هي سنة مليئة بالأحداث العالمية السياسية، العسكرية والحربية بامتياز، نمت فيها قوى إرهابية تمكنت من السيطرة على أجزاء مهمة من العالم وزرع الرعب في حكومات الدول الكبرى، تمادت فيها إسرائيل بتنفيذ جرائم بشعة شجعها عليها الصمت والتخاذل العالميان، أحبطت آمال العرب في محاكمة عادلة لرؤوس فساد الأنظمة التي تم إسقاطها، تأججت فيها نيران الحروب وقوت فيها شوكة المعارضة، كما أعطت الفرصة لشعوب باحثة عن الحرية التي لطالما حرمت منها. أعنف حرب تعرفها غزة بحصيلة تفوق 2174 شهيد و10870 جريح العدوان الصهيوني على غزة.. أكثر الأحداث دموية هذه السنة اليونيسف: “الأطفال ثلث ضحايا عدوان إسرائيل على غزة” بعد 50 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وضعت الحرب أوزارها أخيرا، إثر اتفاق فلسطيني - إسرائيلي، برعاية مصرية، بعد دمار شامل مس القطاع والمدن الفلسطينية المجاورة له، تسبب في استشهاد أكثر من 2174 شهيد، بينهم 447 طفل، ما يمثل ثلث عدد الضحايا حسب اليونيسيف. بدأ الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة بعد الساعة الواحدة من فجر يوم 8 جويلية 2014، باستهداف منازل المواطنين في بلدة القرارة جنوبي القطاع، وتبع الهجوم إعلان إسرائيل عن بدء حملة عسكرية أطلق عليها اسم “الجرف الصامد”، لترد على ذلك كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس بإطلاقها اسم “العصف المأكول” على تصديها للهجوم، بينما اختارت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اسم “البنيان المرصوص” لعملياتها. وبالرغم من أنه قد تبين منذ بداية الحرب أن هدف إسرائيل تدمير قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية، كانت نواياها في تحطيم بنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم جلية بشكل مبالغ فيه، ففي اليوم الأول من الحرب استدعى الجيش الإسرائيلي 40 ألفا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدا و28 جريحا فلسطينيا، ثم توالت المجازر لتسقط أكثر من 1742 شهيد، منهم 743 1 مدني، بعد 50 يوما من العدوان الغاشم. الفصائل الفلسطينية تجتمع تحت راية موحدة للتصدي للعدوان أبدت الفصائل الفلسطينية مقاومة شرسة ونوعية على مدى أيام العدوان الإسرائيلي، ردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن الرئيسية والقرى والمستوطنات داخل الخط الأخضر، مثل القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع، ما دفع بإسرائيل للجوء إلى ما تسميها “القبة الحديدية” في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأعلنت عن تدمير عدد منها. وعلى الرغم من تظافر جهود الفصائل الفلسطينية خلال هذه الحرب، كمبادرة حسنة لاقت الكثير من الترحيب، إلا أن الجميع يشهد أن الدور الذي لعبته حركة حماس في الرد على الهجمات الصهيونية المتكررة كبير جدا، حيث أثار رد المقاومة الذي تبنته كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس مخاوف الإسرائيليين من احتمال توسع المواجهات بحيث تصل إلى القدس وتل أبيب، إذ لم يكن سهلا على إسرائيل أن تضطر إلى إطلاق صافرات الإنذار في معظم مدن وسط البلاد، رغم أنها ادعت لاحقا أن ذلك تم بطريق الخطأ، ليس ذلك فحسب وإنما لجأت إسرائيل إلى إصدار تعليمات للأهالي بعدم التجمع والاحتشاد في المناطق التي تبعد عن غزة بمسافة 40 كيلومترا، وطلبت من البلديات في المدن والمستوطنات الرئيسية إعداد الملاجئ وتجهيز وحدات الدفاع المدني تحسبا لأي طارئ، في الوقت ذاته نقلت القناة العاشرة الإسرائيلية عن مسئولين في الحكومة قولهم: “إن حماس بإطلاقها الصواريخ إلى وسط إسرائيل فإنها تجاوزت خطا أحمر ينبغي أن تدفع ثمنه”. الحرب على غزة تضع أوزارها بكارثة إنسانية غير مسبوقة بعد الحرب على غزة أصدر المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان تقريرا شاملا عن الخسائر البشرية والمادية بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية، وأظهر التقرير مقتل 1742 فلسطينيا 81 بالمائة منهم من المدنيين، بينهم 530 طفل و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، ومقتل 340 مقاوما فلسطينيا، وجرح 8710 من مواطني القطاع، كما قتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف. ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدا بالكامل و109 مساجد جزئيا، وكنيسة واحدة جزئيا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزل، وأصبحوا بلا مأوى. على صعيد خسائر إسرائيل، قُتل 64 جنديا و6 مدنيين بينهم امرأة. ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية وغيرها، أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحا. منظمة العفو الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد سكان غزة اجتمعت أغلب الجمعيات والمنظمات الدولية على رأي موحد، يقضي باقتراف إسرائيل لجرائم حرب شنيعة خلال حربها على غزة، التي اعتبرت الحدث الأكثر دموي خلال هذه السنة، ومن جهتها اتهمت منظمة العفو الدولية جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب خلال هجومه الأخير على قطاع غزة ، مطالبة بإجراء تحقيق دولي في هذه الاتهامات، مؤكدة لامتلاكها كل الأدلة الضرورية لإثبات أن هذا التدمير على نطاق واسع تم عمداً وبدون أن يكون له أي مبرر عسكري، وطالبت منظمة العفو بأن يسمح للمنظمات الحقوقية بدخول قطاع غزة وبأن يسمح أيضاً للجنة تابعة للأمم المتحدة بإجراء تحقيق بلا عراقيل، لا سيما في ظل رفض الاحتلال الصهيوني التعاون مع لجان التحقيق الإنسانية الدولية. ومن جهتها أكدت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أنه وبناء على بعثتها إلى غزة والضفة الغربية في الفترة من 23 أكتوبر إلى الفاتح نوفمبر، قد رسمت صورة مقلقة لحالة حقوق الإنسان هناك. الآثار المأساوية للعملية العسكرية الإسرائيلية على غزة والتمييز اليومي ضد الفلسطينيين في شتى أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، تستدعي النظر فيها من قبل محكمة الجنايات الدولية، وبشكل جاد. كلفة إعادة الإعمار بملايير الدولارات بدأت في 12 من أكتوبر بالقاهرة فعليات مؤتمر إعمار عزة، بمشاركة دولية واسعة، لبحث الكلفة المالية لإعادة الإعمار بعد الخسائر التي لحقت بالقطاع من جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وذلك بمشاركة ممثلي أكثر من 50 دولة و30 منظمة دولية بحثوا سبل إزالة أثار الدمار والخسائر التي خلفتها الحرب على القطاع، التي دمرت المساكن والمصانع والأراضي الزراعية، كما شارك في المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، ورئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، وممثلو عدة هيئات إغاثية ومنظمات دولية، من بينها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأونروا وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وتضمنت أعمال المؤتمر العديد من جلسات العمل تم من خلالها تأطير التحديات، وتحديد الاحتياجات، إضافة إلى مناقشة عامة للمشاركين تم خلالها التطرق إلى التعهدات. ومن جهته، قدر رئيس الوزراء الفلسطيني التكلفة الكلية لإعادة الإعمار بنحو 4 ملايير دولار على مدى 3 سنوات في غزة، أما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” فقالت إنها بحاجة “عاجلة” إلى مساعدة قيمتها 1.6 مليار دولار لإعادة إعمار سريعة لبعض القطاعات في غزة، وقال المتحدث باسم “الأونروا” في غزة عدنان أبو حسنة، إن نصف المبلغ الذي طلبته الوكالة لإعادة إعمار غزة، سيذهب لبناء البيوت المدمرة ومن جهتها، فيما يعد هذا المبلغ أكبر معونة تطالب بها المنظمة في تاريخها. ويرهن مراقبون نجاح مؤتمر إعمار غزة في تحقيق أهدافه بتثبيت وقف إطلاق النار داخل القطاع، وتمكين الحكومة الفلسطينية، والتزام الجانب الإسرائيلي بعدم اختلاق المبررات والعقبات لتعطيل عمليات إعادة الإعمار، ما يجنبه مصير مؤتمر مماثل في أعقاب الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2009. تايمز: “40 ألف فلسطيني ما زالوا يعيشون في ملاجئ مؤقتة ووسط أنقاض منازلهم” كشفت صحيفة “التايمز” أن النازحين في غزة: “ما زالوا يعيشون وسط الدمار”، مؤكدة أنه: “لا شيء تقريباً أعيد إعماره في غزة”، وبالرغم من جمع المانحين لخمسة ملايير دولار، وسماح إسرائيل بوصول الإمدادات إلى القطاع، إلا أن نسبة المساعدات التي وصلت للقطاع حسب الصحيفة ذاتها، لم تتجاوز 1 بالمائة من المواد اللازمة لسكانه. وأضافت تايمز أن أربعين ألف فلسطيني ما زالوا يعيشون في ملاجئ مؤقتة وسط أنقاض منازلهم، وأن ثمانية عشر ألف منزل دمر من جراء القصف الإسرائيلي على القطاع، وخمسون ألف بيت تضرر، بينما أغلقت الحدود بين مصر وغزة لفترات طويلة، ونقلت الصحيفة عن منظمة “جيشاه” الإسرائيلية غير الحكومية قولها أن المتعهدين: “لم يتسلموا شيئاً تقريباً بحكم القيود، ما يعني أن المصدر الوحيد للإسمنت بالنسبة إليهم هو السوق السوداء، حيث يوازي سعر المواد سبعة أضعاف السعر”.
ردود فعل قوية تندد بإهانة دماء الشهداء والانقلاب على مبادئ الثورة المصرية براءة مبارك تزعزع إيمان العرب بمستقبل ديمقراطي أفضل أثارت جلسة النطق بالحكم في قضية مبارك ونجليه ومعاونيه ردود فعل الكثير من المراقبين العرب والأجانب، وكذا الشعب المصري المعني بالدرجة الأولى، والذي اعتبرها محاكمة القرن التي لم تأتي بالقرار الذي يرسخ المبادئ التي لأجلها قامت ثورة يناير، والتي خيب آمال الكثيرين في غد عربي يتنفس هواء الحرية والديمقراطية. وجاء قرار محكمة جنايات القاهرة بنتيجة لم يتوقعها أتباع الرئيس السابق قبل معارضيه،بعد أن قضت بعدم جواز الدعوى بحق مبارك في قضية قتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات الشعبية التي أنهت حكمه قبل أربعة أعوام، كما قضت المحكمة ببراءة وزير الداخلية حبيب العادلي وستة من معاونيه في القضية ذاتها، وبرأت المحكمة أيضا مبارك ورجل الأعمال حسين سالم في قضية تصدير الغاز لإسرائيل. وفي الوقت الذي هدد قاضي الجلسة محمود الرشيدي أي مشكك أو رافض للقرار بتسليط عقوبات قانونية عليه، أمر النائب العام المصري، المستشار هشام بركات، باتخاذ إجراءات الطعن رسمياً في الحكم الصادر ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العدلي ومساعديه الستة في قضية قتل المتظاهرين، كما كلف فريقاً من النيابة العامة بإعداد مذكرة بالأسباب وعرضها عليه لإيداعها بمحكمة النقض، وقال بيان صادر عن مكتب النائب العام أنها ستعرض نتائج الدراسة التي قام بها فريق من النيابة العامة على الحكم الصادر، وكشفت الدراسة أن الحكم ببراءة المتهمين في قضية القرن شابه فراغ وتناقض قانوني كبير. غليان شعبي كبير تشهده مصر منذ ذلك وفور النطق بالحكم في أهم قضية عرضت على القضاء المصري في التاريخ، أغلقت قوات الأمن، ميدان التحرير بالعاصمة القاهرة، تحسبا لمظاهرات غاضبة بعد تبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك وأعوانه، وسدّ الأمن والجيش المنافذ المؤدية إلى ميدان التحرير، تخوفا من وصول متظاهرين إليه، كما كثفت قوات الأمن من انتشارها في الميادين الرئيسة والطرق وبالقرب من مقر المحاكمة بعد أن كانت جماعة الإخوان المسلمين قد دعت إلى مظاهرات بالتزامن مع انعقاد جلسة الحكم على مبارك والعادلي. وبالرغم من حالة الفرح التي سادت أوساط مؤيدي الرئيس وأتباعه الذين اعتبوا الحكم عادل ودليل على أن ثورة يناير ما هي إلا مؤامرة قادها المخربون ضد السلطة، اعتبر الآلاف من المتظاهرين ضد الحكم أنه اكبر سقطة للقضاء المصري على مر العصور، واهانة لدماء الشهداء، وانقلاب على الثورة المصرية التي ضحوا بدمائهم وارواحهم من اجلها ومن اجل اسقاط حكم دموي فاسد سيطرت عليه عصابة من اللصوص والبلطجية، ما دفع بهؤلاء الرافضين وعلى كثرتهم إلى التجمع والخروج في مظاهرات حاشدة، واجهتها قوات الأمن المصري بشدة، حيث أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات التحذيرية مخلفة العديد من القتلى والجرحى.