تتجه الحكومة نحو استحداث واجبات وعقوبات تكرس واجب التحفظ والحفاظ على السر المهني لموظفي الجمارك قصد ترقية أخلاقيات المهنة. وبالمقابل سيتم دعم النصوص المتعلقة ”بمكافحة التهريب بأنواعه سواء تعلق الأمر بالسلاح أو العملة الصعبة أو المواد الخطيرة”، وكذلك بالنسبة لتبييض الأموال والاستيراد والتصدير غير المشروعين. عرض وزير المالية السيد حاجي بابا عمي، مشروع قانون الجمارك الجديد على لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، مؤكدا أن النص يهدف إلى تكييف التشريع الجزائري مع المعايير الدولية، قصد مرافقة أحسن للمؤسسات الاقتصادية وتعزيز مكافحة التهريب وتبييض الأموال. وقال الوزير خلال الاجتماع الذي ترأسه محجوب بدة رئيس اللجنة، وحضره المدير العام للجمارك قدور بن طاهر، إن هذا النص - المعدل والمتمم لقانون الجمارك لسنة 1979 والذي عدل آخر مرة سنة 1998 - من شأنه ”إصلاح الإدارة الجمركية في شتى مجالات تدخلها تماشيا مع متطلبات النموذج الاقتصادي الجديد الذي يعطي للمؤسسة دورا فاعلا في الاقتصاد”. ويهدف الإصلاح المدرج على قانون الجمارك - حسب الوزير - إلى ترقية المهمة الاقتصادية للجمارك من خلال مرافقة أحسن للمؤسسات بوضع آليات تدعم تنافسيتها في فضاء اقتصادي يضمن الحياد والشفافية. أما المهمة الأمنية للجمارك فسيتم تعزيزها - يضيف بابا عمي - من خلال دعم النصوص المتعلقة ”بمكافحة التهريب بأنواعه، سواء تعلق الأمر بالسلاح أو العملة الصعبة أو المواد الخطيرة، وكذلك بالنسبة لتبييض الأموال والاستيراد والتصدير غير المشروعين، وكل تجارة تمس بالأمن العمومي مثل المواد النووية والمشعة والمتفجرات”. وقصد ضمان تأدية مهامها على أحسن وجه يعزز مشروع القانون حق إدارة الجمارك في الاطلاع على كل الوثائق التي تخص نشاطها بدون أن تتلقى أي اعتراض على أن تلتزم الإدارة بالتعامل بالمثل فيما يخص تبادل المعلومات مع باقي الإدارات. إلى جانب هذا - يتابع الوزير - يدعم النص إمكانية إدارة الجمارك إبرام اتفاقيات تعاون مع المتدخلين في سلسلة الإمداد في التجارة الدولية قصد تحسين الرقابة على التجارة الخارجية كما يتبنى بصفة واضحة جميع المفاهيم المكرسة في الاتفاقيات الجمركية الدولية التي انضمت إليها الجزائر ولا سيما تلك المبرمة مع المنظمة العالمية للجمارك ومنظمة التجارة العالمية. وبغية إعادة هيكلة آليات المراقبة يقترح النص تدعيم أحكام الرقابة وتحليل المخاطر ومكافحة الغش ووضع آلية جديدة لتتبع النقل البحري للمسافرين. كما يقترح أيضا الإسراع في تعميم التصريحات الجمركية إلكترونيا بدل الوثائق، وكذا تجسيد الشباك الإلكتروني الموحد فضلا عن إعادة تفعيل الأنظمة الاقتصادية الجمركية لترقية التصدير خارج المحروقات. ويدرج النص مفهوم الرقابة اللاحقة بعد الجمركة التي تهدف للتأكد من صحة التصريحات الجمركية باستعمال السجلات وكذا إدراج مفهوم ”التسليم المراقب” الذي يسمح - بناء على ترخيص من وكيل الجمهورية - بتحرير البضائع المحظورة أو المشبوهة قصد تتبعها واكتشاف مصادرها. وفي مجال أخلاقيات المهنة - وهو موضوع هام وحساس بالنسبة لمصداقية العمل الجمركي - جاء مشروع القانون ليستحدث واجبات وعقوبات تكرس واجب التحفظ والحفاظ على السر المهني قصد ترقية أخلاقيات المهنة وسط موظفي الجمارك. وأوضح بابا عمي أن مشروع القانون يضمن انفتاح الجمارك على محيطها من خلال إلزامها بنشر التنشريعات والتنظيمات الجمركية التي تبرر القرارات التي تتخذها، كما يلزمها بإعلام المتعاملين بالأسباب التي أدت إلى اتخاذ أي إجراءات تجاههم قبل الشروع في إجراءات المتابعة. من جهة أخرى جاء مشروع قانون الجمارك الجديد بإصلاح هام في مجال الطعون، يتعلق بجعل قرارات اللجنة الوطنية للطعن قابلة للطعن القضائي فضلا عن إنشاء لجان محلية للطعن. كما أدرج النص في نفس الإطار إعادة هيكلة معمقة للمنازعات الجمركية من خلال توضيح تعريف المخالفات الجمركية وتبسيط إجراءات المنازعات وإدراج مبدأ الإعفاء أو تقليص العقوبات في حالة الاعتراف بالعقوبة قبل المتابعة، إلى جانب تفضيل المصالحة كوسيلة لحل المنازعات.