كرم الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سهرة أول أمس، عملاقا من عمالقة الأغنية الجزائرية الفنان الراحل الشيخ الحسناوي، في حفل شارك فيه مجموعة من النجوم غنوا أجمل مقاطع الفنان المهاجر. العديد من الفنانين أبوا إلا الحضور في هذه السهرة وتسجيل أسمائهم في حفل تكريم الراحل الشيخ الحسناوي، حيث تعاقب على المنصة كل من الفنان عبد القادر شاعو، نسيمة شعبان، خلوي الوناس، نورية ياسمين، الحسناوي أمشطوح، ليقدموا مجموعة من أغاني الراحل الحسناوي، تلك التي لا تزال الأجيال ترددها، رغم عدم معايشتها له، ما يدل على البصمة التي تركها صاحب ”يا نجوم الليل” في قلوب محبيه من مختلف الأعمار. ووسط حضور غفير للعائلات، تقدمتها تلك الآتية من قرية إيحسناون، رفقة أسماء لامعة في فضاء الموسيقى والسينما، كان الافتتاح بعرض كوريغرافي للبالي الوطني تمازجت فيه الأصالة الجزائرية والرقص الكلاسيكي مع أنغام المبدع المكرم خلال السهرة. كما كانت المناسبة فرصة لتكريم عائلة الراحل الشيخ الحسناوي، بتقديم درع سلمه وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، لابن أخت الفنان. الوزير ميهوبي، وخلال كلمته، أكد أن المبادرة فرصة كبيرة لتكريم اسم عملاق، وتكريم للفن الجزائري الأصيل، خاصة هؤلاء ممن ناضلوا في غربتهم من أجل قضاياهم، هؤلاء وصفهم ميهوبي بالشمعة التي تحترق لتنير على الآخرين بسخائها، وقال: ”تكريم اليوم هو أمانة وواجب، في سبيل الحفاظ على تراثنا وذاكرتنا، صحيح هذه المبادرة متواضعة مقارنة بوزن اسم الشيخ الحسناوي، لكنها ثمينة وعميقة، نظير التزامها اليوم بإحياء الأسماء التي رحلت، وإيصال ثمرة إبداعها للأجيال الجديدة، أناشد الشباب الاهتمام بأغاني المرحوم الحسناوي، فالكل يعلم أن كل من سار على دربه نجح وتألق”. يجدر الذكر أنه وخلال التكريم، عرض وثائقي عن الشيخ الحسناوي، أماط اللثام عن كثير من محطات الراحل، وتطرق العمل إلى تلك الحقبة لما اختار ابن قرية إيحسناون في مرحلة ما من عمره خلال السبعينات من القرن الماضي، حين قرر اعتزال الفن برصيد 74 أغنية، ويرحل بعيدا عن الأضواء إلى جزيرة معزولة عن العالم، تدعى لاريينيو غير بعيدة عن مدغشقر. يشار إلى أن الشيخ الحسناوي المكنى بالقبائلية سي موح ناعمر، اسمه الحقيقي خلواط محمد ولد في 23 جويلية 1910، بقرية تاعزيبت منطقة إيحسناون بتيزي وزو، من أب قبائلي وأم ذات أصول عاصمية، خلقت لديه ذلك التنوع الغنائي المتراوح بين الأمازيغية والعربية، مر في مساره خلال طفولته بالمدرسة القرآنية، مكنته أكثر من التحكم في اللغة، داوم في شبابه على حضور حفلات الشيخ العنقى والناظور، ليصبح لاحقا أحد مشايخ هذا الطابع، في وقت ما سافر إلى فرنسا بغية تسجيل أغانيه ليسطع اسمه هناك بالمقاهي البارسية ذات الإقبال الكبير للجالية الجزائرية، هناك ألقي عليه القبض ونفي نحو ألمانيا حيث تعرف على زوجته الفرنسية. وبعد أن اختفى في جزيرة لاريينيون استطاع الباحث الموسيقي مهني محفوفي بعد عشرين سنة من العثور عليه، معطيا بذلك الفرصة لتلقيه زيارتين من طرف الفنانين عبدلي وبهيجة رحال، وتنطفئ شمعته سنة 2002 عن عمر يناهز 92 سنة.