شنّت صحيفة ”واشنطن بوست” الأمريكية في افتتاحيتها ليوم أمس، حملة شرسة على النظام الحاكم في مصر، قالت فيها: ”إنّ لاختفاء القسري، والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء اصبحت أمورا تقترف بشكل مريع في عهد رئيس مصر الحالي عبد الفتاح السيسي. ونقلت الصحيفة عن مركز نديم لحقوق الإنسان، ومقره القاهرة، أنه وثّق 464 حالة اختطاف قامت بها قوات الأمن المصرية في عام 2015، و676 حالة على الاقل من حالات التعذيب، وما يقرب من 500 وفاة لدى المحتجزين”. وأضافت الصحيفة أن هذه الخروقات التي اقترفتها السلطات المصرية قد تجاهلها حلفاء مصر الغربيين إلى حد كبير. وقالت ”واشنطن بوست”، بتاريخ 25 يناير، اختفى الطالب الإيطالي جوليو رجينى (العمر 28 عاما) الذي كان بصدد إعداد أطروحة لنيل الدكتوراه عن الحركات والنقابات العمالية في مصرفي ظروف مشبوهة، وعُثر على جثته، بعد ذلك بتسعة ايام، ملقاة في حفرة على جانب الطريق، وعليها أثار تعذيب، وأنّ الحادثة تصدرت العناوين الرئيسية للصحف في انحاء اوروبا، ودفعت إلى ما وصفته بتدقيق طال انتظاره في السجل المروّع والقياسي لنظام السيسي في انتهاكات حقوق الإنسان. وتحدثت الصحيفة عن قرار البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، الذي دان فيه الاختفاء القسري في مصر، ودعا في جلسة طارئة عقدها بمقره في ستراسبورغ، القاضي بقطع المساعدات عن مصر على خلفية مقتل ريجيني. كما طالب السلطات المصرية بالتعاون مع نضيرتها الايطالية لكشف ”الحقيقة” كاملة حول ظروف تعذيب وقتل الطالب ريجيني، وتزويد السلطات الإيطالية بكل الوثائق والمعلومات الضرورية للقيام بتحقيق مشترك وسريع وشفاف ومحايد في القضية، طبقا لالتزامات مصر الدولية”، كما طالب ”ببذل كل الجهود للقبض على مرتكبي الجريمة وإحالتهم أمام القضاء في أسرع وقت”. ونقلت ”واشنطن بوست” قول كريستيان دان بريدا، نائب رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان للبرلمان الأوروبي ”إن احترام حقوق الإنسان يجب أن يكون أساس العلاقة مع مصر”. وذهبت إلى القول بأن هذا المبدأ يجب أن ينطبق أيضًا على علاقة واشنطن بالحكومة المصرية، لأسباب منها أن القمع الوحشي يؤدى إلى التطرف ويجعل الاستقرار في مصر أمرًا مستبعدا. لكن بحسب الصحيفة، فإنّ العلاقات التي تربط واشنطن بنظام السيسي، جعلت إدارة أوباما تتغاضى وتجدف عكس التيار، بطلبها تخصيص 1.3 مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية إلى القاهرة من ميزانية العام المقبل، كما طالبت الكونجرس بإلغاء شرط يربط 15 بالمئة من المساعدات بسجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان. وأشارت الصحيفة إلى تصريح لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قال فيه ”إن السيسي يستعيد الديمقراطية”. ورغم أنه أقرّ أمام الكونجرس مؤخرا بتدهور احترام الحريات في مصر، حين قال: ”هنالك احكام اعتقالات مثيرة للقلق”. لكنه استطرد قائلا أن انتهاكات النظام يتعين موازنتها بمكافحة التطرف الإسلامي في البلاد. وأشارت الصحيفة إلى خطورة السماح لمصر بالحصول على المساعدات فيظل ما يتردد عن استعدادات لمحاكمة 37 من منظمات المجتمع المدني، وإغلاق لمركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف. وخلصت الصحيفة في ختام افتتاحيتها: ”لقد قلنا مرارا إنّ نظام السيسي غير قادر على إرساء الاستقرار في مصر. والآن، يتهمه المدافعون عنه سابقا، بالتسبب في زيادة الجرائم وتدهور الاقتصاد، لكن ينبغي على الكونغرس منع إدارة أوباما من توقيع شيك على بياض لمصر الآن لأنه سيكون تهورا ومجازفة”.