نظمت، سهرة أول أمس، المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، ندوة عن المقاومة الشعبية "الزعاطشة" والتي قادها سنة 1849 الشيخ بوزيان، وهذا في إطار البرنامج الثقافي لمؤسسة anep. ونشط الندوة التي كانت متبوعة بنقاش، الكاتب والصحفي محمد بلحي، والذي من آخر إصداراته الأدبية كتاب فاخر عن مقاومة الزعاطشة 1849، والتي راحت ضحيتها منطقة بأكملها، بحيث قامت القوات الكولونيالية آنذاك بإبادة المقاومين وتدمير مساكنهم وخاصة ممتلكاتهم المتمثلة في أشجار النخيل، والتي كانت لها قيمة جسيمة في قلوب سكان المنطقة. وللتعريف أكثر بالمقاومة الشعبية، زعاطشة 1849 والتي بسببها تأخر التوغل الفرنسي بالعديد من مناطق الجزائر على غرار منطقة القبائل وأيضا صحراء الجزائر ومنطقة الأوراس، قام الكاتب محمد بلحي، بالتذكير بأهم التواريخ التي سبقت المقاومة وايضا تلك التي كانت مربوطة باندلاع المقاومة الشعبية، فتحدث عن الثورة الفرنسية التي أودت بسقوط الملك لويس فيليب وهروبه إلى إنجلترا، فصدى الخبر وصل إلى الجزائر وأثر بالإيجاب على الجزائريين، خاصة سكان منطقة بسكرة حاليا، كونهم تربطهم علاقة قديمة بالجزائر العاصمة، كما تحدث الكاتب أيضا عن حدث آخر مهم هو تأثير مقاومة الزعاطشة، واندلاع ثورات ومقاومات أخرى، سنين بعدها، كمقاومة العامري. وندد الكاتب محمد بلحي بالواقع المرير الذي نعيشه اليوم وهو عدم اهتمام الجزائريين بتاريخهم، من أفراد المجتمع إلى رسميين إلى كتاب ومؤرخين، وتكلم أيضا عن استناد هؤلاء المؤرخين على الكتابات والشهادات الأجنبية، لجنود وضباط فرنسيين وأيضا رسامين كانوا يتبعون القوة الاستعمارية أينما ذهبت، ويوثقون معاركها عبر لوحات تحمل نظرة أجنبية، بينما ذكر الصحفي والكاتب بلحي "بالقوالين" الذين كانوا يقابلون لوحات الرسامين الفرنسيين الذين خصصوا 3 لوحات لمقاومة الزعاطشة، بينما نجد اليوم شعرين ملحونين عن مقاومة الزعاطشة. كما تحدث محمد بلحي عن قائد هذه المقاومة، الشيخ بوزيان الذي كان يعتبر رجلا دينيا ذا إجماع في المنطقة وأيضا شخصية قوية عسكريا، كونه كانت تربطه علاقات مع الأمير عبد القادر، وكان الشيخ بوزيان قد فضل الشهادة والموت في سبيل بلاده على أن يعيش تحت رحمة المستعمر الفرنسي، الذي أعلن جهاده بواحة الزعاطشة عام 1849، في الوقت الذي كانت فرنسا تعتقد أن بنهاية الأمير عبد القادر ومقاومة أحمد باي قد وضعت نهاية للمقاومة الجزائرية. وللتذكير دامت مقاومة الزعاطشة 7 أشهر، ففي 25 من شهر نوفمبر من سنة 1849 هاجم الجنرال الفرنسي "هيربيون" واحة الزعاطشة ببلدة ليشانة بمنطفة الزيبان ولاية بسكرة حاليا، والتي استعصت على قواته آنذاك، وفي اليوم الموالي اهتز العالم والجزائر لمجزرة الزعاطشة، الذي اقترفها السفاح الجنرال "هيربيون"، وهذا بعد أن عزز بقوات كبيرة تقدر بأكثر من 5000 جندي أقدمت إليه من المناطق الشمالية للجزائر، مما شجع المحاصرين من معاودة الهجوم يوم 26 نوفمبر 1849 بثمانية آلاف من الجند، وقامت القوات الفرنسية بحصار قصر الشيخ بوزيان، وكان حصارا خانقا على الواحة تحسبا لأي نجدة تصلها من مناطق أخرى، وتعرضت جدران القصر للضربات بالمدفعية، وتم قطع أزيد من 10 آلاف نخلة مصدر رزق السكان، مما مكن القوات الفرنسية من اقتحام القرية وإبادة سكان الواحة بمن فيهم الأطفال، النساء والشيوخ، ورغم ذلك صمد السكان، واشتبكوا مع الجند الفرنسيين بالسلاح الأبيض في الدروب والأزقة، حتى سقطوا عن آخرهم وسقط معهم ازيد عن الف جندي فرنسي. ألقي القبض على الشيخ بوزيان زعيم الزعاطشة، وابنه الذي لا يتجاوز من العمر السادسة عشرة والشيخ موسي الدرقاوي، في يوم 26 نوفمبر 1849، فأمر "هيربيون" بقطع رؤوسهم، وتعليقهم على أبواب مدينة بسكرة عدة أيام، ثم نقلت إلى متحف الاسان بباريس. وللإشارة دعا الكاتب محمد بلحي رفقة الحضور وايضا المؤرخان فؤاد سوفي وساري، إلى تقديم السلطات الرسمية بالجزائر بطلب استرجاع رؤوس الشيخ بوزيان وابنه والشيخ الدرقاوي، خاصة وأنه الأسبوع الماضي تحدث مدير متحف باريس وقال "نحن مستعدون لتسليم رؤوس مقاومة الزعاطشة".