شكلت استقالة الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، أهم حدث سياسي في التشكيلات السياسية الجزائرية، فبعد الصورة القوية التي روج لها الرجل، انتهى به المطاف بتقديم استقالته بأمر من رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة، أمام أعضاء اللجنة المركزية، منسحبا بطريقة لم تكن منتظرة بعد سلسلة خصومات مع الشركاء السياسيين للحزب والمجاهدين والمناضلين. وجاءت استقالة عمار سعداني في توقيت مناسب خطط له معارضوه في الحزب، ممثلين في القيادة الموحدة لحزب جبهة التحرير الوطني، التي تضم قياديين ومجاهدين وأعضاء تاريخيين في الثورة التحريرية، طالبوا الرئيس في مراحل متتالية بإزاحته من منصبه بسبب الأزمة العميقة التي خلقها وسط الحزب والتهميش التي طالت القاعدة والإساءة التي ألحقها بالعديد من الشركاء السياسيين، ومنهم الأمين العام للأرندي أحمد أويحيى، الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، وحتى الوزير الأول عبد المالك سلال الذي أقر جهرا أن المنصب الذي يشغله هو من حق الأفالان لأنه حزب الأغلبية في البرلمان، وقبله الفريق محمد مدين ورجالاته في جهاز المخابرات الجزائرية. وكانت خلافات سعداني مع الشركاء السياسيين للحزب في كفة والقنبلة الأخيرة التي أطلقها في حق الأمين العام للأفالان السابق بد العزيز بلخادم، في كفة أخرى، حيث اتهمه بالعمالة لفرنسا وبأنه ينحدر من عائلة حركى واتهامات أخرى شوهت سمعة الرجل وقضت على خيط الأمل الذي كان يربطه بحلم الرئاسة في رئاسيات 2019 بشكل لم يكن متوقعا. وكانت استقالة سعداني حدثا كبيرا على الساحة السياسية الجزائرية، كونه شكل بانتقاداته النارية والقوية رجل المرحلة بدون منازع، حيث أكد مقربوه أنه برسائله القوية التي كان يستهدف من خلالها خصومه السياسيين نوع من التهيئة السياسية لخليفة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وترك انطباعا بأن كل من يقترب من حلم خليفة الرئيس بوتفليقة أو يكون عنصرا مشاركا في صنعه سيلقى الضربة الموجعة. وأدخلت استقالة سعداني مرغما الأفالان في مرحلة هدوء نسبي، في القواعد والقمة، من خلال المشاورات السياسية التي أطلقها الأمين العالم الجديد المعين، جمال ولد عباس مع الذين كانوا في خلاف مع عمار سعداني، على أفواج ومراحل، وتلتها سلسلة إعادة ترتيب في محافظات الحزب دون المساس بالمكتب السياسي وهي ترتيبات إعادة الاستقرار النسبي للأفالان قبل أشهر من عقد الانتخابات التشريعية المقبلة 2017 وحلم حصول أغلبية المقاعد فيها للحزب العتيد.