أثارت رواية الكاتب الفرنسي ميشال ويلبيك الصادرة مؤخرا ”استسلام”، جدلا واسعا في أوساط المجتمع الفرنسي، حيث تتناول موضوع أسلمة فرنسا، وهو الأمر الذي لم يلق ترحيبا في الأوساط الفرنسية. قصة الراوية، التي يصفها الفرنسيون بالمستفزة، تصور بلدهم في المستقبل القريب على أنه بلد ”متأسلم” تدرس جامعاتها الطلاب القرآن وتجبر النساء على ارتداء الحجاب، وتسمح للرجال بالاقتران بأكثر من زوجة واحدة. وفي العام 2022، تواصل فرنسا انهيارها التدريجي البطيء، فيما يتولى زعيم حزب إسلامي رئاسة البلاد، وسيتم تشجيع النسوة على ترك أعمالهن، مما يؤدي إلى انخفاض معدل البطالة، ناهيك عن الجريمة التي ستختفي في الأحياء السكنية الفقيرة المكتظة، أما الشعب الفرنسي المخدر والفاسد، فيعود إلى سليقته التي عودنا عليها منذ الحرب العالمية الثانية، وهي التعاون مع المحتل أيا كان، ويتقبل فرنسا ”المتأسلمة” الجديدة. وفي هذا الإطار، قال ويلبيك إن موضوع كتابه الحقيقي يتمحور حول عودة الدين إلى قلب الوجود الإنساني واضمحلال افكار التنوير التي سادت منذ القرن الثامن عشر، حيث صرح لصحيفة ”لو فيغاروا”، قائلا ”إن عودة الدين ظاهرة عالمية وهي موجة عاتية لا فرار منها. إن الالحاد حزين جدا. اعتقد أننا نشهد الآن نهاية حركة تاريخية انطلقت منذ عدة قرون في نهاية العصور الوسطى”. وتعرض الروائي الشهير ويلبيك، إلى عدة انتقادات من قبل العديد من المثقفين الفرنسين، حيث اتهمه مدير صحيفة ليبراسيون اليسارية لوران جوفران باللعب على وتر الخوف من الإسلام وبتعزيز ”أفكار الجبهة الوطنية”، وهناك من يذهب إلى القول بأن رواية ”الاستسلام” تعزز أفكار الكاتب ”زمورايريك” الذي يناقش انهيار فرنسا الأخلاقي أمام الاسلام ”المتوثب”. الكاتب إيمانويل كارير من جهته، وصف رواية ويلبيك بالرائعة والاستثنائية، حيث قال إن ”تكهنات ميشال ويلبيك الاستباقية تنتمي إلى العائلة ذاتها” مثل رواية القرن العشرين ”أفضل العوالم” لألدوس هاكسلي. ويذكر أن ميشال ويلبيك، كاتب وشاعر فرنسي من مواليد 1958، حيث أصبح معروفا لدى جمهور قرائه بكتاباته عن محنة الرجل الغربي الجنسية، والبؤس العاطفي خصوصا في روايته ”الخريطة والإقليم”، كما اشتهر أيضا بروايتي ”ما من وقت مضى” و”منصة” و”احتمال وجود جزيرة”.