تشتهر النساء الجزائريات بقدرتهن على تحضير مختلف الأطباق والأكلات الشعبية التقليدية غير أن تطور المجتمع وولوج المرأة عالم الشغل وكثرة المصاريف مع تدني المستوى المعيشي دفع هؤلاء النسوة خاصة الماكثات منهن في البيوت إلى استغلال هذه الحرفة والاستفادة منها من خلال تحويلها إلى تجارة حيث تقمن ببيعها لأصحاب المحلات بغية مساعدة أزواجهن والتغلب على الظروف المعيشية الصعبة. المطلوع المحاجب الرشتة والشخشوخة تغزو المحلات أصبحنا في جميع المحلات والمقاهي اليوم نرى الأكلات التقليدية كالمعارك والكسرة والبراج و”الكسكسي” والرشتة والشخشوخة المحاجب إلى جانب أنواع كثيرة من الحلويات ك”المقروط” و”الڤريوش” وغيرها من المأكولات والحلويات المعروفة التي تعجز عن تحضيرها العديد من النساء العاملات بسبب ضيق الوقت أحيانا أو لانشغالهن أحيانا أخرى أو لأسباب أخرى عديدة واقتناء هذه الأكلات التي تحظى بشعبية واسعة يكون من مختلف الفئات العمرية في المجتمع الجزائري. المطلوع و”الكسرة” ينافسان الخبز في المحلات لا تخلو محلات اليوم من أنواع الخبز والمطلوع فالمطلوع اليوم أصبح ينافس الخبز العادي إذ يفضل العديد من المواطنين شراء الكسرة أو خبز فطير على الخبز العادي بالنظر إلى طعمها وطريقة تحضيرها. وبهذا الشأن أخبرنا ”كريم” صاحب محل يبيع المطلوع الذي تحضره إحدى النساء ليقوم هو بالمقابل ببيعه قال إنه لقي رواجا خاصة في المناسبات وشهر رمضان الذي يتهافت فيه المستهلكون على اقتناء كل أنواع الخبز. وبالحديث عن المحاجب اليوم فقد أصبح ينافس ”البيتزا” في محلات الفاست فود.. فكم من بائع للأكل الخفيف غيّر نشاطه أو أضاف زاوية من زواياه لبيع المحاجب بطريقة تقليدية وعلى قارعة الطريق تجد الأطفال مصطفين من أجل بيع الخبز المصنوع في البيوت كخبز المطلوع الجزائري والبغرير والمحاجب المحشوة بالبصل والتوابل. وعن سبب تسمية الخبز ب”محجوبة” تقول إحدى البائعات ”كون كل المواد المكونة للخبز حجبت بين ورقتي خبز” وتضيف البائعة ربما تكون أول مبتدعة لهذا الخبز تسمى محجوبة أيضا. الرشتة والشخشوخة تغزو القصابات هي تجارة من نوع خاص حيث اتخذت النسوة من قدرتها ومعرفتها على إعداد مختلف الأكلات والأطباق الشعبية وسيلة لكسب المال فأصبحت اليوم القصابات لا تخلو من ”الثريدة” والرشتة وهي بعض العجائن التي تحضر في البيت التي تقدم في مختلف المناسبات خاصة في المولد النبوي والعيدين وفي بعض المناطق تقدم حتى في الأعراس الرشتة وباعتبارها اليوم أصبحت أكلة كل الجزائرين وجدت نفسها من بين الأكلات التي نافست طبق الكسكسي بالنظر إلى شعبيتها إلى جانب الثريدة والشخشوشة وغيرها من الأكلات التي أصبحت تغزو مختلف الأسواق وبالتحديد في القصابات. وقد أصبح المواطن يستهلك هذه العجائن تقريبا بصفة يومية حيث أكد لنا صاحب قصابة أن المستهلك أصبح يقتني العجائن أكثر من اللحم وبمجرد دخوله القصابة تتجه أنظاره إلى الرشتة والشخشوخة والثريدة التي توضع دائما على مقربة من المدخل لتلفت نظر الزبون قبل اللحم خاصة أنها باتت تصنع بطريقة جيدة وتحفظ في أكياس شفافة الأمر الذي يشد انتباهه ويجعله يشتري منها متى أتيحت له الفرصة. رواج الأكلات الشعبية منح سيدات فرصة لكسب المال من خلال حديثنا مع بعض ربات البيوت اللواتي يتخذن من صناعة هذه الأطباق الشعبية تجارة مربحة لهم وبيعها بعد الاتفاق مع أصحاب المحلات التجارية لسد حاجياتهم ومتطلباتهم المعيشية حيث تقول إحدى السيدات وهي أم لأربعة أبناء أنها تنهض يوميا باكرا لإعداد الكسرة والمحاجب ثم تضعها في أكياس بلاستيكية شفافة وبعدها تعطيها لابنها الذي يقوم بدوره إلى أخذها كل صباح باكر إلى صاحب المقهى المحاذي لبيتها وأضافت أنها تحترف هذه المهنة منذ حوالي سنتين بغية التخفيف عن زوجها الذي لا يقدر على توفير كل متطلبات البيت لوحده بسبب ضعف الراتب الشهري الذي لا يكفي لسد جل متطلباتهم نتيجة للوضعية المزرية التي تعيشها رفقة أطفالها. من جهة أخرى تقول سيدة أخرى وهي أيضا من هؤلاء اللواتي يمتهن هذه الحرفة حيث صرحت لنا أنها امتهنتها بسبب توفر الوقت لديها من جهة ولإعالة أسرتها من جهة أخرى وتوفير متطلبات أبنائها. أكلات شعبية لا تتطلب الكثير من الوقت وبمواد بسيطة لا شك أن ما ساعد في إنجاح وإنعاش هذه التجارة التي تراها العديد من النساء أنها مربحة بالنسبة لهن هو تحضيرها بمواد بسيطة غير مكلفة والتي جاءت في متناول الأسر البسيطة التي تعول على هذه المأكولات بهدف زيادة الدخل الشهري لهم وإعالة أسرهم ذات الدخل البسيط. كما أن الطلب عليها من مختلف المستهلكين المتعطشين للربح السريع سواء أصحاب المحلات أوالمواطنين العاديين ساهم أكثر في انتشار وغزو هذه المأكولات بشكل واسع في مختلف المحلات والأسواق. فعند تجولك عبر أزقة وشوارع العاصمة فإن أول ما يلفت نظرك هو الشكل المغري لهذه المأكولات المعروضة على طاولات الباعة والتي تستقطب الزبائن من مختلف الأعمار والشرائح. إن استغلال ربات البيوت لتحضير الأكلات التقليدية واتخاذها كتجارة مربحة لإعالة أسرهم من جهة وكسب كسب المزيد من المال يوفرون به ظروفا معيشية أحسن لعائلاتهن. من جهة أخرى فإنه يعد فرصة تعود بالإيجاب عليهن وعلى النساء العاملات اللواتي لا يجدن الوقت لتحضيرها.