تعد فاكهة العنب وبالأخص “الأحمر بواعمر” من أشهر الفواكه التي تعرف انتشارا واسعا بولاية المدية، فالداخل إلى المدية عبر بوابة البرواقية يلفت انتباهه مزارع وبساتين الدالية المترامية الأطراف على طول الطريق الوطني رقم 1 والتي رسمت لوحة فنية رائعة الجمال أبدع فيها أصحاب حقول العنب. الزائر لمدن بن شكاو وسي المحجوب ووزرة وتيزي المهدي وبوعيشون التي تختص بإنتاج العنب بكل أنواعه من “الداتي” إلى “الموسكة” و”المقراني” وصولا إلى سيد أنواع العنب الأحمر “بواعمر” لايستطيع مقاومة ذلك المشهد دون أن يقف للتأمل أو يتذوق، ففي مثل هذا الوقت من كل عام لا حديث لسكان تلك المناطق، إلا على حبات العنب الأحمر وجنيه، حتى أن مديرية الفلاحة لولاية المدية تنظم كل سنة معرض لمختلف أنواع العنب، أين يعرض فيه الفلاحون أجود أنواعه التي تزخر بها حقولهم ويعد هذا المعرض بمثابة عيد العنب السنوي بالمدية. وقد كان لشباب بن شكاو سي المحجوب وأولاد بوعشرة ووزرة حظ في اكتساب مناصب مؤقتة للعمل، إذ أن هذه الزراعة تتطلب عمليات فلاحية عدة، أولها زبر الدالية وربط الأغصان وتقليب الأرض ووضع مختلف الأدوية، لنصل في الأخير إلى عملية الجني التي تتزامن مع بداية شهر أوت وتستمر، حتى شهر أكتوبر مع “الأحمر بواعمر”، هذا وقد حضيت المساحة المزروعة بهذه الفاكهة الموسمية ب2000 هكتار مقسمة على بلديات بن شكاو، سى المحجوب، وزرة وتيزي المهدي معظمها مخصصة لعنب المائدة بنسبة 75 بالمائة، ويبقى العنب الأحمر بواعمر الأشهى والألذ والمفضل لدى العائلة المدانية، خصوصا والجزائريين عموما وبدون منازع، والذي يتميز بحجم عناقيده الكبيرة ولونه الوردي المميز، كما يستعمل إلى جانب أكله في صناعة العديد من أنواع المربى، كون نسبة السكر فيه قليلة مقارنة بالمقراني والداتي والسانسو والموسكة ولا تكاد تلج إلى عائلة من عائلات المدية إلا والمائدة مزينة بأشهى أنواع العنب، فهو الفاكهة رقم واحد لدى سكان المدية، حتى أن الكثير من عابري الطريق الوطني رقم 1 ومن مختلف الولايات يقصدون مدينة المدية، من أجل اقتناء الأحمر بواعمر وعادة ما تجد مختلف لوحات الترقيم مصطفة على حافة الطريق الوطني رقم 1 لشراء العنب من الباعة المتواجدين، هناك نظرا لشهرة هذا المنتوج والذي ذاع صيته عبر التراب الوطني. غير أن منتوج العنب بولاية المدية يعرف تراجعا ملحوظا من سنة إلى أخرى بسبب الأمراض التي تصيب الدالية، بالإضافة إلى عزوف شباب اليوم عن العمل في حقول العنب وهجران الكثير منهم للفلاحة، في ظل مشاريع الدعم التي سطرتها الدولة للشباب، فالفلاحون لم يجدوا من يقطف محصولهم الجاهز، بالرغم من أن متوسط الأجر اليومي لليد العاملة وصل إلى حدود 1700 دج لليوم، وهو ما يفسر ارتفاع أسعار العنب والتي تتراوح ما بين 100 و150 دج بأسواق المدية هذه الأيام، فيما يبقى سعر الأحمر بواعمر يتراوح ما بين 200 و300 دج على حسب الجودة والنوعية.