لن يستطيع أحد أن يزيح مقام العجائن التقليدية من ركح ”المايدة” الجزائرية، فهي التي تضمن المقادير الاقتصادية ولذة المذاق، كما تحتوي مئات الأنواع في المجتمع الجزائري، لتخرج إبداعات الأنامل من المطبخ إلى واجهات المحلات التجارية التي أصبحت تعتمدها من أهم المنتوجات التي تجلب الزبائن. كيف للعجائن التقليدية بالمجتمع الجزائري أن تنافس أشهر عجائن المخابز والصالونات الفاخرة؟ فهي التي اشتهر صيتها عالميا وتفنن في صناعتها أشهر من يحترفون الخبازة، فمن ”الهلاليات” والخبز المحشو بالشكولاتة إلى الخبز السويسري، لتكون ملازمة لكثير من الجزائريين في فطور الصباح أو قهوة المساء، ومعتمدة بكثرة فترة الضحى لسد جزء من الجوع بمذاق حلو. لكن الأنامل الجزائرية لم تركن للزاوية، حيث تشجعت بعض من النسوة بعرض فكرة بيع العجائن التقليدية المصنوعة بالبيت لدى أصحاب المحلات التجارية، مثل المسمن، والبغرير والكسرة والمطلوع والمبرجة، والمثقبة، وكذلك الحلويات الجافة المغلفة في علب. لتلقى العجائن التقليدية عرضا محتشما في بدايتها، بعد أن تساءل أصحاب المحلات عن مدى اقبال المستهلك عليها وسط رفوف تملؤها الحلويات المصنعة بمختلف الأسعار والأذواق، واعتبروها نوعا من المجازفة. تتحمل النسوة اللواتي جعلن من العجائن التقليدية مصدرا لرزقهن برنامج توقيت قد لا تتداركه الكثيرات، فالنهوض صباحا يكون في فترة مبكرة جدا، لتكون المقادير متوفرة في البيت قبلا، لتبدأ عملية العجن بالطريقة التقليدية، أي بواسطة اليد دون استعمال الخلاط الكهربائي. أما في حالة استعمال هذا الأخير فإن ثمن العجائن يكون أقل ثمنا مقارنة بثمنه حين تعجن باليد، حسبما صرحت ”فتيحة” المزاولة لهذا النشاط، فهي تعتمد صنعة العجين منذ ثلاث سنوات رغم المحاولات العديدة لوقف النشاط بسبب قلة المدخول المالي، لكن النساء العاملات كن دافعا بعدها للمواصلة، فهن لا يمتلكن الوقت الكافي مثل نظيراتهن الماكثات بالبيت ليقدمن لعائلاتهن العجائن، ليكون عرضها بالمحلات بديلا عن معجنات المخابز. كما أنهن يعتمدنها للضيافة إلى جانب الحلويات الجافة وغيرها. لتضيف السيدة فتيحة أنها منذ أن بدأت ببيع العجائن التقليدية وهي تحرص على اتقان العمل، لتلقى بعدها طلبات للأعراس ومختلف أفراح الجزائريين مثل الختان والخطوبة، وحفلات التخرج من الجامعة. جابت ”الفجر” عددا معتبرا من محلات بيع المواد الغذائية بمدينة الجزائر، لتكون متشابهة تقريبا من حيث نوعية المنتجات المعروضة ومن بينها العجائن التقليدية السالفة الذكر، وقد تم ترتيبها على الطاولة الرئيسية عند مدخل المحل، مع كتابة اسم المعجن وثمنه، لتكون هذه الأخيرة معقولة وفي متناول الجميع، لكنها متفاوتة نسبيا من محل لمحل بالنظر لكيفية الصنع ونوعية الدقيق المستعمل.