أثار انكشاف فضيحة شحنة نفايات ملوثة للبيئة والإنسان بميناء الجرف الأصفر المغربي والقادمة من إيطاليا، جدلا في الأوساط الحقوقية والبيئية المغربية، وطالبت قيادات ومنظمات بتقديم توضيحات دقيقة عن الصفقة وبفتح تحقيق نزيه وشفاف حول الكارثة وتشكيل لجنة مستقلة، لتقصي الحقائق حول مدى خطورة النفايات على البيئة والإنسان على حد سواء، لاسيما وأنّ المملكة تعدّ طرفا في العديد من الاتفاقيات الدولية، وأكّدت التزامها بها، كما أنها بصدد احتضان الدورة المقبلة لمؤتمر الأممالمتحدة حول المناخ "كوب 22" في نوفمبر 2016 بمراكش. ويشار إلى أنّ مشروع القانون الجنائي المغربي يعتبر الجريمة البيئية عملاً إرهابياً ويعاقب عليه بالسجن من 10 إلى 20 سنة، وقد تمتد العقوبة إلى المؤبد إذا ترتب عن الفعل عاهة دائمة، كما أن هذه العقوبة يمكن أن ترتفع إلى الإعدام إذا ترتب عن الفعل وفاة أشخاص. لكن المؤسسة التي استقبلت هذه النفايات هي معمل بوسكورة للإسمنت التابع لعملاق الإسمنت "لافارج هولسيم المغرب" التي يملك فيها الهولدينغ الملكي 50 في المائة من الأسهم، ليجد محمد السادس نفسه متورطا في فضيحة أخلاقية وسياسية وقانونية غير مسبوقة، لأنه المسؤول الأول عن حماية المغاربة وبيئتهم بحسب ما ينص عليه القانون المغربي، ليتأكد مرة أخرى أن قوانين المغرب لا تطبق إلا على الضعفاء. ولم يعلق رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنيكران، الذي اعتاد الخوض في مستجدات الساحة السياسية المغربية، عبر بوابة المجلس الحكومي، خلال اجتماع مجلس الحكومة، على القضية رغم تلقيه عرائض ومراسلات احتجاجية من جهات بيئية وحقوقية. ونقلت الصحافة المغربية أنّ الهيئة المغربية لحقوق الإنسان طالبت في بيان لها، حكومة عبد الإله بنكيران بتقديم اعتذار رسمي عما تسبب به هذا الفعل من "إهانة لكرامة المغاربة"، وتهديد النظام الإيكولوجي المغربي بملوثات أثبتت دوليا خطورتها على النظام البيئي والصحة الإنسانية"، والطرد الفوري للبواخر الإيطالية والفرنسية بحمولاتها من النفايات، والكف عن الإدلاء بالتبريرات المسوغة لاستيرادها. كما طالبت بمساءلة حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، عن استيرادها لأطنان من هذه النفايات من إيطاليا لإحراقها بالمغرب. ودعت الهيئة إلى فتح تحقيق عاجل نزيه وشفاف بشأن تأثير هذه النفايات على جودة وسلامة المياه الجوفية والهواء والمياه الساحلية المغربية، معلنة إدانتها ورفضها لما أسمته "الأعمال التخريبية للأنظمة الإيكولوجية المغربية من طرف الدول الصناعية الملوثة وشركاتها العابرة للقارات، بتواطؤ مع الحكومة المغربية، والماسة بالحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية".