“علينا أن نشكر المملكة العربية السعودية لأنها ساهمت في انهيار الاقتصاد الروسي”. هذا الكلام للسيناتور وراعي داعش الجمهوري الأمريكي ماك كاين، صرح به منذ يومين تعليقا على الانهيار الذي يشهده الروبل الروسي، بعد أن رفضت السعودية خفض الإنتاج في اجتماع الأوبيب، مثلما طلب منها شركاؤها ومنها الجزائر، حفاظا على الأسعار. وجاء تصريح ماك كاين بعد يومين على تصريحات أصدرتها المملكة تقول فيها إن رفضها خفض الإنتاج هي قرارات اقتصادية بحتة، ولا علاقة لها بمواقف سياسية، ولا بمعاقبة لا إيران ولا روسيا. ومع أن المملكة فقدت برفضها خفض الإنتاج وتسببها في انهيار سعر البرميل، أزيد من 140 مليار دولار، إلا أنها ما زالت ترفض التعاون مع دول الأوبيب ليرتفع سعر النفط، وتتحسن مداخيلها. وقد ضحت باتخاذها هذا الموقف بمصالح بلدان صديقة مثل الكويتوالجزائر، التي يتوقع أن يؤدي انهيار سعر النفط إلى قلاقل شعبية وإلى توقف عجلة التنمية وتجميد المشاريع التي في طريق الإنجاز، مثلما حذر من ذلك خبراء، حتى وإن كانت الحكومة التي راجعت الأسبوع الماضي أولويات مشاريعها على ضوء هذا الانهيار، تحاول تطمين الجزائريين وتسوق أن شبح الأزمة المالية بعيد عنا. كل هذا من شأنه أن يجلب للسعودية عداوات كبيرة، فقد جعلت من الأوبيب التي أسست من أجل حماية البلدان المصدرة للنفط من جشع الإمبريالية الغربية، وكانت المملكة هي من استعملت النفط للمرة الأولى والأخيرة سلاحا سياسيا في صراع العرب مع إسرائيل، جعلت منها مطية سهلة الركوب من قبل أمريكا، فيكفي أن تنوي أمريكا ولا أقول تأمر، لتلبي المملكة الصديقة حاجة أمريكا في صراعاتها ليس فقط الاقتصادية وإنما على زعامة العالم. السعودية إذن تستعمل مرة أخرى سلاح النفط، لكن هذه المرة لذبح العرب مثلما أسلفت (الكويتوالجزائر)، وأيضا لذبح أعداء أمريكا، روسياوإيران لوقوفها في وجه المخطط الأمريكي السعودي القطري للإطاحة ببشار الأسد. وإذا ما استمر الوضع الأمني على ما هو عليه في سورياوالعراق وليبيا، فإن مستقبل الصراع على أسعار النفط، سيخرج من يد السعودية. فبعد سيطرة داعش على منابع النفط في هذه البلدان، وتصديره بصورة غير شرعية عبر تركيا إلى الأسواق العالمية، بأبخس الأثمان، سيزيد من انهيار سعر النفط إلى أقل من 40 دولارا، حسب ما يتوقعه خبراء. وهذه المصيبة لم تحسب لها السعودية حسابا، لكنها ستدفع ثمنها مستقبلا. فداعش صارت الآن أغنى تنظيم إرهابي بسيطرتها على نفط العراق وليبيا وسوريا. وما ساعدها على ذلك تسهيل تركيا مرور نفط هذا التنظيم إلى الأسواق العالمية، فقد صارت تمتلك نفطا ينافس الدول المنتجة. داعش التي تدعي أمريكا أنها تحاربها في العراقوسوريا، تستعملها من جهة أخرى في حروبها النفطية، ولهذا سمحت لها بالسيطرة على مواقع للنفط في العراقوسوريا. وهذا ما يطرح من جديد تساؤلات حول علاقة أمريكا بهذا التنظيم؟!