استمتع مساء أول أمس، جمهور قاعة ابن زيدون برياض الفتح، بموسيقى فرق كل من ”أوتر موزير” من فرنسا، رفقة الثنائي اليوناني ”دورا بتريديس” و”إيفجينيوس فولغاريس”، وهذا خلال السهرة الثانية من الطبعة التاسعة للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة. وقدمت فرقة ”أوتر موزير” الفرنسية في بداية الحفل الذي حضره جمهور عريض، تشكل من العديد من العائلات الجزائرية، التي اكتشفت موسيقى عتيقة وقديمة، كانت تمارس في نهايات القرن الخامس عشر إلى غاية بدايات القرن السابع عشر في كل من فرنسا وبعض البلدان الأوروبية المجاورة لها، على غرار بريطانيا وإسبانيا وألمانيا، واستعملت الفرقة المتكونة من أربعة أفراد في العزف على المقاطع الموسيقية الهادئة، على آلات موسيقية عتيقة تعتبر أولى النماذج للآلات الموسيقية والتي انبثقت منها الآلات الحالية والحديثة، أمثال آلات ”الترومبون” و”المزمار” و”الكمنجا”. وجمعت الفرقة بين الأنغام الموسيقية والرقص الكوريغرافي، بالارتكاز على ارتداء أعضاء الفرقة لبدلات تقليدية تميز فيها اللون الأحمر والأصفر، في مشهد سافر من خلاله جمهور ابن زيدون إلى القرن الخامس عشر لاكتشاف ما يسمى بفن النهضة في أوروبا الغربية، وتعتبر الفرقة التي تشارك في المناسبة الثانية بالجزائر من بين الفرق الموسيقية التي تحمل الذاكرة الثقافية والتي تتميز بكشفها للعلاقة بين الموسيقى والكوريغرافيا العتيقة. واختلف الجزء الثاني من الحفل الموسيقي، بتميز الأنغام المنبعثة من آلة العود وآلة السانتوري اليونانية، التي قدمها الثنائي اليوناني ”دورا بتريديس” مع ”إيفجينيوس فولغاريس”، بحيث عزف الفنانان العديد من الأنغام الموسيقية الثرية والغنية في نفس الوقت، بتأثيراتها الشرقية الشبيهة بالموسيقى العثمانية العتيقة، بالإضافة إلى موسيقى أوروبا الشرقية، بحيث تمثلت المقاطع الموسيقية للمطربين، في موسيقى يونانية تقليدية جميلة ميزتها أنغام آلة السانتوري عثمانية الأصل، والتي تبعث موسيقى جميلة تتمثل في نغمات الإيقاع والأوتار في نفس الوقت. واختتمت مجموعة ”أندالو بروجاكت” المتشكلة من مطربين ألمان، مغربيين وإسبانيين، بحيث تم تقديم المشروع الجديد والثاني لفرقة الأندلس والذي حمل عنوان ”المرايا”، وعكست المجموعة عبر الموسيقى التقاليد الإسبانية في مجال الموسيقى بكل أنواعها، بطريقة أبرزت من خلالها الوجه الحقيقي للموسيقى الفلكلورية الأوروبية، والتي أعادت إلى الذاكرة كل ما ضاع على مر العصور من موسيقى في بلاد الأندلس، ليشكل مشروعا حقيقيا للتبادل الثقافي، وليؤكد الحكمة القديمة القائلة ”في تفكير الآخرين، نجد أنفسنا”. للإشارة، تستمر فعاليات الطبعة التاسعة للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة، إلى غاية التاسع والعشرين ديسمبر القادم، من خلال العديد من الحفلات الموسيقية التي ستحييها العديد من الفرق الموسيقية والمجموعات الوطنية والأجنبية، التي تمارس موسيقى عتيقة، على غرار جمعية الباشطرزية من مدينة القليعة وفرقة محمد محسن من مصر وفرقة بزمارا من تركيا، بالإضافة إلى مجموعة مزج من مرسيليا وفرقة طرب من إيران وابراهيم حاج قاسم مع الجوق الجهوي لمدينة تلمسان.