أرجع الفنان هواري عوينات الذي اعتاد الجمهور الجزائري إطلالته على التلفزيون العمومي سنوات التسعينات، غيابه عن الساحة الفنية إلى الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والذي، حسبه، لا يلعب دوره كما يجب لتنظيم المهنة، وفي ظل تلوث الساحة الفنية بمن وصفهم بأشباه الفنانين الذين يغنون كلمات من الشوارع ويسجلونها في الكباريهات. انتقد الفنان هواري عوينات بشدة ما يجري اليوم في الساحة الفنية من انتشار كبير لأغاني الراي الهابطة وذات المستوى المنخفض، وذلك بعد ظهور كوكبة من الفنانين الشباب الذين قصدوا الكباريهات وسجلوا أغانيهم بتواطؤ وتشجيع من المنتجين في غياب دور” لوندا”. كيف تفسر هذا الغياب الكبير عن جمهورك؟ أنا دائما موجود في الساحة الفنية، وبرغم الغربة لم أتوقف عن الفن وإنما الإنتاج هو الذي توقف خلال تواجدي بديار الغربة، فلقد جاءني عرض عمل في فرنسا وانتقلت هناك بين مدينتي بوردو وباريس ومدن فرنسية أخرى، وسبب آخر دفعني للغربة هو الفترة الصعبة التي مرت بها الجزائر، خصوصا بعد التهديد بالقتل الذي لحقني من طرف مجموعة إرهابية، لهذا فضلت السفر إلى الخارج، ورغم مدة الغياب الطويلة أعلم أن الجمهور لازال يتذكرني. بعد عودتك إلى الجزائر وبالتحديد وهران كيف وجدت مدينتك بعد 12 سنة من الغربة؟ في الحقيقة لقد ضعت في شوارعها، حيث وبمجرد نزولي إلى شوارع وهران وعندما دخلت معبر جسر بواجهة البحر لم أعرف الطريق، لقد تغير كثيرا وجه وهران وأصبحت جميلة بكل مشاريعها وإنجازاتها الجديدة. ماذا تحضر اليوم مع فناني وهران، خصوصا وأنك كنت في اجتماع بمقر الولاية؟ في الواقع عقدنا اجتماعا مع رئيس المجلس الشعبي الولائي رفقة فنانين، من أجل وضع برنامج عمل لإحياء حفلات فنية في أحياء وبلديات وهران للترويج للمدينة وتسويق صورة حسنة عنها، خصوصا وأنها مرشحة لاحتضان ألعاب البحر الأبيض المتوسط. هل تواجدك في مسقط رأسك وهران يدل على أنك ستستقر نهائيا بالجزائر؟ في قراراة نفسي أفكر جديا بالأمر، وأريد الدخول والاستقرار نهائيا بالجزائر، وأريد كذلك العودة إلى جمهوري الذي غبت عنه لسنوات، وقد لاحظت تجاوبا كبيرا معي أينما انتقلت والحمد الله على ذلك خاصة وأنني مختص في طابع متميز في الغناء المغربي. تميزت في طابع الغناء المغربي منذ سنوات واكتشفك الجمهور وأحبك في هذا اللون الموسيقي، فهل وجدت جيلا جديدا خلفك في هذا النوع؟ صراحة ما يؤلمني كثيرا أن الجيل الحالي لم يواصل المسيرة التي بدأتها في هذا اللون الموسيقي الذي أحبه الجمهور، والشيء المؤلم في كل هذا أن الجمهور حاليا أصبح يتبع مطربين في أغنية الراي، ويا ليت لو كانت من طابع الراي الذي غناه كبار المطربين من الجيل الأول، ولكن للأسف عيب كبير ما يدور حاليا في السوق الفنية من أغان هابطة، ولا ندري إلى أين نحن ذاهبون، وهنا أتساءل أين هو دور الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في مكافحة كل ماهو هابط ولا يمد لفن بصلة. راجت مؤخرا أغنية لنجل الفنان هواري بن شنات، ولكن في طابع مختلف وبعيد كل البعد عن اللون الذي تميز فيه والده فما رأيك في ذلك؟ اليوم كل واحد يسير في طريقه، والفنان هواري بن شنات هو رمز الأغنية الوهرانية والكل يعرف ذلك دون استثناء، لأنه خدم كثيرا الأغنية الوهرانية، لهذا تمنيت لو أن ابنه حافظ على طابع والده الأصلي، لكن نقول أن الجيل الحالي يريد التجديد ويملك الموهبة ولكن يجب توجيهه نحو الخيارات الصائبة. لكن على من تقع المسؤولية؟ أحمل المسؤولية في تدهور مستوى أغنية الراي، التي أصبحت تشجع الكلام الفاحش وعلى الفساد الأخلاقي، إلى ”لوندا” والمنتجين الذين يقومون بالإنتاج لكل من هب ودب، حيث يحمل المنتج عتاده ويسجل الأغاني في الكباريهات، وأتحدى أن ندخل مطربي الكباريهات إلى استوديوهات وتمكنوا من تسجيل الأغاني بنفس الطريقة التي يسجلونها في الملاهي الليلية، وأريد التوضيح بأن الخطأ لا يقع على المطربين لأنهم يملكون الصوت ولو قدمت لهم كلمات جيدة لقاموا بتأديتها بشكل جميل. بما أنك تواجدت في فرنسا لمدة طويلة، فكيف هي أوضاع الفنانين الجزائريين في هذا البلد؟ الأمور تغيرت كثيرا، لذلك فضلت العودة إلى الجزائر، لأن فرنسا لم تعد مثل السابق، فالعديد من الأمور تغيرت، ولم يعد الفنان يجد راحته في هذا البلد. ما هو جديد عوينات؟ حاليا أنا متوقف عن الإنتاج، ولكن هناك العديد من المشاريع التي أقوم بالتحضير لها، حيث أشتغل على ثلاثة ألبومات جديدة، لكنني غير مستعد لطرحها في السوق مع الفوضى التي تشهدها الساحة الفنية والمستوى الهابط، لذلك أفكر في تأجيلها إلى أن يحين الوقت المناسب.