“مواطنة إسرائيلية” هو اسم لصفحة تحمل صورة مجندة إسرائيلية، راسلتني منذ أسابيع تطلب صداقتي فرفضت، وسألتني لماذا نحن الجزائريين نكرههم. نسيت أمرها إلى أن عادت إلى الواجهة في عز أزمة غرداية وتناقلت صفحات الفايس بوك بوستاتها التي تدافع عن الأمازيغ الإباضيين ضد العرب، وعن المدعو كمال الدين فخار، وتدعو لتشكيل ميليشيات مسلحة للدفاع عن الإباضيين، وتدعو إلى القتل الممنهج، وكل ذلك مدعوم بصور من غرداية التي يبدو أنها تعرفها أكثر مما يعرفها الكثير من الجزائريين. ما كنت لأكتب على هذا لو لم أجد أن صاحبة الصفحة أو ربما صاحبها، يتواصل مع الكثير من الجزائريين على صفحات الفايس بوك، ما يعني أن هناك متابعة واهتماما “إسرائيليا” بما يحدث في الجزائر، مثل ذلك الاهتمام الذي توليه إسرائيل إلى سوريا وليبيا والعراق، والذي أثبت أمس موقع إخباري مدى ارتباطها بداعش سوريا والتعاون معها. فما يجري في منطقة غرداية قد لا تكون تحركه اليد الأجنبية مثلما يرفض البعض، لكن اليد الأجنبية لن تبقى بعيدة، وما متابعة هذه الصفحة الإسرائيلية التي تدعو صاحبتها إلى جمع توقيعات لتدويل قضية غرداية والتدخل الأجنبي إلا دليل على ذلك، فإسرائيل لن تنسى لنا دعمنا الدائم واللامشروط للقضية الفلسطينية ولن تنسى إعلان قيام الدولة الفلسطينية من الجزائر. ليست إسرائيل وحدها من تخدمها الفوضى في الجزائر وتبحث عن استغلال أزمتها لضرب الجيش وتحقيق مخطط التقسيم الذي يهدد الجزائر، فهل مصادفة أن يتم تصعيد الأزمة وسقوط غير مسبوق في الأرواح من ميزابيين وشعانبة مباشرة بعد رفع شكوى من طرف كمال الدين فخار وشلته إلى الأمين العام للأمم المتحدة يناشدونه التدخل لحماية الميزابيين. الأزمة إذاً حتى وإن لم تكن وراءها يد أجنبية لن تصمد أمام التدخل الأجنبي الذي بدأ فعلا إعلاميا، بمحاولة جعل الخلاف طائفيا وعقائديا، مثلما يريد له التيار السلفي الذي تتفاخر صفحات أتباعه من منطقة ثنية الحد والشعانبة بأن الإرهابي مختار بن مختار ابن مدينتهم، فإن لم تدخل إسرائيل فإن داعش مختار بن مختار ستستغل الوضع، وما يشجع على ذلك الثروات التي تتمتع بها المنطقة، من نفط وغاز، وأيضا الصراع حول استغلال الغاز الصخري الذي جعل الجنوب كله يقف على صفيح ساخن يهدد بالانفجار في حال استمرت السلطة في تعنتها. ما زال أمامنا متسع من الوقت لسد الطريق أمام هؤلاء الذين ينتظرون الفرصة للانقضاض على الجزائر، والتي لا يروق للكثيرين أنها تصمد أمام رياح “الشتاء” العربي العاتية. وقالت تقارير أمريكية منذ أيام أنها وحدها تعرف نوعا من الاستقرار، قبل أن يتحرك سقلاب وفخار وغيرهما من الشياطين بإشعال النار في القرارة والمناطق الأخرى، ليثبتوا للعالم أن الجزائر ليست في أمان، وفتح الطريق أمام “ماك” فرحات مهني ليجدد نعيقه في الخارج. وجود الجيش هذه الأيام بقوة سمح بعودة الهدوء، ولأهالي الضحايا بدفن موتاهم دون استغلال الجنائز ودون عودة النار والقتل من جديد. لكن الاستقرار سيبقى هشا، ما دامت هناك مخططات تقسيم ومخططات تصفية عرقية، وتكفير ودعوات للقتل آتية من الداخل والخارج. والحل لابد أن يكون اقتصاديا بالعمل على تنمية الجنوب المحروم من ثرواته تنمية حقيقية، وفرض احترام خصوصية منطقة بني ميزاب ومذهبهم ومنظومتهم الاجتماعية. الدولة مجبرة على تكثيف جهودها هناك، والحل الأمني لا يمكن أن يكون أبديا، وإن كان ضروريا أمام ما عرفته الأوضاع من تصعيد. فلنقطع الطريق أمام اليد الأجنبية؟!