بعد رحيل مؤسس جبهة القوى الاشتراكية ورئيسه الشرفي، حسين آيت أحمد، تطرح معركة الزعامات أكثر من أي وقت داخل الحزب، رغم استحداث هيئة خماسية لتسيير الأفافاس في المؤتمر الأخير بعد أن ظهر عجز الدا الحسين لأسباب صحية، فما تأثير رحيله على الحزب وقراراته ومواقفه إزاء الأحداث السياسية الراهنة وفي مقدمتها تعديل الدستور. الزعيم الراحل حسين آيت أحمد، وضع إطارا للمرحلة الانتقالية للجيل الذي أتى بعده، حيث استحدث هيئة خماسية مكونة من 5 شخصيات لتسيير الحزب، وهي الهيئة التي تضم أمناء وطنيين سابقين في الأفافاس، وقيادات نضالية متمكنة، وأيضا أقارب الرجل وأقرب الناس إليه، حيث تم اختيار القيادة الخماسية لحزب جبهة القوى الاشتراكية، في المؤتمر الخامس الذي عقد بالعاصمة، وكان التمثيل 100 بالمائة من منطقة القبائل، ولم يصعد أي من المترشحين عن ولايات الشرق. والسؤال الذي يطرح نفسه بحدة اليوم هو كيف سيكون تسيير الحزب بعد الدا الحسين الذي كان يشكل رجل إجماع، والمناضلين طوع إرادته ورهن إشارته، إلى غاية سنوات مرضه، والدليل حركة الانشقاق التي عرفها، وطرد نائبه والسكرتير الوطني السابق كريم طابو، لأنه لم يلتزم بتعاليم الحزب وقيادته، وتوسعت فيما بعد تلك الانشقاقات بقيادة يوسف تازغارت، الذي استقال معه عدة مناضلين. وحتى وإن كان قريب الدا الحسين، هو أكثر المتزعمين للحزب بحكم العلاقات التاريخية مع مؤسس الحزب، ممثلا في عضو الهيئة الخماسية، كريم بلول، غير أن ذلك النفوذ يمكن أن يتراجع أو يتناقص بعد غياب الحسين آيت أحمد، لا سيما وأن الساحة السياسية تعج بالأحداث الحاسمة، خاصة وأن قوة التأثير التي يتمتع بها الحزب تراجعت مع مشروع الإجماع الوطني الذي دعا إليه الحزب لترتيب المرحلة الانتقالية، ورفض من قبل السلطة التي اعتبرت نفسها الوحيدة المؤهلة لفرض الاقتراحات والمبادرات، وأيضا من قبل المعارضة التي ذهبت إلى حد ضرب مصداقية الحزب واتهامه بالعمالة والوقوف إلى جانب السلطة، وأن مبادرة الإجماع الوطني لا تعدو أن تكون تشويشا حقيقيا على عمل التنسيقية والجهود التي تقوم بها من أجل التغيير الحقيقي والانتقال الديمقراطي للجزائر. سيجد الأفافاس نفسه أمام أصعب امتحان مع طرح الرئيس بوتفليقة لعملية تعديل الدستور التي يعتزم القيام بها في الأشهر القادمة، بعد الانتهاء من ترتيب الأمور خلال الاجتماعيين الوزاريين المصغرين المخصصين لذلك، وسيكون لذلك تأثير على تعاطي السلطة مع الأفافاس في الانتخابات التشريعية والمحلية.