هيمنت لهجة التكالب الدبلوماسي المغربي على الجزائر التي جاءت بخطابات السياسيين تصاعدت حدتها في اتهامات باطلة زعمت إطلاق النار على مواطن مغربي وبالوقوف وراء تسريبات “كريس وكلمان“ التي أسقطت أوراق التوت عن المخزن. وبدأ العام الجديد 2014 بمخطط مغربي أثاره الملك محمد السادس عبر سفرائه في مختلف الدول، يتمحور حول الدفاع عن الأطروحات المخزنية حول الصحراء الغربية في المحافل الدولية، لكن ذلك لم يصمد مطولا أمام توالي الفضائح التي سربها حساب “مجهول” على تويتر عبر وثائق ومراسلات سرية تخص الوزراء المغاربة. وتسببت حادثة الاتهام بتوتر في العلاقات بين البلدين، حيث نفت وزارة الخارجية الجزائرية إصابة مواطن مغربي بطلق ناري، من طرف أفراد الجيش على الحدود مع المغرب، ووصفتها ب”ادعاءات مغرضة”، يحاول المخزن تلفيقها للجزائر. وكان خلال موجة الاتهامات لا ينفك وزراء مغاربة عن اغتنام الفرصة لإثارة مسألة فتح الحدود محاولين حشد الدعم الأوروبي والأممي، مع رفض الجزائر أن تصبح حدودها مكشوفة أمام التدفق الكبير للمخدرات والتهريب الذي يستنزف الثروة الوطنية، خصوصا مع بدء المغرب مشروعا لإنشاء سياج حدودي إلكتروني قبل أشهر، يمتد عبر مناطق متفرقة من طول حدود الشرقية مع الجزائر، التي يبلغ طولها ما يناهز 1560 كيلومتر، وهو ما دفع أيضا بالسلطات الجزائرية في سياق تأمين الحدود مع المغرب للإعلان عن مشروع لتعزيز تأمين الشريط الحدودي الغربي عبر المراقبة الإلكترونية لمواجهة عمليات تهريب المخدرات والوقود، خاصة في تلك المناطق التي تعرف منذ سنوات تفاقما لظاهرة التهريب التي شملت مختلف البضائع ولا سيما المخدرات التي توجه نحو الجزائر ومحاولات استنزاف الثروات الوطنية الطاقوية (الوقود) لتهريبها إلى خارج الحدود الغربية للوطن. واستمرت حالة الشد والجذب إلى غاية أن وصل الحد بوزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، إلى توعد الجزائر ب”الاصطدام والمواجهة المباشرة طيلة سنة 2015”، على خلفية اتهامها بتسريب وثائق ومراسلات سرية دون أن يمتلك دلائل، مضيفا أن “المغرب لن يتوانى في تقديم الحجج والدلائل التي تثبت تورط الجارة الشرقية في تغذية الصراع حول الصحراء”، حسب تعبيره. ومنذ بداية أكتوبر قام حساب على فيسبوك، وبعدها على تويتر بنشر وثائق تتعلق بطريقة عمل الرباط عبر الضغط عن طريق لوبيات في الخارج للدفاع عن موقفها في ملف الصحراء الغربية، حيث فاق عدد هذه الوثائق ال2000 يحمل أغلبها ختم “سري جدا”. ومع نهاية أكتوبر عاد الحساب نفسه ونشر وثائق تخص المؤسسة العسكرية المغربية، وتتضمن مفاوضات الرباط لإنشاء مصنع لصناعة الذخائر العسكرية لتزويد الجيش بحاجياته، وكذلك من أجل التصدير. وكشف الحساب أيضا عن مدير مجموعة إعلامية مغربية يدير شبكة من الإعلاميين الفرنسيين والأمريكيين، خصصت لهم رواتب وامتيازات، مقابل الدعاية لبعض المواقف الدبلوماسية للمغرب في الخارج. وتحدثت آخر الوثائق التي نشرها هذا الحساب المعروف باسم “كريس كولمان” مثلا عن “دعم” كاثرين آشتون، المفوضة الأوروبية السابقة ل”تقرير المصير في الصحراء الغربية”، أو “الحوار بين الرباط وتل أبيب” و”زيارة مسؤولين إسرائيليين للمغرب”. ولم يصدر عن الرباط إلى حد الآن أي بيان رسمي ينفي صحة الوثائق، باستثناء تصريح وزير الخارجية المغربية إضافة إلى اعتراف كاتبة الدولة في الخارجية بحصول تسريبات من بريدها الإلكتروني، بعد نشر حساب “كريس كولمان” لصور شخصية لها. وكان من نتائج ذلك أن عددا من الشخصيات على المستوى الدولي، والتي كانت تعلن عن تعاطفها مع الطرف المغربي في النزاع حول الصحراء الغربية، بدأت تتحفظ عن الاستمرار في مساندة المغرب بعد التسريبات التي أظهرت أسماء وأموالا كانت تتلقاها شخصيات من المخزن بعد اختراق البريد الإلكتروني الخاص بوزراء مغاربة.