اعتبر المخرج المسرحي هارون الكيلاني، في حديث مع جريدة ”الفجر”، أن المسرح الوطني الجزائري ملكية لكل الجزائريين، داعيا إدارة المسرح الوطني لفتح الأبواب أمام المبدعين من الجنوب الجزائري من أجل ترك بصمتهم على ركح مسرح محي الدين بشطارزي. تحدثت بحسرة في الندوة التي أقيمت لتقييم الحركة المسرحية في الجنوب الجزائري، فهل ترى بأن هناك حركية وتطورا للمسرح في الجنوب؟ صرحت وقلت أن الأيام المسرحية للجنوب ما هي إلا توابل جديدة على طريق النضالية الطويلة جدا لكثير من المسرحيين المتواجدين في الجنوب، أي أن الأيام أضفت شيئا جميلا وجمعت شمل العديد من المسرحيين، ولكن في نفس الوقت ليست هي المسؤولة عما يجري الآن من حركة للمسرح في الجنوب، بحيث هناك نضال بدأ منذ بداية الاستقلال ولا يزال متواصلا لحد الساعة، الكثير من أصدقائنا حاولوا جمع الجنوبيين في مهرجان يلتقون فيه من أجل فكرة واحدة وهي إظهار الإبداع الجنوبي في المسرح، ولكن ربما العقبات والسنوات التي مضت على الجزائر هي التي كانت عقبة لتحقيق أحلامنا كمسرحيين جنوبيين، وتبقى الأيام حضنا آخر جديدا لاحتواء الإبداع وليس كل شيء، بما أن الذين قدموا هم بحاجة إلى فضاءات أخرى ليست الأيام المسرحية فقط، فهناك المسرح الوطني وهو من حق كل الجزائريين وليس ملكية للعاصميين فقط، لأن العاصمة يجب أن يكون لها مسرح جهوي خاص بها، متمنيا أن يترك الجنوبيون بصمتهم على خشبة مسرح محي الدين بشاطارزي. ألا ترى أن هناك أملا في فتح أبواب المسرح الوطني الجزائري أمام مخرجين من الجنوب؟ نتمنى ذلك، لقد استمعنا لمدير المسرح الوطني الجزائري، محمد يحياوي، وهو يعد بفتح الأبواب، وفي انتظار ذلك نتفاءل كثيرا، ولم لا ترسيم الأيام المسرحية للجنوب وتحويلها إلى مهرجان يعطيه دفعا آخر أكثر من احتوائه وفقط، فإذا أصبحت محافظة أتمناها أن تجمع الكثير من المسرحيين في الجنوب. ماذا عن التجربة المسرحية في مدينتك الأغواط التي تشهد حركية مسرحية نوعية مقارنة بباقي مدن الجنوب؟ هي حركة قديمة، والشيء الجميل في التجربة المسرحية بالأغواط هي تأثيرها في باقي مدن الجنوب الجزائري، فهي الآن تشتغل بنفس الطريقة التي يشتغل بها مسرح الأغواط، وهذه الطريقة تحدثت عنها في الداخل والخارج عبر محاضرات قدمتها في العديد من المهرجانات، متمنيا أن تأخذ بعين الاعتبار من طرف الأكاديميين أكثر. ما هو المطلوب من وزارة الثقافة من أجل دعم المسرح في الجنوب؟ المطلوب منها تشييد المسارح، فمثلا في مدينة الأغواط هناك مسرح يبنى وقاعة أخرى مغلقة، وليس لدينا مسرح جهوي، إذا فكرت فرنسا في 1961 في أن يكون للأغواط مسرح جهوي مثل عنابة ووهران وقسنطينة وغيرها من المدن الجزائرية الأخرى، أظن أنه بعد مرور أكثر من 50 سنة لمدينة الأغواط الحق في اكتساب مسرح جهوي مثلها مثل باقي كل المدن الكبيرة في الجنوب، على غرار تمنراست، تندوف، أدرار، بشار وغيرها، يستحقون أن يكون لديهم فضاء يحتويهم. هل ترى بأن هناك فعلا مبدعين يكونون عل قدر مسؤولية مسرح جهوي في الجنوب؟ أكيد، لأن الجنوب الجزائري منبع الوحي والإلهام القادم بقوة، فهو مفتوح على إفريقيا على الضفة الأخرى، فالجنوب بثرائه الأنتروبولوجي والثقافي والإنساني والفلكلوري يستطيع أن يقدم الكثير لحركة المسرح الجزائري. ألا تحمل مسؤولية التأخر الحاصل نوعا ما في الحركة المسرحية بالجنوب لأبناء المنطقة؟ أظن أن طبيعة الجنوبي في كونه إنسانا هادئا إذا فكر يفكر بتأمل وبرزانة، ولكن فقط اللحظة لم تأت، وهذا التأخر ممكن يعود لهذا السبب، وأيضا لبعد المسافات التي تأكل عمر الإنسان، فمثل الشيخ عقباوي أو عزوز عبد القادر، بلة، حليم زريبيع، عمرهم أفنوه في الطريق، يعني صعب جدا فالمسافات طويلة. نعود إلى عملك الذي أنجزته في إطار تظاهرة المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، حدثنا عن هذه التجربة؟ هي تجربة جديدة على ما فكر فيه بيتر بروك أو مايرهولد، ولكن بتفكير هارون الكيلاني اشتغلت بطريقة جديدة على مساحة 3 هكتارات وهكذا الجمهور يتسوق مسرحا إن صح التعبير، حيث الجمهور يتنقل من مكان لآخر، وكنت سعيد جدا بخوض هذه التجربة لغة وفنا، فتاريخنا يحمل الكثير من الثراء لابد أن نحسن تقشير الأشياء حتى نصنع إبداعا جديدا. وافقت وزارة الثقافة على تنظيم مهرجان مسرح الشارع، فكيف تتوقع أن تكون هذه التجربة؟ سعدت جدا بهذا المشروع، فقد اتصل بي سيد أحمد قارة بشأن المهرجان، وطلبت منه أن يفتح لي المجال ويعطيني ترخيصا حتى أدخل ضريح سيدي امحمد بن يوسف، وسوف نحاول أن نقدم شيئا جديدا، حيث سيكون فضاء للبركة والروح.