أجبرت ظروف الحرب في سوريا الكثير من العائلات والأفراد على الهجرة والاغتراب إلى مشارق الأرض ومغاربها ومهما كانت الظروف التي يعيش فيها المغترب مرتاحا لكن تبقى الغربة مرة وما بالك بمن كانت ظروفهم صعبة. يعيش بعض اللاجئين السورين في الجزائر رمضان بنكهة الغربة ويحاولون التغلب على ذلك الشعور بمحاولة خلق ظروف تنسيهم اغترابهم مثل التجمع فيما بينهم وقضاء شهر الصيام باستذكار سوريا من خلال الأطباق التي يعدونها أو سرد التقاليد والقصص الرمضانية في بلدهم الذي أنهكته الحرب والصراعات مثل ما هو حال قاسم، وأبو عماد، وأيمن ثلاث شبان رمت بهم الأقدار من دمشق إلى بومرداس، حيث يشتغل الثلاث في ورشة بناء بالمدينة ويقيمون في بيت ملك لصاحب المشروع يقول قاسم إنه وزميلاه يحاولون نسيان الغربة بخلق جو من الفرفشة حيث يطبخون مع بعض ”هو مو طبيخ بس محاولة” لأن رمضان بعيد عن سوريا وبعيد عن المطبخ السوري ليس رمضان لكنها الغربة وظروفها عصام أحب البوراك الجزائري لكنه لم يتعود على الشربة فريك لأنه يفضل شربة العدس التي لا تعرفها المطابخ الجزائرية في رمضان لكنه يحاول أن يتأقلم مع الوضع. زميله أبو عماد يبدو أكثر منه تحرر من ذكرياته أو ربما يحاول عدم الاكتراث بالظروف المحيطة به لهذا يجتهد كثيرا وقدر الإمكان في جعل مائدته في رمضان نسخة عن مائدة أمه في دمشق قبل بداية الحرب ”لا يمكن للمائدة السورية أن تكون بدون الجبنة والكبة” يقول أكيد تلك التي يعدها هو لا مجال لمقارنتها بتلك التي تعدها نساء دمشق وهي غير قابلة للتقليد هنا في الجزائر وغير معروفة. ”المائدة السورية غنية ومتنوعة في رمضان حتى وإن كان الشعب السوري غير أكول لكنه يأكل بعينيه يجب أن تكون المائدة متنوعة و”مضبوطة” على الآخر لكن لا مجال لذلك طالما نحن بعيدون عن سوريا” يقول قاسم. ورغم أجواء الغربة يستأنس الرفقاء الثلاثة بجو رمضان في الجزائر لاكتشاف العادات والتقاليد التي تتقارب في بعض تفاصيلها وتختلف في جوانب أخرى لكنها تظل في العمق تبحث عن جوانب مشتركة. يأمل قاسم ورفقاءه أن تكون الغربة مؤقتة ويكون هذا آخر رمضان لهم في الغربة والعودة إلى الديار تظل أمنيتهم الوحيدة التي يرفعونها عند كل أذان إفطار راجين أن يفرج الله كربتهم وكربة الوطن ويكون رمضان القادم في حضن سوريا.