نصح البنك الإفريقي للتنمية حكومة سلال باعتماد إصلاحات اقتصادية جوهرية تقوم على تحديث آليات الاقتصاد والنظام المالي وتنويع مصادر الدخل والتنمية، وكذا إطلاق برامج استثمارية ”ضخمة” لامتصاص بطالة الشباب خصوصاً في مشاريع الإسكان والبنية التحتية. دقّ البنك الإفريقي للتنمية، في أحدث تقرير له، ناقوس الخطر حول الوضع الاقتصادي في الجزائر التي وصفها بأغنى بلد نفطي في شمال إفريقيا، والذي يُتوقع أن تحقق نمواً من 4 في المائة في 2014 و2015، في حين أنها تعاني من بطالة كبيرة تقدر بنحو 22.4 في المائة بين الفئة العمرية من 15 إلى 25 سنة، بسبب ضعف فرص العمل المتاحة نتيجة اعتماد الجزائر على الموارد النفطية والاستثمارات العامة، وضعف القطاع الخاص. وكحلول للمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري، دعا البنك الإفريقي للتنمية السلطات الجزائرية إلى اتباع جملة من النصائح، أهمها اعتماد إصلاحات اقتصادية جوهرية تقوم على تحديث آليات الاقتصاد والنظام المالي والمصرفي وتنويع مصادر الدخل والتنمية، وإطلاق برامج استثمارية كبيرة لامتصاص بطالة الشباب خصوصاً في مشاريع الإسكان والبنية التحتية. وفي ذات السياق، أظهر التقرير أن دول شمال أإريقيا الخمس الممتدة من المغرب إلى مصر تملك فرصا كبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي بفضل النمو السكاني المرتفع، والمتمثلة في حجم الكفاءات المتاحة وعدد الخريجين الجامعيين، والداخلين إلى سوق العمل حتى نهاية العقد الحالي، وكذا الموقع الجغرافي، ما يجعلها منطقة جاذبة لفرص الاستثمار وزيادة التنمية المندمجة. وفي المقابل، أكد التقرير أن تلك الدول تواجه على اختلاف ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تحديات بطالة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، والتي تعتبر الأعلى في العالم بسبب اتساع معدلات بطالة الجامعيين والمرأة المتعلمة، وضعف سوق العمل المنظم واتساع ظاهرة النشاطات الهامشية. وفي هذا الإطار، يعتقد الخبراء أن النمو الاقتصادي في هذه الدول لم يساير الزيادة السريعة في الطلب على العمل المقدر بحوالي مليون شاب سنويا. كما أن تخلف أنظمة التعليم وعدم ارتقائها إلى حاجات القطاع الخاص والمهن الجديدة، عطل وتيرة اندماج الشباب المتعلم في سوق العمل، وتحول من عنصر قوة إلى عامل ضعف. وأكد التقرير أن ”سكان المناطق الساحلية لديهم فرص عمل ودخل أعلى من سكان المناطق الداخلية والنائية خلال السنوات الماضية، كما أن معدلات الفقر والهشاشة أكبر في المناطق الداخلية بسبب ضعف البنيات المستقبلة للاستثمار”، ما يفسر سوء التوزيع السكاني، حيث نجد كثافة سكانية في المناطق الشمالية وخلو مناطق أخرى من السكان، لغياب شروط العيش والدخل. وأوضح التقرير أن التنمية المستدامة في هذه الدول هي السبيل إلى توزيع عادل للثروات بين الفئات العمرية وبين الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية للسكان، الذين يقدّر عددهم بحوالى 170 مليون. وأشار إلى أن الدخل الفردي الحقيقي كان أقل مما حققه النمو الاقتصادي بين عامي 2006 و2010 في دول شمال إفريقيا، مشيرا إلى أن الجزائر حققت نموا ضعيفا في تلك الفترة قدر ب 2.5 في المائة والدخل الفردي 1 في المائة، بينما كان المتوسط الدولي 2.3 في المائة والدخل 1.1 في المائة، في حين بلغ النمو أكثر من 6 في المائة في مصر ولم يتجاوز الدخل الفردي الحقيقي نسبة 4.3 في المائة خلال نفس المرحلة، وبلغ الدخل في المغرب 3.8 في المائة والنمو 5 في المائة، وفي تونس كان 3.6 و4.6، مشيرا إلى أن شمال إفريقيا كانت أسرع في النمو والدخل لكنها لم تتغلب على بطالة الشباب والفوارق الاجتماعية.