* وقفة للمسرحيين اليوم ضد توقيف التصفيات راجت مؤخرا بعض الأخبار التي تتحدث عن إلغاء المهرجانات المحلية للمسرح في إطار خريطة المهرجانات الجديد التي ستعتمدها وزارة الثقافة، وهو الأمر الذي سيقضي على طموحات الفرق المسرحية الهاوية الطامحة في المشاركة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف، الذي لا ينبغي أن يكون حكرا على المسارح الجهوية، والتي هي بدورها مطالبة بدخول التصفيات، لكون العديد من الفرق المسرحية الهاوية تقدم أعمالا أحسن مليون مرة عما يقدم من طرف أعرق المسارح الجهوية في الجزائر. ينظم اليوم المبدعون في كل من ولاية سيدي بلعباس وڤالمة حيث يقام المهرجان المحلي للمسرح المخصص للجمعيات والتعاونيات في الفنون الدرامية، احتجاجا ضد فكرة التخلي على هذه المهرجانات التي تعتبر المتنفس الأهم لهذه الرفق، خصوصا وأنها تؤهل الفائزين للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وعوض إدخال المسارح الجهوية في هذه التصفيات يريد البعض قتل هذه المهرجانات حتى تحرم الفرق الهاوية من المشاركة في مهرجان المسرح المحترف، ويبقى حكرا على المسارح الجهوية التي تقدم في الكثير من الأحيان أعمالا بميزانيات ضخمة، ولكنها لا تصل إلى قيمة المسرحيات التي تنتجها التعاونيات والجمعيات بصفر دينار.
المخرج المسرحي جمال ڤرمي: ”ما ذنب رجالات المسرح في التسيير السيء لبعض المنظمين السابقين” قال المخرج المسرحي جمال ڤرمي أنه ضد هذا إلغاء المهرجانات المحلية للمسرح: ”ما ذنب رجالات المسرح في التسيير السيئ من طرف المنظمين السابقين، يجب ترك المهرجانات التي أعتبرها مكسبا مع إعادة النظر في كيفية تسيرها”. وأضاف قرمي أن المهرجانات مكان للتلاقي وتبادل الأفكار بين الجمعيات والتعاونيات، خصوصا مع افتقاد الأماكن ما عدا المهرجانات التي تجمع لم شمل الفنانين، قائلا: ”ربما فهم المنظمون أن النهضة المسرحية آتية من طرف المسرح الحر، وحقيقة إلغاء مهرجان سيدي بلعباس وڤالمة لا يخدم المهرجان الوطني للمسرح المحترف، نحن نجني ما زرعه المنظمون السابقون، لذلك يجب أن يعاد تنظيم وتسيير المهرجانات بفكر أوسع، ويجب على الفنانين الحقيقيين أن يقتربوا من بعضهم البعض، وأن تزول الغيرة والحسد والنفاق بينهم لأن التفرقة تسمح لبعض الأشخاص بأن يصطادوا في المياه العكرة، ولوا كانوا متحدين لما وصلت الأمور لما هي عليه الآن”.
الممثل بوحجر بوتشيش: ”المهرجان هو ملك بالأساس للفرق الحرة المشهود لها بالاحترافية” اعتبر الممثل المسرحي بوحجر بوتشيش، وهو أحد الناشطين في حقل المسرح الحر، وصاحب أول مسرح خاص في الجزائر، أن المساس بالمهرجانات المحلية هو مساس بمشروع المسرح الحر في هذا الوطن، قائلا: ”الوصاية من جهة تقول لا تقشف في الثقافة ومن جهة أخرى تتعدى على مكاسب هرمنا من أجل التأسيس لها بداعي التقشف، فصلونا بالأمس عن مهرجان الهواة واليوم ينتزعون منا مهرجان بلعباس وقالمة ماذا يريدون ؟ لا أدري”. ويعتقد صاحب ”المعبد”: ”بهذه الطريقة سيقضون على ما تبقى من إبداعاتنا، فإن انتزع منا المهرجان سنعود إلى الوراء كثيرا، والمشكلة ليست فينا كفرق حرة إن كنا نتوجه إلى المهرجان الوطني كل سنة من خلال مرورنا عبر مهرجان بلعباس وڤالمة ونتحصل على جوائز أو حتى انتزاع الجائزة الكبرى كما حدث العام الماضي، المشكلة في التسيير بمسارح الدولة فما ذنبنا إن أبدعنا”. وأضاف بوحجر بوتشيش أن المهرجانين مكسب لهم ولن يقبلوا بالاعتداء عليهم وسيتحركون بطريقة تليق بهم كفنانين مبدعين: ”أعتقد أنه لا خيار أمام الفنانين سوى التوحد واتخاذ موقف موحد، صحيح أننا نعيش فرقة بيننا وهذا واقع فلتكن فرصة لنا لجمع الشمل فالأمر لا يمس طرفا دون آخر بل يمسنا جميعا”. وفي الأخير قال بوتشيش: ”لم يصدر بيان عن وزارة الثقافة يلغي المهرجانيين لذلك نحن نتريث، إدارة مهرجان بلعباس بدأت ترسل استمارات المشاركة كالعادة وكلنا ننتظر، على العموم الأمر لن يطول، ولدينا تجمع اليوم بالمسرح الجهوي لسيدي بلعباس”.
المخرج المسرحي ربيع قشي: ”إلغاء المهرجان المحلي للفرق الحرة والجمعيات عمل وسلوك ديكتاتوري ارتجالي” يعتقد المخرج المسرحي ربيعه قشي أن المسرح في الجزائر مازال يتخبط في ظروف سياسية منذ الاستقلال، ماعدا تلك الفرق الحرة التي حاولت الانفصال والاستقلالية عن مؤسسات الدولة، وبداية المبادرة كانت من طرف علولة ثم القلعة وغيرها التي سعت لخلق تعاونيات، غير أنها بقيت غير معترف بها قانونيا لغاية اليوم، رغم أن الوزارة في وقت خليدة تومي حاولت إعطاء وثيقة شبه اعتماد للفرق الحرة لكي يتسنى لها الحصول علي برمجة، وأصبحت بعد ذلك نقمة على التعاونيات التي لم تتحصل عليها ولن تتحصل عليها، وذلك بقرار لفظي ارتجالي بعدم تقديمها. ويعتبر قشي أن الارتجال سيد الموقف في تأسيس وإلغاء المهرجانات في الجزائر وهذا كله نتاج لعدم وجود استراتيجية ثقافية في مجتمع يخضع ويسير حسب سياسات النظام، ناهيك على أن المناسباتية ومنذ 2006 استنزفت المال العام في إطار تسويق صورة الجزائر في المجتمع الدولي، لذلك تم خلق مهرجانات بموجب مرسوم وقانون يحميها من الزوال. وأضاف ربيع قشي أن المهرجانات تعددت وتنوعت دون أن ترتقي إلى التطور الفعلي في الرؤية المستقبلية للأشياء، لكون المحافظات لا تملك الخبرة في مجال الاستثمار والتسويق لكي يتسنى لها تسيير نفسها بنفسها، مضيفا بأن المهرجانات لعدم وجود استراتيجية للثقافة تبقي مكسبا لا يمكن الاستغناء عنه لكن يجب إعادة النظر فيه، قائلا: ”أن سياسة الارتجال في البحبوحة ثم مراجعة الامر في عز سياسة التقشف فعل لا يجب السكوت عليه، لذا لا يمكن أن نلغي مهرجانات دون سبب ملموس ومدروس، ولكن مع إعادة هيكلة المهرجانات، وتنصيب مدراء مثقفين ومخلصين في المؤسسات الثقافية والفنية، كما أن إلغاء المهرجان المحلي الفرق الحرة والجمعيات عمل وسلوك ديكتاتوري ارتجالي لا علاقة له بمنطق الأشياء”. وأضاف ربيع قشي أن الساحة الفنية في الجزائر وكل الإبداعات التي اثبتت وجودها بالبحث والتميز والمثابرة هي الفرق الحرة، والتي تبقى الوحيدة منبرا للبحث والإبداع، رغم أنها تتخبط في عالمها منعزلة عن مؤسسات الدولة التي تملك الفضاءات للتجارب: ”إن الفرق الحرة ليست حرة في تصرفاتها وتسييرها نظراً لغياب قوانين تسيرها وتحميها لتبقى مشتلة الإبداع، وتملك منبرا وحيد يريدون إلغاءه، فلماذا؟” وفي الأخير قال قشي أن صندوق الدعم دفع بعض الفرق إلى السقوط في فخ البزنسة والفكر المادي البحت، والخروج عن ما هو مسرح حر.
العضو السابق في المهرجان الوطني للمسرح المحترف بن براهيم فتح النور: ”المسؤولة السابقة على مديرية المهرجانات حاولت أن تلغي وتحجم المهرجانات” يعتقد بن براهيم فتح النور العضو السابق في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، أن القرار لم يتخذ بعد بإلغاء المهرجانين في سيدي بلعباس وڤالمة ولكن كثر الحديث عن ماهية المهرجانات ومحاولة إلغاء البعض منها وتحجيم البعض الآخر، قائلا: ”أظن أن هذا كان من مواقف المسؤولة السابقة على مديرية المهرجانات التي حاولت أن تلغي وتمحي وتحجم المهرجانات التي لم تستطع أن تدخلها تحت نفوذها وما أكثرها، كذلك يمكن أن يكون هذا الكلام وسيلة من وسائل هز قطاع الثقافة والأخذ به في هزات هو في غنى عنها”. وقال بن براهيم أنه مادام السؤال طرح وهناك حديث عن وقفات لمجموعة من الفنانين من أجل أن يقولوا لا لإلغاء المهرجانات: ”أود هنا القول أن المهرجان هو مكسب للمبدع والفنان وفضاء مفتوح يحتاجه المبدعون في كل أشكال وانواع الثقافة بصفة عامة، فالمهرجان لم يؤسس اعتباطيا أو بصفة لتبذير المال او لحاجة سيئة بل بأهداف محددة وبعيدة المدى ويعلم الجميع أنه في بداية المهرجان الوطني للمسرح المحترف لم يكن هناك إلا سبعة مسارح جهوية ورحمه الله محمد بن ڤطاف أكد أن الاحتراف ليس حكرا على المسارح الجهوية، بل يمكن أن يكون من الجمعيات وأسس هذان المهرجانان ليكونا مرحلة تصفية للأعمال المسرحية التي يمكن لها المشاركة في المهرجان الوطني”. مضيفا: ”أظن أنه من بين الأهداف البحث عن الأعمال المسرحية التي يمكن لها المشاركة في المهرجان الوطني بنفس المستوى، وإن لم نقل أحسن من بعض المسارح الجهوية والدليل عدة تعاونيات وجمعيات تحصل على جوائز كبرى، والأرشيف موجود للتأكد من هذا الكلام”. وتساءل المتحدث عن كيفية اختيار المسرحيات المشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، مادام هناك 20 مسرحا جهويا، ناهيك عن التعاونيات والجمعيات المسرحية، إن لم يكن هنالك فضاءات تنافسية لاختيار الفرق التي يمكنها المشاركة، قائلا: ”من المفروض أن هذه المهرجانات تدعم أكثر لأنها وصلت إلى مرحلة اخرى من النضج والاحترافية”. ودعا بن براهيم لضرورة إدخال المسارح الجهوية والتعاونيات بنفس الشروط والحظوظ في العملية التصفوية لاختيار الفرق التي تستطيع أن تكون زبدة ما أنتج على مستوى المسرح الجزائري خلال السنة. واستغرب المتحدث حول الكلام الذي يثار على اأن المهرجانات هي فضاءات لتبذير المال، موضحا: ”أقول أن ما يصرف في الثقافة لا شيء مقارنة بقطاعات أخرى أقل أهمية بالثقافة، ومع دسترة الثقافة كخدمة عمومية يجب أن نعطي نظرة أخرى بعيدة عن التهريج، وهنا لا أتكلم عن الأعمال الفنية والمسرحية بل التهريج في أخذ المواقف وهذا الذي يحصل الآن”. وقال مسؤول الاتصال السابق في المهرجان الوطني للمسرح المحترف أن الحديث عن أهمية المهرجانات وكيف نلغي مهرجانات، هو نتاج ما كان يتداوله بعض المسرحيين وبعض المبدعين بدون وعي، واستغلته جهات أخرى لضرب كل مكاسب الثقافة خلال العشر سنوات الأخيرة، لأنها مكاسب كبيرة سواء من حيث المسارح أو الإنتاج المسرحي وكذلك التوزيع، ودعم الجمعيات بصفة مستمرة، مضيفا: ”كل هذه المكاسب لا أقول أنها في طريق الزوال، ولكن بحاجة للدعم والتطوير والتثمين والنضال من أجل مكاسب أخرى وليس من أجل السماح بزوالها، وأظن أن وزير الثقافة رجل مثقف وتهمه كل الفضاءات المسرحية وغير المسرحية، وهو أكبر من اين يقوم بإلغاء فضاءين وجودهما أكبر للمبدع وللفنان. وأضاف فتح النور بن براهيم أن قيمة المبدع لا تتغير مهما كانت المسؤوليات وغلق فضاء مسرحي لا يمكن إلا أن يجر وراءه انتكاسات عديدة وصدمات نفسية تستطيع أن تتبع من يغلق هذه الفضاءات لسنوات عديدة. وفي الأخير يقول بن براهيم: ”المبعدون لا ينتظرون إلغاء مهرجانات بل بالعكس هم في انتظار تأسيس مهرجانات أخرى على غرار مهرجان المسرح في الجنوب”.