نقلت مواقع إعلامية أن أمريكا عرضت على ليبيا تدخلا عسكريا في حال نشبت حرب أهلية بها. عرض أمريكا جاء غداة تحذير مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، من نشوب حرب أهلية في بلاده، ويأتي أيضا غداة سحب أمريكا لجيوشها من العراق، بعد أن سوت مؤسساته بالأرض، وفتحته على كل المخاطر، ما يعني أن أوباما الذي وعد العالم بالسلام ووقف الحروب التي تخوضها أمريكا في العالم، مقبل هو الآخر على حروب أخرى، وتدخل أمريكا في ليبيا إن حصل، ليس لحماية الشعب الليبي الذي سيواجه اليوم ما حذرت منه الجزائر وعقلاء العالم في بداية الأزمة الليبية، وتخوفت من أن تؤدي الإطاحة بالقذافي إلى حرب قبلية، لأن المجتمع الليبي تحكمه التوازنات القبلية، التي لا تعترف بالأساليب الديمقراطية ولا غيرها من أصناف الحكم الأخرى، أمريكا إن تدخلت في ليبيا، فهو لطرد فرنسا وشركاتها ومنع ساركوزي من الانفراد بثروات ليبيا من نفط وغاز وغيرهما، وتقويض نفوذها في منطقة الساحل، وربما لهذا السبب لم تكن أمريكا في البداية متحمسة للتدخل في ليبيا، لأنها كانت غارقة من جهة في العراق وأفغانستان، ومن جهة أخرى لم تكن في حاجة لفتح جبهات أخرى مادام نظام القذافي وقتها يصون مصالحها، ولم تدخل إلا عندما رأت أن فرنسا ستستولي وحدها على الكعكة الليبية. لا أدري كيف سيكون موقف فرنسا من هكذا تصريح، وهل ستتحول ليبيا إلى حلبة صراع بين فرنسا وأمريكا، فمن منهما يكسب منطقة الساحل التي لم تعرف الاستقرار، وأعطت الجماعات الإرهابية المتواجدة في المنطقة للطرفين مبرر التدخل من أجل محاربة الإرهاب ظاهريا، وواقعيا من أجل زرع أمريكا لقاعدة أفريكوم التي تبحث لها منذ فترة عن أرض تحتضنها. قد تنسحب فرنسا أمام الأطماع الأمريكية، لكن الأكيد أن ليبيا لن تعرف طعم السلم والسلام، سواء المستفيد من الصراعات الليبية أمريكا أو فرنسا، فلكلاهما مصالحه التي سيسعى للحفاظ عليها، وليذهب الليبيون إلى الجحيم، فهم مقتولون سواء كان ذلك بسلاح القذافي، أو بسلاح بلحاج أو بنيران الحلف الصديقة. الأكيد أن أمريكا هي من سينتصر في هذا الصراع الثنائي على إرث القذافي، فهي لم تسحب جيوشها من العراق إلا لحاجة في نفس يعقوب، حتى وإن كان أوباما صرح قبل الأزمة الليبية بأنه سيسحب آخر جندي من العراق قبل نهاية 2011 وهو ما فعل، لكن ليس ليعودوا إلى بلادهم، وإنما لمهام أخرى فرضها الربيع العربي. ويكفي قراءة في ميزانية أمريكا لسنة 2012، والمبالغ الضخمة التي خصصها أوباما للبانتاغون، لتعرف أن أمريكا رغم الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها، مازالت تمنح وزارة الدفاع نصيب الأسد من الميزانية، ومازالت تعمل على تفوقها العسكري والبقاء كالقوة الأكبر في العالم. اقتراح أمريكا هذا بالتدخل في ليبيا ليس مجرد اقتراح فحسب، ومن يدري فقد تكون قوات الأسطول السادس مستعدة للتدخل في أية لحظة وفي ليبيا من الأسباب ما يسمح لها بتنفيذ هذا الأمر.