استيقظ، صباح أمس، سكان قسنطينة على وقع حادث احتراق الأنفاق الواقعة في منطقة باب الوادي (لابريش) الشهيرة، ما تسبب في خسائر مادية تقدر بالملايير، واحتراق كلي ل125 محل للملابس والهواتف النقالة وملحقاتها على وجه الخصوص، مع إغلاق قلب المدينة وسط احتجاجات وحالة من الترقب والحيرة. جندت مديرية الحماية المدنية لعاصمة الشرق كل إمكاناتها ووسائل ضخمة من أجل إطفاء الحريق، الذي شب حسب ما علمناه في حدود الرابعة وخمسة وأربعين دقيقة، أي بعد صلاة الفجر، وطال كل الأنفاق الواقعة في قلب المدينة أمام البريد المركزي، غير بعيد عن مقر مكتب جريدة ”الفجر” الجهوي بقسنطينة، ولولا تدخل سائقي سيارات الأجرة لإنقاذ حارس كان يستغيث بالداخل للقي حتفه، وهو يوجد حاليا بالمستشفى الجامعي في حالة معقدة حسب ما علمناه. وأفاد أعوان للحماية المدنية ل”الفجر” أنهم لم يواجهوا صعوبة في القيام بمهامهم كالتي واجهوها أمس، حيث لم يتمكنوا من دخول الأنفاق لكثرة الدخان ولهيب النيران، وفضلوا الإطفاء من الخارج تجنبا للاختناق، وقد استعملوا أكثر من 10 شاحنات من الحجم الكبير ومئات الأعوان سعيا لإطفاء الحريق. كما سجلنا تواجدا كثيفا لرجال الأمن والشرطة العلمية في عين المكان، إلى جانب أصحاب المحلات الذين كانوا مصدومين وأغلبهم في حالة يرثى لها وسط بكاء وعويل وتهديد، قبل أن يتم في حدود العاشرة صباحا إغلاق وسط المدينة تماما. وتساءل عدد من التجار الضحايا ما جدوى عاصمة الثقافة العربية إن كانت بدايتها بحرق ممتلكات وقطع عيش آلاف العائلات، في إشارة منهم لحريق سوق بطو الذي أتى على 140 محل تجاري للخضر والفواكه، ثم حريق ثاني وفي يوم جمعة وفي جنح الظلام أيضا، تماما كما حدث مع السوق، مؤكدين ل”الفجر” أن الحريق بفعل فاعل وإلا بماذا نفسر إشعال النيران عبر كل مداخل الأنفاق الرائعة ال11 التي تفنن الإيطاليون في إنجازها نهاية الثمانينيات. وتساءل ممثل عن التجار الضحايا عن جدوى كاميرات المراقبة التي ملأت وسط المدينة إذ لم يقدم لهم المسؤولون كيف ومتى ومن كان وراء هذا الحريق، معتبرين إياه إجراميا، ولا مجال للتستر وراء مقولة الشرارة الكهربائية كما حدث مع سوق بطو، وإن كانت كذلك فلماذا يحترق سوق بطو ثم الأنفاق تباعا وقد يأتي الدور على مرافق أخرى؟ تواجد مكثف للشرطة العلمية وفتح تحقيق ورغم محاولاتنا التقرب من مسؤولي الأمن وكذا بعض مسؤولي ديوان الوالي، إلا أن لا أحد أفادنا ولو بمعلومة ما، وكان الجميع يتهرب، وبالمقابل كان رجال الشرطة العلمية يجمعون عينات من أشياء احترقت عن آخرها بغرض القيام بتحقيقات. احتجاجات عارمة وغلق وسط المدينة ولم ينتظر أصحاب المحلات الضحايا طويلا، ليقوموا بحركة احتجاجية وعارمة أمام دار الثقافة محمد العيد آل خليفة، حيث تجمهروا هناك وسط تعزيزات أمنية غير مسبوقة، خاصة مع تداول أخبار بمواصلة الاحتجاجات وقضاء الليل هناك، والاعتصام دون توقف إلى غاية الكشف عن سبب الحريق وتعويضهم، خاصة وأن سيناريو حريق سوق بطو وما تبعه أمام أعينهم، حيث أن ضحايا السوق وجدوا أنفسهم بعد مرور أزيد من شهر يرممون السوق على حسابهم بعد أن جمعوا أموالا، وفضلوا القيام بالأشغال بدلا عن مصالح بلدية وولاية قسنطينة. ”السوتيران راحت” المواطنون الذين خرجوا صباح أمس الجمعة للتسوق أو لأغراض أخرى اندهشوا لما يحدث، وهم يرددون ماذا يحدث ”السوتيران راحت”، مؤكدين أن الأمر يكون قد دبر بليل كما يقال. القسنطينيون الذين ينتظرون الافتتاح تظاهرة عاصمة الثقافة العربية الخميس المقبل، وبعد معاناة مع أشغال الورشات والغبار وضغط حركة المرور تأتي أعمال حرق متتالية وإحالة مئات الشبان والتجار على البطالة وسط خسائر بالملايير والأكثر من ذلك، قيام تجار سوق بطو بالأشغال على حسابهم بعد وعود لم تجسد من مسؤولي بلدية وولاية قسنطينة.