ساو باولو مدينة التناقضات.. غنى ورفاهية.. فقر وإجرام.. والقاسم المشترك الجلد المنفوخ لا شيء يؤكد احتضان بلاد السامبا لحدث عالمي تناقضات عديدة تميز مدينة ساو باولو البرازيلية التي كانت المحطة الأولى لبعثة ”الفجر”، حيث كانت الفرصة لنا لنعايش واقع المجتمع البرازيلي وتباين مستوى معيشة بين أغنياء يملكون كل شيء وفقراء لا يتسطيعون تسديد لقمة عيشهم. ومن خلال جولتنا الأولى لشوارع المدينةالبرازيلية، اتضح حجم التناقضات بين واقع المعيشة بين فئات المجتمع الذي يسيطر عليه الأجانب الذين حجوا إلى المدينة منذ قرون خلت من إيطاليا والبرتغال وإسبانيا، أي من الدول اللاتينية. وعند ذكر الرومانسية في البرازيل، يقفز اسم ساو باولو إلى الأذهان، فمن إيقاع الكرنفالات الصاخبة إلى الأيام المترفة على شواطئها، أصبحت المدينة مركز استقطاب لعشاق الرومانسية المتجهين إلى أمريكا الجنوبية. ويبدو أن ساو باولو من أهم المدن التي تحول رحلة السائح إلى جولة رومانسية، وتساعد المتنزهات الضخمة وحوالي 35 ألف مطعم ومراكز التسوق التي لا تضاهى على جعل المدينة وجهة لمحبي السفر إلى المدن الكبرى. وتعتبر ساو باولو أكبر وأغنى ولاية في البرازيل وحتى في أمريكا الجنوبية، وتعتبر القلب التجاري والمحرك الاقتصادي البرازيلي، وهي من أكثر الولايات في اختلاط الأجناس وتتركز فيها الجاليات العربية بنسبة كبيرة في صورة اللبنانيين والسوريين الذين هجروا إلى البرازيل منذ الحقبة العثمانية. وتبعد مدينة ساو باولو عن العاصمة برازيليا بنحو 1030 كلم وعن مدينة ريو دي جانيرو العاصمة التقليدية بمسافة 400 كلم. تشتهر ساو باولو التي ستحتضن اللقاء الافتتاحي بين البرازيل وكرواتيا بمعالم تاريخية وسياحية، فضلا على المهرجانات التي تحظى بزيارة سياح ووفود من مناطق عديدة في العالم. مبعوث ”الفجر” إلى البرازيل تمام شريف ازدحام مروري خانق في شوارع ساو باولو ساو باولو التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة مشهورة بفوضى حركة المرور فيها، ولكن ما زاد الأزمة استفحالاً هو الإضراب الذي بدأه منذ أيام سائقو حافلات النقل المشترك في المدينة. وبعد توقف عن العمل لمدة 48 ساعة (يومي الأربعاء والخميس) في إضراب نفذه سائقو الحافلات في مدينة ساو باولو نفسها، أعلن زملاؤهم في ضاحية المدينة إضراباً مماثلاً. ويطالب المضربون خصوصاً بزيادة رواتبهم بنسبة 10٪. وتندرج هذه التحركات الاحتجاجية في إطار التظاهرات والإضرابات التي تشهدها البلاد عموما مع اقتراب موعد انطلاق مباريات كأس العالم في كرة القدم التي تستضيفها البرازيل، والمعروف أن ساو باولو من المدن التي تشهد ازدحاما كبيرام، إذ أن التنقل عبر السيارات والحافلات يتطلب ساعات طويلة للوصول إلى الأماكن التي ترغب في الالتحاق بها، خاصة خلال هذه الفترة التي تعرف توافد العديد من السياح على المدينة. تحتل الصف الثاني من حيث الكثافة السكانية تعتبر ساو باولو المدينة الثانية في البرازيل من حيث الكثافة السكانية، وأكثر مدينة فيها اختلاط عرقي في البرازيل، تتكون من الجنس الأبيض 67٪ وبني البشرة 25٪ ومن 5،1٪ من العرق الأسود و2٪ من العرق الآسيوي و0،2٪ من السكان الأصليين، وتعتبر من أكثر الولايات في اختلاط الأجناس وتتركز فيها الجاليات العربية. لا أثر للجالية الجزائرية بساو باولو واللبنانيون يمثلون النسبة الأعلى للعرب على غرار البلدان الأوروبية والآسيوية التي تتواجد فيها الجالية الجزائرية بكثرة وفي نطاق واسع، فإن الأمر مختلف بالنسبة لما هو موجود في البرازيل وبالأخص في ساو باولو، حيث من النادر أن تلتقي بالجزائريين أو حتى الجالية التي تنتمي إلى شمال إفريقيا. في المقابل تعرف البرازيل بتواجد جالية لبنانية وسورية بنسب كبيرة، إذ أن الإحصائيات بينت أن أزيد من 8 ملايين لبناني يعيشون حاليا في بلاد السامبا، بعد أن هجروا إليها خلال العقبة العثمانية. البرازيل في نهاية الخريف ومناخ ”ساو باولو” منعش الفصول في البرازيل هي عكسها تماما في الجزائر، ومن العجائب الإلهية أنك تسافر لساعات لتجد مناخا معاكسا لما أنت فيه، فحاليا تعيش البرازيل نهاية فصل الخريف وتختلف درجة الحرارة حسب المدينة، الشتاء سيدخل رسميا يوم 23 جوان وستكون درجة الحرارة منخفضة في الجنوب، حيث يلعب المنتخب الوطني مباراتين في أبعد منطقتين جغرافيتين إلى الأسفل وهما ”كوريتيبا” و”بورتو أليغري”. وتشير المعدلات الشهرية في جوان وجويلية إلى ما بين 11 و13 درجة، في حين يعتبر الجو منعشا في ”بيلوهيروزنتي” حيث يلعب ”الخضر” المباراة الأولى مع متوسط 20 درجة، وهو كذلك مناخ ”ساو باولو”، بينما يصل ما بين 22 إلى 24درجة في ”ريو دي جانيرو”. مراكز تجارية عالمية مفتوحة طوال الوقت لدى السياح والمواطنين تحتار وأنت ترى الأعداد الهائلة من المواطنين من فئات مختلفة من المجتمع البرازيلي التي تتسوق في المراكز التجارية الكبرى في كل الأيام وليس فقط في نهاية الأسبوع. فالبرازيليون يقضون أوقاتا طويلة في ”الشوبينغ” ويستفيدون من تسهيلات كبيرة، إذ يمكنهم ببطاقة الائتمان دفع ثمن أي منتج ولو بلغ 5 آلاف أورو، من خلال تقسيمه على 12 قسطا. فبعملية آلية ينتزع من البطاقة مبلغ كل شهر حتى يتم دفع كل الثمن المطلوب ولا يشترط أي عامل في مركز تجاري على الزبون سوى أن يمنحه بطاقة CPF وهي بطاقة عليها رقم يكتبه لتظهر كل معلومات المشتري، مثلا إذا كان مسبوقا قضائيا أم لا. ويفقد هذا الامتياز إذا ظهر في هذا النظام أن الزبون مدان بجريمة أو جنحة من قبل. البرازيليون يتعاملون بالريال.. 100 أورو يساوي 310 ريال يتعامل البرازيليون بالريال البرازيلي منذ 1994 و1 ريال هو 100 سنتاف، وخلف الريال عملة الكروزيرو السابقة، ويمكن تغيير العملة الصعبة كالأورو والدولار في المطار، لكن من المستحسن أن يكون ذلك في البنوك والصرافات المنتشرة في كل مكان، لأنه يمنحك فرصة الحصول على سعر ما بين 305 و310 ريال مقابل 100 أورو، بينما تحصل مقابل 100 أورو على 290 ريال في المطار، في حين لا يمكن تصريف الدينار الجزائري مباشرة هناك عكس بعض العملات العربية، وتبلغ قيمة 1 ريال برازيلي بعملية حسابية ما يقارب 32 دينارا جزائريا وفق سعر الصرف في البنك المركزي. أخبار من البرازيل...أخبار من البرازيل...أخبار من البرازيل...أخبار من البرازيل...أخبار من البرازيل...أخبار من البرازيل...أخبار من البرازيل شريحة الهاتف للبرازيليين فقط تعد الاتصالات مشكلة كبرى هنا في البرازيل، فبالإضافة إلى استحالة حصول أي أجنبي على شريحة هاتف نقال، يعد الاتصال هنا معقدا جدا بسبب صعوبة الاتصالات والتعقيدات الكثيرة المرتبطة بتشغيله، فضلا عن التغييرات في الأرقام كلما غير صاحبه الولاية، حيث من الصعب جدا إجراء اتصالات حتى لو كان بحوزتك شريحة هاتف سواء داخل البلد أو خارجه. وستشكل هذه القضية مشكلة كبيرة لأنصار المنتخب الوطني هنا في البرازيل، خاصة إذا تعلق الأمر بالاتصال بذويهم، حيث يتوقع أن يكونوا معزولين عن العالم في حال استعمالهم لهذه الوسيلة فقط للاتصال، ما يستدعي من السلطات الجزائرية التفكير في حلول أخرى، كما كان الحال في 2010 بجنوب إفريقيا عندما تم تفعيل خدمة ”الرومينغ” مجانا للأنصار. الشبكة الهاتفية ضعيفة عكس الأنترنيت.. وتبقى النقطة السوداء هنا في البرازيل، شبكة الهاتف النقال التي تعتبر من أضعف الشبكات الهاتفية للمحمول عبر العالم، حيث لم تستغل السلطات التطور الحاصل في البلد لتجبر مؤسسات الهاتف النقال على تطوير خدماتها التي لا ترقى ولا تصل إلى ربع تلك المقدمة في الجزائر، ووصل الأمر إلى حد أن الاتصال بين المدن يجبرك على وضع الرقم المرادف لتلك المدينة وكأنك تتصل ببلد ثان. الأنترنت لا يشكل أي مشكلة و”الويفي” موجود في كل مكان هذا وسيكون الحل بالنسبة لأنصار الخضر القادمين إلى البرازيل في ظل سعر المكالمات الهاتفية المرتفع، هو جلب هواتف نقالة ذكية ”سمارت فون” للتواصل مع أفراد عائلاتهم وأصدقائهم عبر شبكة الأنترنت المتطورة وخدمات ”الويفي” المنتشرة في أغلب الأماكن العامة. سيارات الأجرة مكلفة: عدادات تبدأ من 1،5 دولار و1 كلم مقابل 1،8 دولار وبالنسبة إلى سيارات الأجرة فهي باهظة وأكثر تكلفة لسيارات ”راديو”، إذ أن سعرها أكثر ب 30 في المائة من سعر السيارات الأخرى، ولو أنها أكثر أمانا من الأولى، ويبدأ عداد السيارة عند الركوب في ريو دي جانيرو مثلا من 3،2 ريال برازيلي (قرابة 1،5 دولار ويعادل 120 دينار جزائري) وهو الثمن نفسه في بيلو هيروزنتي وكوريتيبا، ويرتفع في ساو باولو إلى 4،3 ريال. وبعد أن تنطلق السيارة يحسب العداد 1،8 دولار لكل 1 كيلومتر (145 دينار جزائري). وأثناء توقف السيارة فإن العداد يحتسب 0،4 دولار عن كل دقيقة تتعطل فيها حركة المرور، وقد تدفع 4 دولارات دون أن تتحرك السيارة. وبعملية حسابية بسيطة مثلا في ساو باولو، عندما تقطع بسيارة الأجرة كلم ستدفع 28،8 دولار ما يعادل 2300 دينار جزائري. فنادق كثيرة بأسعار خيالية ومجنونة تعد ساو باولو من المدن التي تحتوي على فنادق كثيرة والتي تتعدى 2500 فندق ما بين الفنادق الضخمة والعادية، غير أن اللافت للانتباه أن الحجز خلال هذه الأيام التي تتزامن مع انطلاق كأس العالم يعتبر ضربا من الجنون بالنظر إلى الأسعار الخيالية التي تعرفها هذه الفنادق، والتي في أغلبها تصل إلى 350 أورو لليلة الواحدة، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على باقي المدن البرازيلية على غرار ريو دي جانيرو والعاصمة برازيليا وبورتو أليغري. ميترو ساو باولو على مسافة 61 كلم تحتوي مدينة ساو باولو على مترو طول خطه يبلغ 61 كيم ويعتبر من الأحدث في العالم. ويتوزع المترو إلى خمسة خطوط رئيسية تصل المترو بسكة الحديد من خارج المدينة. وحصل المترو على شهادة ISO 9001 ولم يتوقف بناء خطوط ومحطات جديدة إلى هذا اليوم. الخط الأزرق ويعتبر الأقدم يصل شمال المدينة بجنوبها، وبخطوط أخرى، الخط الأخضر الذي يقطع في مركز المدينة، الخط الأحمر ويعتبر الخط الأكثر ازدحاما في ساو باولو يصل شرق المدينة بغربها، ويتقاطع مع باقي الخطوط الخمسة، الخط الأصفر (لم ينته بعد) وخامس خط هو البنفسجي خصص لوصول الموظفين والعمال إلى الأمكان المزدحمة ومناطق خاصة. مونديال بدون أمن... هي الملاحظة الأبرز التي لفتت انتباهنا خلال تجولنا بمدينتي ساو باولو وسوروكابا، فرغم كثرة الحديث عن التدابير الأمنية الاستثنائية خلال المونديال، فإن ذلك غائب فعليا على أرض الواقع مع تركز محدود لأفراد الجيش قرب مطار ساو باولو الذي سيستقبل تقريبا كل الوفود الرسمية المعنية بالمشاركة في مونديال بلاد السامبا. وغاب أفراد الشرطة عن الأحياء الأخرى بالمدينة التي يرتقب أن تكون مهدا للاحتجاجات المونديالية. اللغة والتواصل هاجس السياح والأنصار والبرازيليون يتقنون فقط البرتغالية سيكون مشكل اللغة أبرز مشكل سيواجه أنصار المنتخبات المشاركة في كأس العالم وعلى رأسهم أنصار محاربي الصحراء، حيث لا يتقن أغلبية الشعب البرازيلي غير اللغة البرتغالية ولا يتكلمون الإنجليزية التي تعد لغة التواصل العالمية الأولى، ما قد يؤثر بشكل مباشر في طريقة التواصل بينهم وبين السياح الكرويين خلال المونديال. جرائم السرقة هاجس ينتاب المناصرين في المونديال ^ تنتاب الأجهزة الأمنية بالبرازيل العديد من المخاوف بسبب ارتفاع جرائم السرقة في الفترة الأخيرة، خاصة في وسائل المواصلات والشواطئ ومناطق أخرى بمدينة ريو دي جانيرو وساو باولو. وقد أشارت إحصائيات الشرطة إلى أن نسبة جرائم النهب في شاطئ كوبا كابانا الشهير ارتفعت بنسبة 60٪ في أول ثلاثة أشهر من هذا العام مقارنة بالعام الماضي. تأتي هذه المخاوف لدى الأجهزة الأمنية بالبرازيل بسبب استعدادها لاستقبال أكثر من ثلاثة ملايين و700 ألف زائر للبلاد أثناء بطولة كأس العالم، كما أن أنصار المنتخبات المشاركة في المونديال أضحت قلقة من هذا الهاجس رغم تطمينات أجهزة الأمن في البرازيل بالتصدي لهذه العصابات.