تقف جمعية الكلمة للثقافة والإعلام في التاسع من أكتوبر الجاري أمام القضاء، حيث حدّدت المحكمة الإدارية ببئر مراد رايس بالجزائر العاصمة هذا التاريخ موعدا للجلسة الأولى، المتعلقة بقضيّة اتهام جمعية الكلمة للثقافة والإعلام بتوزيع كتاب ”محرّض على النظام” كتبه الشاعر المقيم في الإمارات عياش يحياوي تحت عنوان ”فيسبوكيات”، وتنظيم دورات تدريبية في الإعلام لفائدة الشباب اعتبرتها الولاية خروجا عن أهداف الجمعية، وممارسة لنشاط تجاري. واعتبرت جمعية الكلمة للثقافة والإعلام أن القضيّة ”كيديّة ”، الغرض من ورائها حلّها وغلقها بشكل نهائي، في إطار تصفية حسابات، لا علاقة للوالي عبدالقادر زوخ بها، وإنما تمّ توريط الجمعية وإقحامها في أروقة العدالة عن طريق تواطؤ جهتين أو ثلاثة في الدائرة الإدارية المنتدبة ببوزريعة، فمديرية الشؤون الاجتماعية بالولاية، اللتين تحركتا بإيعاز من الجهة الثالثة المقرّبة من وزارتي الثقافة والداخلية. وتصرّ الجمعية على براءتها من التهمتين الملفّقتين، فإنها ترفع مرّة أخرى نداءها إلى وزير الثقافة عزالدين ميهوبي للتدخّل وإنصاف هذه الجمعية التي تعتبر من انشط الجمعيات الثقافية منذ سنوات، وقد سبق أن وجّه عدد كبير من المثقفين نداءً يلتمسون فيه التدخّل من وزير الثقافة، حتى لا يُقال إنّ جمعية ثقافية تمّ توقيفها في عهدته. وسبق لمجموعة كبيرة من المثقفين الجزائريين التوقيع على بيان تضامن مع جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، إثر الدعوى القضائية التي رفعها ضدّها والي ولاية الجزائر، متّهما إياها بتوزيع كتاب للشاعر الجزائري عياش يحياوي وعنوانه ”فيسبوكيات” بجزأيه الأول والثاني، وهو الكتاب الذي طبعه الشاعر على نفقته سنة 2013، واعتمد فيه على نقاشات فيسبوكية جمعت عددا من المثقفين والإعلاميين حول مختلف الشؤون الثقافية والاجتماعية والسياسية للبلاد، ولم يكن إطلاقا محرّضا على النظام، كما أشارت إليه الدعوى المرفوعة ضد الجمعية على مستوى المحكمة الإدارية. واعتبر الموقعون إدانة الكتاب بتهمة التحريض على النظام إدانة للكاتب نفسه ولعدد كبير من المثقفين تضمنت صفحات الكتاب بجزأيه آراءهم وأفكارهم، وهو ما يرفضونه جملة وتفصيلا، لما فيه من حجر على الفكر وتضييق على الرأي، بينما تهمة ”التحريض” مبالغ فيها بشكل يوحي برغبة جهة خفيّة في إدانة جمعية ثقافية وإعلامية تعدّ من أنشط الجمعيات في الساحة الثقافية في السنوات الأخيرة، وهي الجمعية التي لم تتحصل على أي دعم مادي من طرف السلطات العمومية رغم أنها تستحق ذلك، ما جعلها تلجأ إلى تنظيم دورات تدريبية غير ربحية تهدف إلى اكتشاف المواهب الشابّة في مختلف مجالات الثقافة والإعلام كدورات العروض والشعر، الموسيقى، المسابقات الأدبية، الكتابة الصحفية، التنشيط السمعي البصري، والسياحة الثقافية...الخ، وهي دورات تتمّ بمساهمة أعضاء الجمعية وتطوّع عدد من المثقفين والإعلاميين للإشراف عليها، وهو ما يسمح للجمعية من توفير نفقات زهيدة تساعدها على تقديم أنشطة ثقافية في المستوى. وأضاف الموقعون على البيان أن اتهام جمعية الكلمة للثقافة والإعلام والمطالبة بحلّها وتوقيف جميع أنشطتها، فيه نكران للجميل الذي قدّمته لصالح الثقافة الوطنية، وغلق لواحدة من النوافذ الثقافية القليلة في بلادنا. وتوجه الموقعون بهذا البيان إلى السلطات المخوّلة لإعلان التضامن المطلق مع هذه الجمعية الثقافية، مؤكدين على حقّها في البقاء والاستمرار، خدمة للمشهد الثقافي الجزائري، الذي هو في أمس الحاجة لتأسيس جمعيات تعنى بالفكر والإبداع وليس لغلقها وتعطيلها. ودعا البيان الجهات الرسمية المخوّلة بالنظر في قضيّة جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، خصوصا والي ولاية الجزائر السيد عبدالقادر زوخ إلى التدخّل لسحب الدعوى القضائية المودعة باسمه ضد الجمعية، كما دعوا وزير الثقافة الكاتب عزالدين ميهوبي إلى التدخل لفائدة الجمعية حتى لا يقال ”إن جمعية ثقافية نشيطة تمّ توقيفها خلال عهدته الوزارية”. من جهته، قال رئيس جمعية الكلمة للثقافة والإعلام ”اضطررنا حاليا إلى غلق مقر الجمعية وتوقيف الايجار ببلدية بني مسوس، الجمعية دون مقرّ، ولن نؤجّر مقرا آخر قبل أن تفصل العدالة في القضيّة، ساعتها سنعلن عن العنوان الجديد لمقر الجمعية قد تحتضنه بلديّة أخرى بالعاصمة ”. وقال عبد العالي مزغيش، في حوار سابق مع جريدة ”الفجر”، أنه خلال 15 سنة من الوجود والنشاط الثقافي والإعلامي المكثف، لم تكن لديهم مشاكل مهما كان نوعها، ولكن تمّ الإيعاز لجهة ما داخل مديرية الأمن الوطني لتوقيف ندوة ثقافية دعت إليها الجمعية في منتصف شهر ماي الفارط، وتمّ فعلا إلغاء الندوة بأوامر الشرطة بدعوى أن الندوة سينشطها عدد من المناوئين للنظام وللرئيس بوتفليقة، وهو مبرر واهٍ وغير مؤسس، لأن الندوة كان سينشطها مثقفون معروفون وفنانون مقتدرون وليس عصابة أو خارجين عن القانون. ويضيف مزغيش في نفس الحوار أنه بعدها بدأت سلسلة الضربات ”الجبانة” تلاحق الجمعية حتى وصل المطاف بها إلى أنها ستدخل أروقة المحاكم.