وزراء بعدد سنوات ''الإصلاح'' ولا شيء أُصلح أجمع المشاركون في ندوة ''الخبر'' حول واقع قطاع الصحة، على أن الإصلاحات التي باشرتها السلطات، منذ أزيد من عشر سنوات، فشلت، فيما قال البعض إنه لا توجد إصلاحات أصلا، ومردّ ذلك أن الإصلاح ليس من أولويات وزارة تعرف عدم استقرار كبير بتعاقب عدد كبير من الوزراء في ظرف قصير. تطرُّق ندوة ''الخبر'' لشق الإصلاحات، فتح الباب على مصراعيه لانتقادات حادة من قبل المشاركين، فاعتبر الياس مرابط، ممثل نقابة ممارسي الصحة العمومية، أنه يجب الاعتراف بأن الإصلاحات فشلت ولم تحقق الأهداف المرجوة منها. وأعاب المتحدث تعاقب عدد كبير من الوزراء على القطاع، ما أحدث شرخا في السياسات المنتهجة. الوناس غاشي، رئيس نقابة شبه الطبيين، قال من جهته إنه لا توجد أصلا إصلاحات حتى يتم الحديث عن فشلها، وأضاف أن ما تم إنجازه، لحد الآن، لا يمكن اعتباره إلا فشلا ذريعا، مادام أنه لم يحقق الأهداف المرجوة، واقترح المتحدث حتى حذف عبارة ''إصلاح المستشفيات'' من الوزارة. محمد يوسفي، رئيس نقابة الأطباء الأخصائيين، اعتبر من جهته ''اللااستقرار على رأس الوزارة، طيلة 15 سنة الأخيرة، لم يكن في صالح القطاع، فلا يمكن إجراء إصلاحات عميقة في الوقت الذي يتم استبدال الوزير كل سنتين، فكلما يأتي واحد منهم أول ما يقوم به هو تغيير كل المديرين وتطبيق نظرته للقطاع''. وأعاب المشاركون في ندوة ''الخبر''، عدم إشراك كل الأطراف أيام التحضير لتقرير الإصلاح الذي سلم في شهر جويلية 2003 للوزير الأسبق عبد الحميد أبركان، ليغادر هذا الأخير منصبه في شهر أكتوبر، دون أن يباشر عملية الإصلاح. وفي نفس الاتجاه، قال خالد كداد، رئيس نقابة الأطباء النفسانيين: ''بالطبع، فشلت الإصلاحات أو على الأقل جزء منها، فمبدئيا لا يمكن الحديث عن إصلاحات من أصله، ويبقى مقياسنا على كل حال، هو المريض. ومريض 2013 ليس مريض الستينيات، فالمريض اليوم جد غاضب من نوعية العلاج، لإلمامه الآن بكل التطورات الحاصلة في مجال الصحة عبر العالم''. أما رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، محمد بقاط بركاني، فرأى أنه آن الأوان لتنظيم جلسات وطنية للصحة وتقييم ما تم إنجازه لحد الآن. وأسهب المتحدث في نفس اتجاه محمد يوسفي، حين اعتبر أن اللااستقرار على رأس وزارة الصحة، ساهم في فشل سياسة الإصلاح، التي ليست، حسب المتحدث، في صلب اهتمامات الوزراء، خاصة أن هؤلاء يطبقون نظرتهم الخاصة للقطاع وليس سياسة وطنية للصحة.
أكدوا أن 15 سنة من تطبيقه أدت إلى تحطيم قطاع الصحة العمومية الأطباء الممارسون ''يتوسلون'' بوتفليقة من أجل إلغاء النشاط التكميلي زياري رفض التدخل في هذا الملف قائلا ''لا أريد أن أفتح جبهة أخرى على نفسي'' دعا المشاركون في ندوة الصحة التي نظمتها ''الخبر''، رئيس الجمهورية إلى إلغاء المرسوم الذي أصدره في 2006 والقاضي بتقنين النشاط التكميلي، وقال هؤلاء بأن قطاع الصحة العمومية انهار بسبب هذا الإجراء، وحتى الوزير الحالي ''خائف'' من التدخل في الملف وصرّح بالحرف الواحد للشركاء الاجتماعيين ''لدي انشغالات كثيرة ولا أريد أن أفتح على نفسي جبهة أخرى''. وأوضح رئيس النقابة الوطنية للأطباء الأخصائيين، الدكتور محمد يوسفي، بأن أصل المشكل يعود إلى العام 1997، عندما صادق مجلس الحكومة على قرار يسمح للأساتذة والأساتذة المساعدين ثم توسع ليشمل الأطباء الأخصائيين، بالعمل في العيادات الخاصة في إطار تكملة أجورهم المتدنية، نظرا لعدم قدرة الحكومة على رفعها نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها البلاد في ذلك الوقت. وبعد سنوات، تم تثبيت القرار في مرسوم رئاسي، وهو ما فتح المجال أمام باقي الأسلاك لممارسة هذا النشاط بطريقة غير قانونية، مثلما دفع الفئة المعنية بالقرار إلى ارتكاب تجاوزات خطيرة، في غياب رقابة الوصاية كالتغيب عن العمل في المستشفيات والمؤسسات الصحية. من جهته، أدان رئيس مجلس أخلاقيات الطب، الدكتور محمد بقاط بركاني، صمت السلطات على ''الهدم المنظم'' لقطاع الصحة العمومية وقال بأن الأمور تتجاوز الوزارة وتستدعي ''قرارا شجاعا'' من رئيس الجمهورية لإلغاء النشاط التكميلي ''ولاسيما أن أجور الأسلاك التي شملها النشاط التكميلي تحسنت كثيرا في السنوات الأخيرة. وبالتالي، فإن الاستمرار في اعتماد هذا الإجراء لا مبرر له''. ويعتبر بقاط أمرا غير مقبول أن تنشأ عيادات خاصة وتكبر على ''أنقاض'' قطاع الصحة العمومية، وما يحدث من أعمال ''قرصنة'' للمرضى وتحويلهم للقطاع الخاص. وجاءت شهادة رئيس نقابة شبه الطبيين، الوناس غاشي، كدليل إضافي يؤكد وجود تواطؤ صريح بين أطراف من وزارة الصحة وسكوت متعمد لمديري المؤسسات الاستشفائية تجاه الخروقات التي تسجل في وضح النهار، وأعطى مثالا يلخص حجم وخطورة الوضع في آن واحد، وهي قائمة الانتظار لإجراء عملية جراحية في المستشفى، والتي تضم مواعيد عمليات تصل إلى عامين ويترك الخيار للمريض بالتوجه إلى القطاع الخاص، بينما تجرى عملية لأشخاص ميسوري الحال دون موعد سابق. ونبّه رئيس نقابة الأطباء النفسانيين، الدكتور خالد كداد، من جانبه، إلى مشكل الأخطاء الطبية الذي ما فتئ يتفاقم من سنة إلى أخرى بسبب انشغال الأساتذة في العيادات وعدم تفرغهم لوظيفتهم الأساسية وهي تكوين الأطباء الجدد. الجزائر: أمال ياحي
قائمة جديدة بأكثر من 279 دواء تختفي من الصيدليات ''لوبيات'' المنتجين والموزعين وراء الندرة ''المزمنة'' للأدوية قالت نقابات الصحة إن ''لوبيات'' المنتجين والموزّعين، تقف وراء ندرة الدواء ''المزمنة''. وشددت على تعزيز استقلالية الوكالة الوطنية للدواء أو تعويضها بهيئة برلمانية بصلاحيات مراقبة وردع، لوقف المتسببين في الندرة ''المفبركة''، حيث تم إحصاء قائمة بأكثر من 279 دواء حاليا، اختفت تماما من الصيدليات. وانتقد نائب رئيس الصيادلة الخواص، طرافي عمار، غياب سياسة وطنية خاصة بالدواء، ما فتح الباب، حسبه، أمام مخابر أجنبية أصبحت تفرض سيطرتها على القطاع، ما نتج عنه خلل كبير في التسيير رغم الميزانية الكبيرة المخصصة له. وطالب ''السنابو''، على لسان ممثله، في ندوة ''الخبر'' حول قطاع الصحة، بالتعجيل في تنشيط الوكالة الوطنية للدواء التي لم تر النور لحد الآن، رغم أن القانون الذي نص على إنشائها صدر سنة 2008، وإن كان قد اعترف بأن تعيين ممثلين من وزارة الصحة على رأسها، سيؤثر على مصداقية عملها واستقلاليتها التي كرسها القانون، إلا أنه أكد، في المقابل، أن تنصيب هذه الهيئة في حد ذاته، يعتبر خطوة كبيرة باتجاه متابعة ومراقبة القطاع. وقال المتحدث إن واقع سوق الدواء كارثي، حيث حرص على دق ناقوس الخطر، بسبب ندرة مختلف أنواع الأدوية والمستلزمات الطبية، وكشف عن قائمة أخرى بأكثر من 279 دواء اختفت، مؤخرا، من الصيدليات، مشيرا إلى أن هذه المهنة التي تحصي حوالي 9 آلاف صيدلي على المستوى الوطني، أصبحت، اليوم، رهينة تجاوزات عدد من الموزعين الذين أحكموا سيطرتهم على سوق الدواء، من خلال ممارسة سياسة البيع المقيد، كشرط لتموين مهنيي القطاع بمختلف أنواع المنتجات الصيدلانية. وقال نائب رئيس نقابة الصيادلة الخواص، بأن هؤلاء يقومون بتخزين الأدوية لخلق ضغط وطلب كبير عليها، حيث يلجأون إلى الإفراج عنها مقابل مساومة الصيدلي الذي أصبح، اليوم، مجبرا على ضمان مخزون خاص به، لتلبية الطلب خاصة بالنسبة لشريحة المرضى المزمنين، ما جعله يؤكد بأن السبيل الوحيد لمعالجة هذه الممارسات، تطبيق التعليمة التي أصدرها رئيس الجهاز التنفيذي السابق، المتضمنة تموين الصيادلة بالدواء مباشرة من المنتجين، للقضاء على احتكار وهيمنة الموزعين. من جهتهم، اعتبر ممثلو النقابات المستقلة، قرار تحويل 50 بالمائة من الميزانية المخصصة للدواء إلى وزارة الصحة لتموين الصيدلية المركزية، ضربة أخرى زادت الأزمة تعقيدا، كون مسؤولي هذه الهيئة، لم يتمكنوا، لحد الآن، من صرف هذه الميزانية. والأخطر من كل ذلك، أن قرار الوزير السابق ولد عباس، تقسيم الميزانية، لم يراع تسعيرة الدواء، مادامت مخابر الإنتاج تبيعه بسعر أقل من الصيدلية المركزية بنسبة 30 بالمائة. الجزائر: خيرة لعروسي
على هامش الندوة
شهادة شبه الطبيين كان معترفا بها في الخارج انتقد مشري الهاشمي، الناطق الرسمي لأساتذة تعليم شبه الطبي، قرار السلطات القاضي بإخضاع التكوين في هذا القطاع إلى نظام ''آل آم دي''، وكشف بأن الشهادات التي تمنحها معاهد شبه الطبي قبل أن تتغير تسميتها لمدارس عليا، كان معترفا بها في دول متقدمة، على غرار كندا، حيث لم يسبق أن رفض هذا البلد أي طلب عمل مدعم بهذه الشهادة، ما يدل على أن التكوين جدي وفعال. سوناطراك فوق القانون استغرب رئيس عمادة الأطباء، الدكتور محمد بقاط بركاني، تعاقد شركة سوناطراك مع عيادة خاصة للتكفل بمستخدميها، باعتبارها وطنية، وقال بأن هذه الأخيرة تحوز على ''امتياز'' لتحويل المرضى العاملين في مختلف فروعها، للعلاج في الخارج دون المرور على صندوق الضمان الاجتماعي. عيادات خاصة دون محارق للنفايات قال رئيس العمادة بأن فضيحة رمي الأعضاء البشرية على حافة الطريق، سببها إفلات العيادات الخاصة من المراقبة. وإن كان قد اعترف بحق هذه المؤسسات الاستشفائية في النشاط بقوة القانون، إلا أنه انتقد عدم إقحامها في مختلف الأمور التنظيمية والعمليات التي تهم القطاع، من خلال التنسيق فيما بينها لإنشاء وحدات أو مؤسسات خاصة لحرق النفايات الطبية. أكثر من مائة شكوى في ظرف سنتين بلغ عدد الشكاوى المودعة ضد العيادات الخاصة، على مستوى عمادة الأطباء، حسب مسؤولها، أكثر من مائة في أقل من سنتين، وهو ما يطعن في نجاعة دفتر الشروط المفروض عليها، ومدى احترام أصحابها لبنوده، علما أن تراجع نوعية الخدمات الصحية المقدمة على مستوى المستشفيات العمومية، حسبه، أجبرت المرضى على ''الاستنجاد'' بعيادات خاصة لا تحترم القانون. المستشفيات العمومية لأصحاب المال قال رئيس نقابة شبه الطبي، غاشي لوناس، بأن المستشفيات الجامعية حادت عن المهمة الرئيسية التي أنشئت من أجلها، ولاسيما تقديم علاج مجاني للمرضى، بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي، وتحولت هذه المؤسسات إلى وجهة المرضى من فئة الأثرياء والمسؤولين، الذين يستفيدون من مختلف الخدمات الصحية مجانا، فيما يتم تحويل المرضى المغلوبين على أمرهم، إلى العيادات الخاصة بإيعاز من أطراف معينة.