8/ ومما يستأنس به في هذا الموضوع، أننا لاحظنا أن عامة المؤلفين، من رواة الأخبار يعنون في الغالب، إذا لخليفة من الخلفاء أو ملك من الملوك، بذكر عماله من ولاة وقواد وقضاة الخ ويفردون له باباً خاصاً، يدل على أنهم عرفوا تماماً قيمة ذلك البحث من الجهة العلمية، فصرفوا من الجهد فيه والعناية به ما يناسبه، ولكنهم في تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم، إن عالجوا ذلك البحث رأيته يزجون الحديث فيه مبعثراً غير متسق، ويخضون غمار ذلك البحث على نسق لا يماثل طريقتهم في بحث بقية العصور.ما رأينا مؤرخاً شذ عن ذلك، اللهم إلا ما سننقله لك بعد عن رفاعة بك رافع الطهطاوي في كتاب نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، نقلا عن كتاب تخريج الدلالات السمعية. 9/ كلما أمعنا تفكيراً في حال القضاء زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حال غير القضاء أيضا، من أعمال الحكم، وأنواع الولاية، وجدنا إبهاماً في البحث يتزايد ، وخفاءً في الأمر يشتد، ثم لا تزال حيرة الفكر تنقلنا من لبس إلى لبس، وتردنا من بحث إلى بحث، إلى أن ينتهي النظر بنا إلى غاية ذلك المجال المشتبه الحائر.وإذا نحن إزاء مشكلة عويصة أخرى هي كبرى تلكم المعضلات، وهي منشأ ما لقيناه من حيرة واضطراب، هي الأصل وما عداها فروع، وهي الأم وما عداها تبع. تلك مشكلة إذا وفق العقل لحلها فقد هنت بعدها المشاكل، وانجلى كل لبس وإبهام. ..يتبع