تعيش مئات العائلات القاطنة بقريتي ”تانوت” و”تازيلا”، الواقعتين بأقصى جنوب بلدية عين أزال بالجبال الفاصلة بين ولايتي سطيف وباتنة، حياة بدائية تطبعها العزلة والفقر المدقع، حيث لايزال هؤلاء السكان يحتطبون لأجل التدفئة والطهي ويتنقلون بواسطة الحمير والبغال. كشفت جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا إلى القريتين اللتين تقطنها أزيد من 1000 نسمة عن مدى المعاناة التي يكابدونها يوميا، حيث لايزالون يعتمدون على المقومات البدائية من أجل البقاء، وتبدأ معانات المواطنين من الطريق الوحيد الرابط بين القريتين في شطره الرابط بين المدرسة وقرية تازيلا، الذي انهار تماما بسبب التقلبات الجوية وعدم التهيئة، وهو ما حال دون قضاء المواطنين حاجياتهم خاصة التزود بالغاز والمواد الغذائية من مركز البلدية، الأمر الذي دفع العديد إلى اللجوء للاحتطاب من أجل الطهي والتدفئة. وقال لنا شيخ ارتسمت على وجهه هموم الحياة وجدناه على حافة الطريق بقرية ”تازيلا” يجر أمتعته على نقالة، أن كل شتاء تعزل قريتهم عن البلدية نظرا لكمية الثلوج التي تسقط على المنطقة وتحول المسلك الريفي إلى برك وأوحال لا يستطيع حتى الراجلين السير عليه. فيما ذكر بعض ما تبقى من الشباب بالقرية أنهم يعيشون حياة بدائية خاصة في ظل غياب المقومات الأساسية للحياة، وكل بزوغ فجر يسمعون بأحدهم غادر القرية بدون رجعة هروبا من الفقر والحرمان. أما عن الشغل فقال أحدهم أننا لسنا من أبناء جزائر”العزة والكرامة” حتى يحسب لنا حساب في هذا المجال، خاصة في ظل غياب الأراضي الفلاحية وطابع المنطقة الجبلي، فمهنتهم الرئيسية الرعي بقطعان الماعز الذي يوفر لهم الحليب وبعض اللحم عند مرض أو هزل احد العنزات. وعند سؤالنا عن مصادر الرزق للعائلات قال بعضهم أن جل سكان القريتين يعيشون على معاشات الشيوخ ومنح ، أومآ يجود بيه بعض أبناء المنطقة المهاجرين بالمدن المجاورة أو المدن الكبرى على غرار الجزائر العاصمة. أما عن مشكل الماء الصالح للشرب فإن القريتين تتزودان بهذه المادة الحيوية من بئر يقع بجانب مدرسة ”تانوت”، فيما تبقى قرية ”تازيلا” تنتظر حفر بئر بالقرية للتخفيف من معانات أهل القرية. وما لاحظناه خلال جولتنا هذه أن اغلب البيوت لازالت تعتمد على الحفر التقليدية لصرف المياه المستعملة لعدم وجود شبكة للصرف الصحي بالمنطقتين. أما عن النقل فأهل القريتين يستعينون بالحمير لحمل أمتعتهم داخل القرية. فيما تبقى سيارة بيجو 404 نصف نقل هي الوسيلة للتنقل إلى مركز البلدية بما فيها تلاميذ الطور المتوسط والثانوي. وعند تنقلنا إلى أعلى قرية” تازيلا” بحكم أن القرية تقع في منحدر جبلي، وجدنا بعض الأطفال يجرون سلاسل تربط العديد من الأواني في سباق للوصول إلى أحد الينابيع الطبيعية للتزود من الماء بدل الذهاب إلى القرية المجاورة لجلب الماء من البئر الوحيدة بهذه المنطقة. أما فيما يخص الصحة فإن القريتين يعتمدان على قاعة علاج واحدة بها ممرض، وإن غاب فلا أحد ينوب عنه مع غياب سيارة إسعاف، حيث يضطر أغلب الحوامل إلى وضع مواليدهن في المنازل لتعذر في كثير من الأحيان النقل للوصول إلى المستشفى، وهو ما يعرضهن لخطر الموت.