يحرص أفراد الجاليات العربية المتواجدة في الجزائر، على قضاء شهر رمضان مع أقاربهم والتمتع بالتقاليد الخاصة ببلدانهم، إلا أنّ اعتبارات متداخلة كارتفاع أسعار تذاكر السفر، أو مرور بلدانهم بظروف أمنية صعبة حال دون تحقيق رغبتهم في الصيام في أوطانهم. عرفت وكالات الخطوط الجوية التهابا في أسعار تذاكر السفر الخاصة بالرحلات المبرمجة إلى بلدان عربية، تزامنا مع قدوم شهر رمضان وقيام بعض المواطنين بالعمرة، وهو ما دفع بعض الجاليات العربية العاملة أو المقيمة بالجزائر إلى قضاء هذا الشهر بعيدا عن الأقارب نظرا للأسعار المرتفعة التي لا تتناسب مع إمكانات هؤلاء المادية، وهو ما أدى إلى حرمانهم من لمّ شملهم والتمتع بالمميزات الخاصة برمضان في بلدانهم. ولا يقتصر الأمر على ارتفاع الأسعار، بل أنّ الظروف الأمنية الصعبة التي تعرفها بعض البلدان العربية اضطرت بعض الجاليات لقضاء هذا الشهر الفضيل بأراضي الغربة، هذا ما أكده لنا بعض من تحدثنا إليهم من أبناء الجالية العربية الذين اضطرتهم الظروف المادية إلى البقاء بعيدا عن الأهل، بعدما تعودوا أن لا يفوّتوا فرصة المناسبات للإحتفال بها في بلدانهم. أول من التقيناهم هو “سامي” أحد العاملين المصريين بالجزائر، حيث أكّد أنه اضطر إلى البقاء بعيدا عن أقاربه بالرغم من رغبته في قضاء هذا الشهر الكريم ببلاده لأن لها عادات وتقاليد تميزها عن بقية البلدان، وعزا سامي السبب إلى غلاء أسعار تذاكر السفر وعدم قدرته على الحجز نظرا للاكتظاظ. وأشار محدثنا أنه يضطر إلى البحث عن بعض المستلزمات الرمضانية الخاصة ببلده التي تتوفر حسب قوله ببعض المراكز التجارية لتحضير بعض الأطباق الرمضانية المصرية المشهورة، لكي يسدّ ذلك النقص الناتج عن فراق أقاربه. وإن كان غلاء تذاكر السفر قد منع بعض الرعايا العرب من تذوق حلاوة هذه المناسبة الدينية ببلدانهم، فإنّ آخرين اضطروا إلى الإقامة في الجزائر نظرا للظروف الأمنية التي تمّر بها بلدانهم، هذا ما دفعنا للتقرّب من إحدى العائلات الليبية المتواجدة في العاصمة، والتي اضطرت إلى دخول الجزائر خوفا من التعرض لأذى في بلدها الأصلي، على خلفية الوضع الأمني المتدهور هناك. وأكّدت لنا ربّة البيت أنها تحاول إعداد الأطباق المشهورة بليبيا، وكذا مشاهدة البرامج التي تبث في القنوات الليبية لكي لايشعر أفراد عائلتها بالغربة، كما تضيف أنّ رمضان ليبيا يتميز بعادات خاصة مختلفة عن البلدان الأخرى، خاصة مع حرص مواطنيها على لمّ شمل جميع الأقارب على طاولة رمضانية واحدة، وحسب قولها فإنّ الطقوس الليبية تتشابه إلى حدّ ما مع العادات الجزائرية، ولا تشعر إلاّ بفرق بسيط خاصة أنّ جيرانها الجزائريين يحاولون سدّ النقص ويشعرون الأشقاء أنهم في بلدهم الثاني. هذا ولوحظ انتشار الجاليات السورية بشكل كبير على أرض الوطن، حيث فضلوا الإقامة بالجزائر خاصة مع الظروف الأمنية الصعبة التي يعرفها بلدهم، اقتربنامن إحدى العائلات السورية المتواجدة بحي العناصر، حيث حدثنا أعضاؤها عن مدى اشتياقهم الى أقاربهم المتواجدين بسوريا، وعن رغبتهم في قضاء رمضان ببلدهم خاصة أنّ الشهر الفضيل له نكهة خاصة، في وقت حرصت “فدوى؛ على إحضار جميع مستلزمات رمضان من دمشق، مشيرة إلى أنّ أفراد عائلتها يحاولون نسيان غربتهم واستحضار رائحة بلادهم بتحضير الأطباق أو مشاهدة المسلسلات والبرامج على القنوات السورية، كما نوّهت بمحاولة جيرانهم خلق مساحة تواصل حميمية تنسيهم وحدتهم بتوجيه دعوات الإفطار أو تبادل مختلف الأطباق. وكالات الطيران.. ازدحام وغلاء قمنا بجولة الى إحدى الوكالات الجزائرية للطيران بديدوش مراد، ولاحظنا هناك توافد كمّ هائل من المسافرين الذين ينتظرون فرصة الحصول على أماكن للسفر خلال الشهر الفضيل إلى بلدانهم، وأكّد لنا من تحدثنا إليهم من المتواجدين بالمكان أنهم من العرب العاملين بالجزائر، وهم بصدد انتظار أدوارهم للحصول على أماكن للسفر بغية قضاء ما تبقى من رمضان مع أقاربهم، لكنهم أبرزوا فشل محاولاتهم خصوصا أنهم لم يجدوا أي أماكن إلى غاية انتهاء هذا الشهر الفضيل. اقتربنا من “سليمان” سوري الجنسية، حيث كشف أنّ نقص طائرات السفر نظرا للظروف الأمنية التي تعرفها بلاده، حال دون تمتعه بنكهة رمضان في دمشق، خاصة أنه لم يتمكن من الحصول على مكان بإحدى الطائرات إلى حين انتهاء رمضان. انتقلنا إلى وكالة أخرى، لفت انتباهنا داخلها ذاك الطابور الطويل من المنتظرين الذين يتشاجرون على أدوارهم بغية الحصول على تذكرة سفر، وكشف لنا أحد المتواجدين أنه تراجع عن شراء تذكرة السفر إلى مصر، نظرا لغلاء أسعارها التي لا تتناسب مع إمكاناته، وهو ما أثار غضبه خاصة أنه سيقضي رمضان بعيدا عن أهله. وللوقوف عند أسباب ارتفاع أسعار تذاكر السفر إلى بعض البلدان العربية، اقتربنا من إحدى موظفات الجزائرية للطيران، التي أكدت أنّ بعض الجزائريين يحرصون على القيام بالعمرة، وهو ما زاد من الضغط على بعض الخطوط. وعن غلاء الأسعار، أرجعت المتحدثة الأمر إلى نقص عدد الطائرات بالبلدان التي تواجه ظروفا أمنية صعبة، وهو ما تسبب في نقص الرحلات وغلاء التذاكر، مشيرة أنّ تذكرة السفر إلى مصر على الخطوط الجوية المصرية قاربت 80 ألف دينار، بينما تنزل قيمة التذكرة عند الجزائرية للطيران إلى 50 ألف دينار.