لم تعد الأعراس الجزائرية موعدا لالتقاء الأهل والخلان "سبعة أيام وسبع ليالي " مثل أيام زمان ، حيث تدوي الزغاريد أسبوعا قبل حفل الزفاف ، عندما تلتف النساء في السطوح لإعداد الحلويات التقليدية من بقلاوة ومقروط اللوز والقنيدلات والمخبز بعدما برزت نساء امتهن صناعة الحلويات التقليدية بلمسة عصرية ، أبهرت نظر "مولات العرس " ، ناهيك عن تزايد أعداد" الحلواجية" الذين حولوا صناعة الحلويات إلى تجارة رائجة تدر عليهم الملايين خلال موسم الأعراس الحلويات هي زينة الأعراس الجزائرية ، ولايمكن بأي حال من الأحوال أن تقام حفلة الزفاف بدونها ، ولا حديث عن العرس دون حلويات مختلفة الأشكال والمذاق وحتى من حيث قيمة التكاليف التي تحددها طبيعة المواد الأساسية التي تدخل في تحضيرها ، فقيمة تلك المصنوعة من اللوز والجوز والفستق والبندق تختلف طبعا عن تلك المصنوعة من الفول السوداني أي الكاوكاو أوعجينة اللوز غير الحقيقية وبما أن حفلات الأعراس لايمكن أن تقام دون الحلويات فإن كثرة الطلب عليها ، واقبال الناس بشكل مكثف على كل ماهو جاهز في أيامنا هذه جعل من هذه التجارة لاتبور ، فالاستثمار في هذا المجال مضمون الأرباح وبنسبة ال1000 في المائة بسبب كثرة الطلب عليها والذي يتزايد يوما بعد يوم وبشكل ملفت للإنتباه. وقد تحولت صناعة الحلويات التقليدية عندنا التي كانت أنواعها تعد على أصابع اليد الواحدة إلى حلويات عصرية بمئات الأنواع ، تخصص لتدريسها مراكز مؤهلة تسعى إلى إضفاء لمسة حداثة عليها وهو ما ذهبت إليه العديد من الكتب المهتمة بالطهي، حيث برزت في هذا الشأن العديد من النساء اللواتي حولن منازلهن إلى مدارس خاصة لتلقين فنون صنع الحلويات ، وتمكنّ في ظرف قياسي من استقطاب عشرات النساء ومن مختلف الأعمار ، شابات في مقتبل العمر ، ربات بيوت وحتى جدات ، اللواتي تعلمن " صنعة اليدين " على أصولها ورحن يعلمن أخريات هذه الصنعة وهكذا ، والملفت للإنتباه في السنوات الأخيرة هو لجوء العائلات الى مثل هذه الخدمات الجاهزة خلال العيدين خاصة عيد الفطر، وفي المناسبات العائلية مثل حفلات الخطوبة والختان و"السبوع " أي الاحتفال بالمولود الجديد . وللوقوف على الأسباب التي تقف وراء إقبال العائلات على الحلويات الجاهزة سواء تلك التي يحضرها أصحاب محلات الحلويات أوتلك التي تتفنن في تحضيرها حلواجيات في منازلهن، تقربنا من محل صنع الحلويات " بابي" papy بتيلملي هذا الاسم المعروف لدى سكان العديد من أحياء العاصمة على غرار بلكور ، الأبياروحيدرة بسبب وجود سلسلة من هذه المحلات التي تتخصص في صناعة الحلويات التقليدية والعصرية حيث أكدت لنا عاملة بهذا المحل المفتوح طيلة أيام الأسبوع أن الطلب على الحلويات التقليدية يزداد خلال موسم الصيف لان العائلات أصبحت تفضل خدمة"الحلواجية " لتجنب نفسها عناء صناعة الحلويات في المنزل والتي تضاعف من متاعب التحضير للحفل صناعة الحلويات دون غيرها من الحرف وبرزن فيها، حيث حدثتنا عن حبها للحلويات الذي ورثته من العائلة وأكدت أن الطلب على طهي الحلويات يزداد في فصل الصيف، لأن العائلات أصبحت تفضل خدمة "الحلواجية" لتفادي طهي الحلويات بالمنزل التي يضاعف من متاعب التحضير للحفل، وللزبائن حرية إختيار مايعجبهم ويناسبهم ، وهناك أصناف عديدة تتنوع بين التقليدية المحظة وبين التقليدية بلمسات عصرية. وحسب محدثتنا دائما فان تسابق العائلات على "الحلواجية" لإقامة حفلات أعراسها ، جعل هذه " الصنعة " تجارة مربحة ومطلوبة بكثرة ومربحة ترتب عنها ظهور منافسة كبيرة و فتح شهية العديد من التجار إلى تغيير نشاطهم وتحويل محلاتهم الى محلات تتفنن في عرض أشكال من الحلويات حتى ولو كانوا بعيدين كل البعد عن هذه الصنعة . وتؤكد محدثتنا أن هذا المحل الذي تشتغل به منذ سنوات أنه يتميزعن غيره وبشهادة الجميع بصفتين وهما عدم الغش في المواد المستخدمة في صنع الحلويات والنظافة وكذا ضمان الجودة من حيث الشكل والذوق ، وهو ماجعل المحل يتمتع بسمعة طيبة حيث لانتوقف عن العمل طيلة أيام الأسبوع لاستقبال طلبيات الزبائن ، كل حسب رغبته فهناك من العائلات تلك التي لاتزال متمسكة بالحلويات التقليدية كالدزيريات، المقروط ، القنيدلات والبقلاوة وغيرها،بشكلها القديم المعروف ، وهناك من تطلب الأنواع التقليدية المعصرنة ونسعى لتلبية رغبات زبائننا في كل مرة . إحدى الزبونات التي قصدت هذا المحل باكرا قصد تقديم طلبيتها من الحلويات استعدادا لحفل زواج شقيقها المغترب في هولندا قالت لناأن اختيار الحلواجية المثالية صعب للغاية لكثرتهن في الميدان، ولا يمكن الثقة في حلواجية غير معروفة، فكثيرون وقعوا ضحايا تلاعبات صانعات الحلويات، كالغش في المقادير واستبدال اللوز بالفول السوداني مع إضافة قطرات من سائل نكهة اللوز والاحتيال على الزبائن إلى غير ذلك وكثيرون هم من وقعوا ضحية للاحتيال من الحلواجية . وتشير إلى أن هناك منافسة كبيرة في هذا المجال، خاصة بعدما كانت تقتصر على الخبازين فقط ، واقتحمت النسوة الماكثات في البيت هذا المجال. وتقول محدثتنا إنه مع توفر مدارس تعليم الطبخ والحلويات العصرية لم تجد النسوة مجالا مربحا أحسن من صنع الحلويات ، حتى ولو كن بعيدات كل البعد عن " الصنعة" وأهلها ، رغم أن المقابل المادي نفسه ، وان وجد الاختلاف فهو لايزيد عن 50 دج للقطعة الواحدة ، لذا فمن الأفضل الاستعانة بخدمات أصحاب المحلات المعروفة تفاديا للوقوع في فخ الاحتيال . وفي جولة عبر محلات بيع الحلويات اكتشفنا أن ثمن القطعة الواحدة لا يقل عن 35 دينارا، وقد يصل في بعض الأحيان إلى 80دج للقطعة الواحدة كما هو الحال بالنسبة للحلويات المعروضة بمحل معروف يقع بحي السكالة بالأبيار ، وهناك من العائلات من تطلب خمسة أنواع الى سبعة بينما تكتفي أخرى بنوع واحد وتتولى مهمة إعداد ماتبقى لها من حلويات بالمنزل.