سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"العائدون من سوريا يذكروننا بعودة الأفغان العرب إلى الجزائر خلال التسعينيات" الأمين العام لرابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل الإفريقي، يوسف مشرية ل"الفجر":
* التعامل بدقة وذكاء مع العائدين من بؤر التوتر بسوريا والعراق وليبيا ضروري * دول تعاني من هجمات ”بوكوحرام” الإرهابية طلبت من الجزائر رسكلة أئمتها * من الخطأ غلق تونس للمساجد الخارجة عن السيطرة كشف الأمين العام لرابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل الإفريقي، يوسف مشرية، في مقابلة مع ”الفجر”، أن دولا تعاني من هجمات ”بوكوحرام” الإرهابية، طلبت من الجزائر تكوين ورسكلة أئمتها. وطالب مشرية، الذي يشغل أيضا، رئيس لجنة المراجعات الفكرية بالسجون الجزائرية، فيما يتعلق بموضوع العائدين من بؤر التوتر، بضرورة التعامل معهم وفق استراتيجية ذكية وبحذر شديد، موجها حديثه إلى تونس والمغرب تحديدا، مضيفا أن المرجعية الدينية الموحدة الموروثة منذ قرون بعموم الساحل، تعرضت لهجمة دخيلة منذ أحداث شمال مالي عام 2013. ”الفجر”: هل وظفتم تجربة المراجعات الفكرية بالسجون الجزائرية في مواجهة التطرف بدول الساحل؟ يوسف مشرية: من خلال تجربتنا السابقة بخصوص موضوع المراجعات الفكرية بالسجون التي كنا نتشرف برئاسة لجنتها التي زارت الكثير من السجون الجزائرية، وتسمى بالبنيان المرصوص، أود أن أقول أن هاته التجربة صار يحتذى بها في كثير من دول الساحل التي تجاور الجزائر التي أضحت محيطة بدول وحدود ملغمة من النيجروماليوتونس وليبيا والمغرب، والعملية الأخيرة التي وفق فيها الجيش الجزائري، بإحباطه محاولة تسريب أسلحة، تبين أن المنطقة ملغمة، وكذا في بن قردان بتونس، لذا فإن العلاج يجب أن يكون ذكيا واستراتيجيا لمكافحة التطرف العنيف. بماذا تنصحون حكومات الساحل في التعاطي مع العائدين من بؤر التوتر كسوريا والعراق وليبيا؟ ما يقع في سوريا بظهور التنظيم الإرهابي ”داعش” وذهاب المئات من ابناء تونس والمغرب خصوصا، إلى الشام، والانخراط في التنظيم الارهابي، يدفع إلى التخوف من حدوث نفس السيناريو بمنطقتنا، مع فإن عودة هؤلاء، فيما يشبه وضع ما يسمى المجاهدين الأفغان خلال الثمانينيات، ومن منا لا يتذكر أن النواة الأولى للجماعات الإرهابية في الجزائر من المشاركين في حرب أفغانستان، والآن التاريخ يعيد نفسه، فالتخوف من عودة منخرطي ” داعش” الارهابي إلى تونس والمغرب وحتى أوروبا بفكر متطرف يجني وبالا على تلك الدول. وكيف ترون الطريقة المثلى في التعامل مع عودتهم؟ هؤلاء العائدون للأسف لا يرون إلا منهجهم، ويكفرون من لا يأتي معهم، لا يرون إلا حرق الأنفس والسعي في الأرض فسادا، وعليه لا بد من العمل على مستوى المراجعات الفكرية، وقد نصحت أكثر من مرة خلال زياراتي لدول الجوار، خصوصا في تونس، فيما يتعلق بالشباب المغرر بهم من كانوا في سوريا والعراق، أن يتم التعامل معهم تعاملا دقيقا وذكيا حتى لا تنفجر تلك القنابل المتحركة. وهل يمكن اعتبار أن الخطاب المسجدي ببعض المنابر في الجزائر تحت السيطرة؟ الذي اعتقده حسب علمي أن الدولة والجهات الرسمية في الجزائر لها قبضة حديدية على كل المساجد، فلا يفتح مصلى أو مسجد إلا بتصريح من وزارة الداخلية أو وزارة الشؤون الدينية، وفعلا كانت في السابق، خلال التسعينيات، خارج السيطرة وكانت المنابر حرة وتسيرها الكثير من رؤوس التطرف التي أحكمت قبضتها على المحاريب والمنابر. وبخصوص تونسومالي وليبيا؟ الذي يقع في تونس وليبيا والنيجرونيجيريا، فقد زرت الكثير من دول الساحل، وشاهدت كيف أن المساجد حرة ويمكن لأي شخص أن يسير المسجد، وأعطيك فكرة عن الجماعة الإرهابية ”بوكوحرام” التي أسسها عبد الله يوسف، في ”كانوا”، لقد كان المسجد حرا، ومنه تأسست الجماعة. وفي تونس أطلب من الجهات الرسمية ألا تغلق المساجد الخارجة عن السيطرة، بل عليها تأطيرها، وعلى الدولة الرسمية أن تؤطر المساجد، ومن الخطأ أن نرى خلية نائمة خرجت من المسجد، فيتم غلقه، بل بالعكس يجب أن يعاد إلى العلماء والأئمة المعتدلين. هل الفراغ الديني هو السبب؟ أدركنا أن هناك فراغا دينيا في المنطقة، خصوصا بعد سقوط نظام القذافي في ليبيا، وظهور فوضى السلاح، لكن للأسف في ليبيا هو عدم وجود قيادة مشتركة رغم مرور خمس سنوات، فصار مقعد الليبيين شاغرا في الرابطة، وأذكرك أن رابطة علماء دول الساحل الإفريقي مكونة من الجزائر، موريتانيا، النيجر، ليبيا، بوركينافاسو، نيجيرياوتشاد، وأسست شهر فيفري 2013، بعد أحداث شمال مالي في 2013، ومقرها حاليا الجزائر العاصمة. وفي ظل الصراع بين حكومتي الشرق والغرب، هل اتفق الليبيون على ممثل واحد بالرابطة؟ الرابطة أبلغت الليبيين بضرورة أن يكون تمثيل واحد موحد وليس مقعين يمثل الغرب وآخر الشرق، فالوقت ليس في صالح أي أحد خصوصا مع توسع التيار المتطرف في ليبيا، ممثلا في أنصار الشريعة و”داعش” أو غيرها من التنظيمات الإرهابية، فالليبيون والمواطنون بحاجة ماسة إلى سماحة الإسلام. لكن هذا الوضع لا يعني غياب التواصل مع العلماء والأئمة الليبيين، فهم في تواصل مستمر، لكن اتفقنا في الأمانة العامة للرابطة على ضرورة أن يكون ممثلا واحدا من ليبيا. وبعد ثلاث سنوات من النشاط هل حققت الرابطة أهدافها؟ أهم أهداف الرابطة هي اظهار سماحة الإسلام لان الدول المنضوية تحت لواء الرابطة لها مرجعية دينية موحدة موروثة منذ قرون، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها شمال مالي، وهي أحداث كارثية تطور فيها العنف الديني والتطرف، إذ هناك أفكار دخلت المنطقة كان لزاما على دعاة المنطقة أن يحموا المرجعية الدينية الوطنية في منطقة الساحل الإفريقي. كما أن ظاهرة التطرف هي ظاهرة غريبة على المجتمعات الإسلامية وغذتها بشكل كبير النزاعات المسلحة واللاإستقرار الأمني في عديد الدول، من بينها ليبيا وسوريا وشمال ماليونيجيريا، فالمسؤولية كبيرة اليوم أمام العلماء لإحلال السلام في ربوع إفريقيا ودول الساحل، وإنقاذها من هذه الظاهرة التي أصبحت لا تعترف بالحدود والدول. ألا تعيقكم الاضطرابات الأمنية بدول الساحل الإفريقي في تجسيد استراتيجية الرابطة؟ استراتيجية الرابطة لإيصال رسالتها في الدول المضطربة أمنيا تتم بإصدار رسالة ناطقة باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، باعتبارها اللغات الموجود في الساحل، كما توزع الرسالة على دول الساحل، وأيضا التفاعل عبر وسائط التواصل الاجتماعي، بيد أن أكثر عمل أتى بنتائج جيدة عبر تسخير مجال آخر في تصحيح المفاهيم الدينية، هو إذاعة الساحل للقران الكريم التي تبث عبر الموجات القصيرة على مستوى دول الساحل، ابتداء إلى موريتانيا إلى مالي وليبيا ونيجيريا وغيرها، وتقدم برامج خاصة لشرح مفاهيم الدين الإسلامي السمح. وتحركنا من أجل التصدي للهجمة التكفيرية غير المسبوقة على شباب دول منطقة الساحل، بهدف تحصينهم ضد التطرف وضد الانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية مثل ”داعش”. إن التواصل مع الشباب يتم عن طريق الإعلام من أجل التوعية مثلما أسلفنا الذكر، كما أن هناك مراكز متخصصة يفندون الشبهات المتطرفة ويحاربون التكفير، إضافة إلى عمل جواري عبر السجون والمراجعات الفكرية، وهناك عمل أيضا عن طريق المؤسسات الدينية لتوعية الشباب وحمايتهم من الأفكار الضالة والمتطرفة. كما أن هناك تنسيقا مع كل دول الساحل في تلقين سماحة الدين عبر تكوين وتأطير ورسلكة وتوجيه الأئمة، إذ طلب مؤخرا، وفد من تشاد، التي تعاني من التطرف الديني وهجمات ”بوكوحرام” الإرهابية، خدمات من الرابطة، اين تم الاتفاق مع الوفد على استقبال طلبة في الجزائر، للاعتماد عليهم في تجربة مكافحة التطرف العنيف. وهل طلبت منكم دول معينة الاستفادة من تجربة المصالحة الجزائرية؟ فعلا طلبت دول الجوار على غرار ليبيا وماليوتونس، الاستفادة من التجربة الجزائرية في تجسيد المصالحة الوطنية، وقد تم إبلاغهم أنه لا علاج للأزمة في ليبيا أو تشاد أو مالي أو تونس أو النيجر أو حتى نيجيريا إلا بمشروع وئام حقيقي وهو ما سيجعلها تتحمل أقل الخسائر.