دقت أحزاب المعارضة ناقوس الخطر حول مستقبل البلاد، بسبب ما وصفته بالوضع الخطير الذي قد تتجه نحوه، بسبب انتشار الفساد وغياب مؤسسات الدولة، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية. وحذّرت تنسيقية الانتقال الديمقراطي من الغلق المستمر على نشاط الأحزاب، ولم تستبعد توظيف الشارع في العمل السياسي، مشيرة إلى أن غلق القاعات في وجه التشكيلات السياسية ورفض الترخيص لنشاطاتهم، قد يفجر الشارع في أي لحظة. وجهت تنسيقية الانتقال الديمقراطي أمس، نداء إلى الشعب، قرأه الديبلوماسي ووزير الاتصال السابق، عبد العزيز رحابي، بمناسبة إحياء الذكرى الستين لانطلاق الثورة التحريرية، حيث دعا الجزائريين إلى التأمل في وضع البلاد اليوم، و”للاندماج في المسار الصائب والضروري للانتقال ببلدنا من حالة الوهن الشديد الذي أصابها إلى وضعية بلد يسير بخطى حثيثة نحو الديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية لكل أبنائه”، وإلى مرافقة مساعي هيئة التشاور في عملها لبناء مستقبل مؤسس على مصير مشترك يضمن للجزائريات والجزائريين شروط رفاهية شاملة في جزائر قوية، مستقرة وعادلة. وأبرز النداء أن الأحداث الأخيرة التي عرفتها غرداية، والعاصمة، وبعض المدن الأخرى، أكدت صواب ما حذّرت منه المعارضة، مضيفا أن كل الدلائل تبيّن اليوم أن أزمة النظام السياسي تحولت فعلا إلى أزمة دولة، ”فمؤسسات الجمهورية التي هي نتاج مسار تاريخي طويل ومؤلم أحيانا، أصبحت مهمشة، وصارت السلطة الرئاسية مشلولة بسبب الغياب المتواصل لرئيس الجمهورية”. وقال إن السلطة السياسية تتحمل أمام الشعب والتاريخ، مسؤولية تدهور المحيط الاجتماعي والاقتصادي والأمني، كما تتحمل مسؤولية إدخال البلد في أزمة سياسية خطيرة غير مسبوقة. وأوضح عبد العزيز رحابي، وهو يرد على أسئلة الصحفيين بمقر حركة مجتمع السلم أمس، أن توظيف الشارع في العمل السياسي أمر مشروع، لاسيما أمام معاناة المعارضة من التعتيم الذي تمارسه في حقها وسائل الإعلام العمومية، مشيرا إلى أن المعارضة السياسية المنضوية تحت هيئة التشاور والمتابعة، تعمل اليوم كقوة موحّدة، وتنتظر من النخب السياسية والجامعية والأكاديميين والمثقفين وأعضاء الجمعيات وكل أطياف المجتمع المدني، أن يصنعوا لأنفسهم وثبة تاريخية بالالتفاف حول برنامجها السلمي للانتقال الديمقراطي. من جهته، قال الباحث الجامعي محند أرزقي فراد، إن ”المسيرات والاعتصامات الحالية، بإمكان قوى المعارضة استغلالها لخدمة أجندتها السياسية”، مضيفا أنه ”ندعو الشعب الجزائري للخروج في مسيرات سلمية إذا احتضن مبادرتنا للانتقال الديمقراطي”. من جانبه، أكد الأكاديمي والخبير الأمني أحمد عظيمي، أنه لابد من تأطير الشارع والسماح للأحزاب بالنشاط، وتساءل ”لماذا لا تسمح للأحزاب باستعمال الشارع وتحميلها المسؤولية”، مشددا على أن ”وضع البلاد خطير جدا، وعلى السلطة أن لا تترك الدجالين يحركون الشارع، لاسيما أمام تعمدها غلق القاعات في وجه الأحزاب ورفض الترخيص لنشاطاتهم”، وكل ذلك، بحسب المتحدث، ”قد يفجر الشارع في أي لحظة”. وتابع في رده على سؤال يتعلق بكيفية تعامل السلطة مع النداء، بأن ”الأكيد أنه ستحاول تجاهله، ولأن النظام السياسي مصمم على مواصلة طريقه حتى يصطدم بالجدار”. وأكد الاكاديمي والباحث الاجتماعي، ناصر جابي، أن المعارضة ستخرج إلى الشارع، حينما تسمح السلطة بذلك، وبحسبه، فمن حق الجزائريين أن يعبروا بالوسائل السلمية، ومن حق الأحزاب مواصلة النضال لتغيير الوضع.