال عالقة حتى الآن بالرغم من تعاقب العديد من الوزراء على القطاع، هل لكم أن توضحوا للقارئ الكريم المطالب غير المتكفل بها والتي تحتل الصدارة في أجندة النقابة؟ الدكتور مرابط إلياس: إن من أسباب التأخر في تسوية الوضعيات العالقة ذات الصلة بالمطلب المهني الاجتماعي لممارسي الصحة، هي حالة عدم الاستقرار التي يعرفها القطاع بسبب التغيير المستمر في وزراء الصحة. يبقى أهم ملف ينتظر التسوية متعلق بتطبيق محتوى الاتفاق القائم بين الوزارة والنقابة بخصوص مشروع تعديل القانون الأساسي الخاص بالممارسين الطبيين، والموجود حالياً على مستوى المديرية العامة للوظيفة العمومية. كما نطالب بتسوية مشكل التدرج في الرتب المجمد تنفيذه منذ جانفي 2008 باحتساب شرط الأقدمية (10 سنوات لرتبة ممارس رئيسي و20 سنة لرتبة ممارس رئيس) إلى جانب وضع إطار للترقية عن طريق المسابقة. ملف آخر مهم بالنسبة لنا، يتعلق بمطلب المساواة بين الشهادات القديمة والمستحدثة (منذ 2011) لجراحي الأسنان والصيادلة العامين بعد قرار تمديد مدة الدراسة الجامعية بسنة. تداول عشرة وزراء في ظرف 12 عاما لم يغير الوضع، ولم يحدث النقلة النوعية اللازمة، وهو ما يعني أن إصلاح المستشفيات لم ينجح وهو بحاجة إلى مراجعة، لكن كيف ستكون هذه المراجعة أو بالأحرى التقييم..؟ هذا تحصيل حاصل وخير دليل على فشل الإصلاحات هو الاستمرار في التغيير الهيكلي بهدف تحقيق النجاعة وتحسين مستوى الخدمات الصحية دون أن نرى للمجهود المبذول صدا على أرض الواقع. الوقفات التقييمية العديدة لازمت تنصيب كل وزير جديد لتبرمج في كل فترات الإصلاح التي يعيشها القطاع منذ أكثر من 10 سنوات زمرة من الإجراءات التقويمية انتهت مدة صلاحياتها بانتهاء عهدة المسؤول الأول على القطاع. وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات تحضر لعقد الجلسات الوطنية للقطاع والمزمع تنظيمها شهر ماي الداخل، هل في اعتقادكم أن مثل هذه اللقاءات من شأنها تطوير القطاع والرفع من مستوى ونوعية الخدمات الموجهة للمرضى؟ لاشك أن المحطة مهمة ويمكن أن تأسس لإعادة الهيكلة بتحيين الإطار القانوني التنظيمي والإجرائي لتسيير القطاع بمراجعة قانون الصحة السائر المفعول منذ ثلاثين سنة. ستكون كذلك فرصة للتواصل بين كل الفاعلين في المنظومة الصحية من مهنيين وممثلين عن المرضى وكذا قطاع الصيدلة ومنتخبين على مستوى الغرفتين... كما ستكون فرصة للاحتكاك بتجارب دول أخرى ستكون مدعوة لعرض خبرتها للنقاش. لكن يبقى مفتاح النهوض بالقطاع مرتبط بمستوى الاهتمام الذي ستوليه السلطات العليا في البلاد للتوصيات المنتظرة من مثل هاته الملتقيات. كثر الحديث منذ سنوات في قطاع الصحة على سيطرة بعض اللوبيات والأطراف عليه، هل هذا الأمر صحيح، وأن كان كذلك لماذا تقف الوزارة عاجزة أمامهم، من جانب آخر توجد أدوية يتم تسويقها حاليا على مستوى الصيدليات هي ممنوعة في دول أخرى بسب مضاعفاتها وتأثيراتها على المرضى الذين يستعملونها، لماذا لا تتدخل وزارة الصحة لوضع حد لمثل هذه الممارسات؟ وجود مجموعات مصالح تأثر في التوجهات العامة للمنظومة الصحية أمر وارد، وهي تنشط من داخل ومن خارج القطاع بهدف الإبقاء على الوضع على حاله وساعد في ذلك التغيير المتواصل الذي طال وزراء الصحة وكذا الكادر المسير للقطاع. الضمان الاجتماعي في الجزائر يسير بقانون يعود إلى سنوات الثمانينات والاقتطاع من الأجور يتم حسب كل مرحلة وفترة معينة، لماذا لا يعاد النظر في منظومة الضمان الاجتماعي؟ سؤال وجيه يعيدنا لصميم موضوعنا المتعلق بتحسين مستوى الخدمات الصحية، فنجاعة أي سياسة صحية مرتبط أصلا بتوفير المورد المالي وتخصيص ميزانيات تغطي حاجيات المؤسسات الصحية في ظل مؤشرات وطنية ومعايير دولية. ولا شك في أن منظومتنا للضمان الاجتماعي، رغم ما عرفته من إصلاح، تبقى متأخرة بمستوى مساهمتها المباشرة في تمويل القطاع ، وخير دليل هو تجميد العمل بالتحيين الدوري لتسعيرة التعويض عن النفقات الصحية من جهة والعدول عن العمل بالرزنامة الجديدة للخدمات الطبية والشبه الطبية. تواجهون انتقادات كثيرة من طرف المواطنين والمرضى القاصدين للعلاج في المستشفيات والمؤسسات الصحية، بسبب ما تعرفه هذه الأخيرة من نقائص في التجهيزات وتدني في الخدمات المقدمة، وغياب الأمن ما تعليقكم على ذلك؟ أما بخصوص غياب الأمن، فنحن مهنيو القطاع أول من يعاني بسببه. فكم من طبيبة وممرضة وقابلة وأعوان مصلحة تعرضوا خلال أداء عملهم للإهانة والضرب لاعتبارات، ولا يمكننا قبولها ولو يربطها أصحابها بسوء الخدمات الصحية، تبقى رغم هذا مسؤولية مستخدمي القطاع قائمة في بذل مزيد من الجهد لتمكين الإصلاحات القائمة من تحقيق أهدافها.