الشيخ سلطان الهبري، فنان من الطراز الرفيع أحب الأغنية الوهرانية وعشق العزف على آلة ”الأكرديون”، عاصر كبار مطربي الأغنية الوهرانية والرايوية خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات، شارك في مهرجان الأغنية الوهراني التي تعيش فعالياتها الباهية وهران هذا الأسبوع إلتقيناه ونقلنا لكم هذا الحوار في أولى ليالي المهرجان. أنت من الأصوات الغنائية القديمة التي لاتزال تقدم الطابع الوهراني الأصيل رغم التغيير الذي حدث في الساحة الفنية؟ تغير الكثير ولم يعد الوقت الحالي مثل سنوات التي انطلقت فيها، كان وقتها من الصعب أن يظهر صوت غنائي للساحة؛ إذا لم يكن يحمل جماليات حقيقية، وكان الفنان منا يبذل جهد في التعلم من الشيوخ الذين سبقوه، أما الآن فالعصرنة التي تشهدها الموسيقي والتقنية المتطورة فتحت الأبواب للغناء أمام كل من يريد الولوج إلى هذه المجال حتى إن نقصته الموهبة.
هل تقصد أنه لا توجد حاليا أصوات ترقي لتلك التي ظهرت في السنوات السابقة؟ أنا لا أنكر أن هناك أصوات موهوبة من الجيل الجديد ظهرت للساحة تغني بشكل رائع الأغنية الوهرانية، لكنها تعد على الأصابع.
ماقصتك مع آلة ”الأكورديون” التي ترافقك في كل حفل تحييه؟ عشقت هذه الآلة منذ صغري، ووجدت التشجيع من قبل الشيخ بالخير، فقد كانت من أهم الآلات الموسيقية التي تدخل في الطابع الغنائي سواء طابع الأغنية الوهرانية الأصيلة أو الرايوية وأشعر بالمتعة في العزف ولازلت أحتفظ بآلة ”الأكورديون” الأولى التي بدأت بها ورافقتني في مشواري الفني، رغم أنني اشتريت واحدة جديدة .
ماذا حضرت لإمتاع جمهورك في سهرات مهرجان الأغنية الرايوية؟ قدمت أغنية جديدة بعنوان ”طرقان الخير باينين” وهي تدعو إلى التمسك بالأخلاق الطيبة التي عاش بها أسلافنا وقت البركة وأنارت طريقهم إلى الخير والفلاح.
بتجربتك الطويلة في مجال الغناء بماذا تنصح هذا الجيل الذي يؤدي الأغنية الوهرانية من أجل المحافظة على هذا الطابع الذي صنف كإرث حضاري مكتسب للباهية وهران؟ النصيحة التي أقدمها تتمثل في احترام الفن الوهراني، والمحافظة على عناصره وأساليبه مع إرفاق ذلك باستنطاق ذاكرته بالدراسة والتدريس والتأليف والتصنيف، وتدعيم كل ذلك بتبادل التجارب والحوار حول ما كان وما هو كائن وما ينبغي أن يكون، بعيدا عن الإقصاء والتهميش”.
ما رأيك في مهرجان الأغنية الوهرانية الذي وصل إلى طبعته السابعة؟ المهرجان يعد مكسبا لمدينة وهران واستمرارية لهذا النوع من الطابع الغنائي الذي تمتد جذوره إلى عقود من الزمن، ومديرية الثقافة للولاية مشكورة على هذا الإنجاز، الذي يحسب لها ويعرف تطورا عبر طبعاته منذ انطلاقته، أنا فقط أريد أن أوجه نصيحة للشباب الذي يرغب في تقديم الأغنية الوهرانية أن يرجع إلى روادها ويستفيد من خبرتهم وتجربتهم الفنية الطويلة. بالنسبة لي أنا مستعد لمساعدة جيل اليوم، كما وجدت المساعدة من شيوخ الأغنية الوهرانية بالأمس وجيلي من الفنانين على غرار خالد، فتحي، الهندي وغيرهم كثيرون .
هل توجد موهبة بالتحديد تحتاج لأن تتكون تحت يديك؟ نعم الشاب رضوان لقنته العزف على آلة ”الأكورديون” بطلب منه.
عندما نتحدث عن الأغنية الوهرانية الأصيلة، نتحدث عن أغنية الراي فما رأيك؟ في الحقيقة أغنية الراي أعتبرها ابنا شرعيا للأغنية الوهرانية الأصيلة، غير أنها بمرور السنوات نزل بها بعض مغني الراي إلى مستوى هابط بالاعتماد على الكلمات الرديئة والخادشة لحياء المستمع بتواطؤ من بعض المنتجين كذلك الذين فضلوا الربح المادي السريع على حساب الكلمة النظيفة والراقية.
وما الحل في رأيك؟ الحل بيد فناني الأغنية الوهرانية وكذا الموسيقيين والمؤلفين الذين عليهم خطو أول خطوة فعالة في الدفاع عن هذا الطابع الغنائي أولا بتكوين جوق موسيقي، من أجل تكوين الأصوات الشابة والموهوبة ثم يأتي دور القائمين على الثقافة والسلطات المحلية وحتى الوزارة الوصية من أجل فتح استوديو الإنتاج وتسجيل الأغاني التي تعد العائق الأول أمام الفنانين الذين يرغبون في إخراج إنتاجهم للسوق مع ضمان الترويج والتسويق الجيد وهي عوامل كلها سوف تعيدنا لزمن الأغنية الوهرانية الذهبي الذي خلدته أسماء عملاقة أمثال المرحوم أحمد وهبي والفنان بلاوي الهواري، الذي أوجه له تحية وأتمنى له الشفاء العاجل.
كم بلغ لحد الآن رصيدك الغنائي؟ سجلت أزيد من 53 شريط ”كاسات” غنيت لوهران التي أكن لها كل الحب، وهي مدينة لم تجد من تنافسها في قلبي من المدن التي زرتها وغنيت لمختلف المواضيع الاجتماعية والإنسانية على غرار حب الوطن والأم والحبيبة وغيرها.
كلمة أخيرة. أتمني كل الخير لبلدي الجزائر والرقي للأغنية الوهرانية التي تربينا عليها.