فتحت مقاطعة حزب الطلائع للتشريعيات المقبلة، شهية المتمسكين بأرضية ”مزفران” والطامحين لتحقيق انتقال ديمقراطي سلس، خاصة بعد أن انقلبت الأحزاب عليها وسارعت لمشاركة السلطة التي يرفضونها، التموقع داخل المؤسسات الدستورية، طمعا في مزايا وتحفيزات العهدة البرلمانية المقبلة، وعينهم صوب الرئاسيات المقبلة. حقق علي بن فليس آمال وطموحات المتمسكين بأرضية مزفران والانتقال الديمقراطي، حيث سيتمكن كل أولئك إضافة إلى حزب جيل جديد بقيادة جيلالي سفيان، والطلائع من إعادة بوصلة المعارضة للمسار الصحيح ووضعها على السكة الصحيحة، في ظل انقلاب الأمور في بضعة أشهر مضت، حيث انقسمت المعارضة إلى تيارين بعد أن فصل التيار المتردد في قرار المشاركة في التشريعيات لصالح التيار الأول المهرول منذ البداية، ليبقى المقاطعون يتصدرون مشهد المعارضة الحقيقية التي تريد الخروج من بوتقة ”المعارضة من أجل المعارضة” أو ما اصطلح على تسميتها معارضة ”الصالونات”، الأمر الذي سيخرج التيار الأول أمام الرأي العام ويهز من ثقة الشعب فيهم بالرغم من أن قراراهم كان تلبية لرغبة المناضلين، خاصة الأحزاب التي تتبنى خطاب شديد اللهجة حيال الوضع القائم والسلطة الحالية - للتراجع في الأخير عن موقفها استجابة لرغبة المطامع البرلمانية، على غرار رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري الذي غير من كلامه بين ليلة وضحاها استجابة لتيار المشاركة الذي اتهم أبو جرة سلطاني بقيادته داخل أكبر تشكيلة إسلامية في الجزائر. وتلوح مؤشرات في الأفق بأن الشخصيات الوطنية الرافضة لازدواجية خطاب المشاركين في التشريعيات المقبلة من المعارضة، إلى جانب الحزبين المقاطعين، سيتحركون مجددا بعد جمود أصحاب هيئة التشاور وأرضيتها، حيث من المنتظر أن يكون هناك تنسيق كبير خلال الأيام المقبلة، وهو ما سبق وأن تحدثت ”الفجر” عنه حينما كشفت عن تطلعات هذا التيار لإرساء أرضية ”مزفران” والاستمرار في النضال من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي سلس وفق رؤية المعارضين طبعا. وعليه يتوقع متتبعون للشأن السياسي في الجزائر أن تكون الساحة السياسية بملامح مغايرة لما حدث خلال التشريعيات الفارطة، أين قاطع الأرسيدي لوحده انتخابات 2012، لا سيما وأن توابل هذه المرحلة تختلف، بما أن المعارضة وتحديدا الحزبين المقاطعين هم من أسسوا أرضية المعارضة منذ عامين، وبالتالي فالشعب الجزائري أمام خيارين، إما القبول بما يقدمه المشاركون في التشريعيات المقبلة من مرشحين سواء كانوا محسوبين على الموالاة أو المعارضة، بناء على مبدأ المحاصصة، أي تقسيم المقاعد البرلمانية على الأحزاب وفق درجة الولاء، أو منح الثقة في بن فليس وجيلالي سفيان والشخصيات الوطنية من أمثال عمار خبابة، عظيمي، بلمخي، وبلغربي وغيرهم، من خلال ترك المجال لهم لإقناع القواعد الشعبية برؤيتهم والعمل عليها حتى تكون واقعا ملموسا، كما أن ظهور شخصيات سياسية أخرى مساندة للرئيس السابق علي بن فليس وارد جدا، خاصة وأنه تلقى ”التبريكات” من قبل العديد من السياسيين المعارضين - حسب ما تسرب إلينا من اخبار - وهو ما يفتح الباب واسعا أمام التساؤلات أي مستقبل ”للمعارضة المشاركة” أو ”المعارضة المقاطعة”؟ وأي دور سيلعبانه تحت قبة هيئة التشاور والمعارضة التي تعاني من هجرة جماعية منذ الإعلان عن الانتخابات التشريعية المقررة الربيع المقبل؟