سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
باسكال بونيفاس: أمريكا اختارت أن تكون الفائزة بالحرب الباردة على أن تكون مؤسسة لنظام دولي جديد خلال محاضرة تندرج ضمن البرنامج الثقافي للمؤسسة الوطنية للنشر والإشهار
نشط، مساء أول أمس، باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس وأحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، محاضرة تناول من خلالها الصراعات والأزمات السياسية القائمة حاليا. وكشف المحلل الاستراتيجي في بداية المداخلة، التي جاءت بقاعة المحاضرات لمديرية قصر المعارض للجزائر وضمن البرنامج الثقافي للمؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، عن إعجابه وانبهاره بالصالون الدولي لكتاب الجزائر، بحيث قال أن العدد الهائل من الزوار يعكس مدى اهتمام الجزائريين بالكتاب، مضيفا أنه ”يجب مواصلة الجهود للقيام بصناعة الكتاب في الجزائر وتأسيس تأثير فكري يكون الشباب”. وبدأ ”باسكال بونيفاس” المحاضرة بحديثه عما يتم تداوله لدى العديد من المختصين والمهتمين بالشأن السياسي العالمي حول قيام أو نشوب حرب عالمية ثالثة في الأفق، وأكد باسكال بونيفاس أنه مندهش كون هؤلاء المختصين ينظرون إلى الحاضر بنظرة الماضي وليس بنظرة إلى المستقبل، مضيفا أنه ليس بإمكاننا الحديث عن حرب عالمية ثالثة بموجب أن الوضعيات غير متشابهة، وتختلف بين حرب لأخرى، وأعطى بونيفاس مثالا عن حيازة الدول القوية اليوم على السلاح النووي، وهذا لإظهار اأجه الاختلاف بين الماضي والحاضر، وأقر باسكال بونيفاس أنه صحيح توجد العديد من النزاعات عبر مختلف مناطق العالم، ولكن أكد أنه اليوم روسيا لا تريد أو لا تستطيع قلب موازين القوى ونزع الريادة من أمريكا، على عكس ما كانت عليه السياسة أيام الاتحاد السوفييتي، كما قارن بونيفاس بين مختلف النزاعات القائمة حاليا، قائلا أن كل نزاع له معطياته الخاصة به ويختلف عن الآخر. وتطرق الفرنسي باسكال بونيفاس إلى بعض التواريخ التي كانت لها اهمية في تغيير العالم الذي نعيش فيه، وتأسيس نظام عالمي جديد، وكذا بداية الحرب الباردة، على غرار تاريخ إسقاط سور برلين بألمانيا، وكذا تاريخ نوفمبر 1990 عندما رفض رئيس الاتحاد السوفييتي ”غورباتشاف” استعمال حق الفيتو لمساعدة العراق الحليفة آنذاك، وقال المتحدث أنها المرة الأولى التي تشكل الاممالمتحدة الحامي والواقي والشرطي لحفظ النظام العالمي، ومن هذا اراد غورباتشاف إبداء رغبته للأمريكان في التأسيس لنظام عالمي جديد مبني على تطبيق القانون الدولي، ولكن أمريكا اختارت أن تكون الفائزة بالحرب الباردة على أن تكون مؤسسة نظام دولي جديد. وذكر باسكال بونيفاس بمختلف النزاعات التي عاشها العالم في العقود الماضية، على غرار النزاع بالأراضي الفلسطينية وايضا حرب 2003 بالعراق وقبلها حرب أفغانستان وكوسوفو، وأيضا الثورات العربية التي أشعلت حروب بليبيا وسوريا، وأخلطت سياسات والأنظمة القائمة بالعديد من الدول العربية، وأيضا النزاع القائم باوكرانيا، بحيث قال بونيفاس أن أسعار البترول لها تأثير مباشر ورئيسي في سياسات الدول العالمية، وإنجاح أو إفشال سياسات روسياوأمريكا. وتحدث باسكال بونيفاس أيضا عن النزاع القائم بالأراضي الفلسطينية، وايضا بما يسمى الانتفاضة الثالثة، بحيث قال أنه لا يمكننا الكلام عن انتفاضة ثالثة كونها تختلف عن انتفاضة، قائلا أن ما يجري حاليا بفلسطين المحتلة يعد تنديد وردة فعل لسياسة اضطهادية يعيش عليها الفلسطينيين، وقال بونيفاس أنه اليوم يمكن القول أن اتفاقيات اسلو قد فشلت، وإسرائيل بقيادة نتنياهو تفعل ما تشاء اليوم ولا تنتظر حماية ومساندة أمريكا لها، مضيفا أن أمريكا لا يمكنها فعل شيء حاليا، كما أنه إذا فاز الجمهوريون بالانتخابات الرئاسية القادمة ستتأزم أوضاع الفلسطينيين أكثر بحكم أن نتنياهو سيكون له مساندة ودعم من قبل أمريكا. وقال باسكال بونيفاس أن بشار الأسد يعد مشكلا للأزمة السورية أكثر من حل، كما اعتبره دكتاتوريا قاتلا لمئات الآلاف من السوريين العزل، واعتبر بونيفاس أن تدخل روسيا في سوريا يمكن له أن يزيد من تأزم الأزمة السورية، واكتساب الجهاديين لمناطق جديدة وتعاطف المسلمين من سنة لتنظيمات يمكن للفرد البسيط أن تشكل له حماية، وفي ذات الصدد قال بونيفاس أنه قبل اندلاع النزاعات بكل من العراقوسوريا لم يكن وجود للجهاديين فوق هذه الأراضي، والحروب ومناخ الفوضى السائد هناك سمح لهم بدعم من بعض من الدول من اكتساب أراضي وقوة. ومن بين النقاط التي أراد باسكال بونيفاس التطرق إليها خلال المحاضرة التي حضرها طلبة جامعيين وصحفيين وسياسيين جزائريين، إلى الاحتباس الحراري الذي قال أنه سيشكل النزاع الحقيقي بالمستقبل، كون عديد من مناطق العالم ستتنازع عن الماء الذي سيخلف البترول، الذي يعد المؤثر والممول الرئيسي للنزاعات. ويعد باسكال بونيفاس من بين الفرنسيين الفاضحين للسياسة الصهيونية، وكذا أحد أبرز المحللين الإستراتيجيين الفرنسيين، وهو حاصل على دكتوراه في القانون الدولي العام من معهد الدراسات السياسية في باريس، ولديه العديد من الكتب التي تتكلم عن النزاعات والسياسات العالمية، ونذكر من بينها ”فرنسا المريضة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي” و”المثقفون المزيِّفون” و”من يجرؤ على نقد إسرائيل؟” و”حروب المستقبل”.