ليس اعتباطا أن يستهدف منزل وزير الداخلية، لطفي بن جدو، ليلة أول أمس، ويقتل أمامه أربعة من أعوان الأمن مكلفون بحراسته!؟ آلة الإرهاب تعرف جيدا متى تضرب وتقيس جيدا مدى التأثير والترهيب الذي تخلفه عملياته في النفوس. استهداف بيت أهل وزير الداخلية فيه أكثر من رسالة، أولها أنهم بإمكانهم الوصول إلى أي مسؤول في السلطة وأن لا أحد في مأمن من شرهم. فاستهداف وزير الداخلية يعني استهداف المؤسسة الأمنية التي تسير بأوامره. وثاني رسالة هي للسياح، فقد بدأ موسم السياحة مع اقتراب فصل الصيف والعطلة. والسياحة صناعة حساسة. وتتأثر بقوة من الوضع الأمني. ومقتل حراس بيت وزير الداخلية من شأنه أن يخلف ضجة إعلامية داخليا وخارجيا، وبالتالي يضرب من ورائه موسم السياحة، عصب الحياة الاقتصادية في تونس، وتنهار البلاد وينتصر المشروع الظلامي الذي ليس لديه من برنامج غير حرق الزرع وبتر النسل. لكن لن ينتصر الإجرام في تونس، مهما كانت الخسائر التي سيدفعها التونسيون في السنوات المقبلة، فالحرب على الإرهاب لن تكون مشكلة تونس وحدها، واستقرار المنطقة يعنينا جميعا. فتونس اليوم مثل الجزائر تدفع ثمن جوارها لبؤرة توتر ومستنقع إجرام وانهيار الدولة الذي تعانيه ليبيا. والجزائر هي الأخرى ليست في مأمن من هذا الخطر، مع أنها ما زالت تواصل الحرب على الإرهاب التي لم تتوقف أبدا، وكل يوم تسقط المزيد من الإرهابيين. لكن الخطر القادم من ليبيا لا يمكن أن تقدر عليه لا تونس ولا الجزائر بمفردها، فالميليشيات الإرهابية الليبية تتوفر على مخزون كبير من الأسلحة والتمويل، بسيطرتها على منابع النفط وعلى تسويقه، وتتوفر على حرية الحركة في غياب الدولة وضعف الجيش الليبي. فأصبحت أفغانستان أخرى وقاعدة أساسية للإرهاب العالمي. والخوف أن تتحول الجزائروتونس إلى باكستان أخرى تدفع ثمن جوارها إلى قاعدة الإرهاب الليبية، ولن تنفعنا لا أمريكا ولا فرنسا في مواجهة هذا الوباء. فضرب استقرار المنطقة كان مخططا له منذ سنوات، والدليل أنها لن تقدم لا الدعم المالي ولا الأسلحة ولا المعلومات الاستخباراتية للدول التي تكافح الإرهاب مع أنها تثني عليها وعلى دورها لا غير. ثم ما نفع هذا البرنامج السري الذي يشرف عليه البنتاغون في أربع دول مجاورة للجزائر، حيث قالت تقارير إعلامية أن البنتاغون أشرف على تدريب وحدات من هذه البلدان لمكافحة الإرهاب، لكنها في ليبيا انشقت والتحقت بصفوف الجماعات المسلحة؟! أليس في الأمر نية لإطالة أمد الأزمة؟ ومن يضمن أن أمريكا لم تتخذ هذا البرنامج ستارا لتعميق الأزمة الأمنية في المنطقة، خاصة في ليبيا التي تقول تقارير إعلامية دائما إن سفينة حربية تنقلت قرب السواحل الليبية استعدادا لخطر ما، كما أن أمريكا دعت رعاياها لمغادرة الأراضي الليبية؟! يد أمريكا في ليبيا غير بريئة تماما، مثل الموقف الفرنسي في هذا البلد الذي يدخل عامه الرابع من الفوضى. وكلما طالت الأزمة في ليبيا، ستتأثر بها تونس، كما ستتأثر بها الجزائر التي صرح مسؤول عسكري بها لأول مرة أن الوضع على الحدود الجنوبية خطير. صيف ساخن ستشهده تونس. ولن تكون العملية التي استهدفت أهل وزير الداخلية الأخيرة على التراب التونسي. فالإرهاب في تونس له قاعدة خلفية اسمها حركة النهضة، التي ساعدت وشجعت على انتشار المتشددين طمعا في الاتكال على العنف للبقاء في الحكم.