والحمد للّه الذي هداني لهذا، ونصرني في مواطن كثيرة على اشد الطغاة قسوة وحبروتا، وابقاني حيا حتى شاهدت بلادي العزيزة حرة مستقلة، والهمني كتابة هذه المذكرات للاجيال الصاعدة ولاسيما من اخواني العمال والفلاحين، والمثقفين الثائرين، لكي يتمعنوا اكثر بماضيهم الثوري المجيد، ويتجنبوا التفرقة وكل مايعرقل مسيرهم من اجل توطيدا استقلال بلادهم وبناء وطنهم على اسس ديمقراطية جديدة. تعلم الجماهير الكادحة في بلادنا، بأن الشغالين في كل مكان ومن كل شعب ودين هم اخوة تجمعنا ب هم رابطة النضال المشترك ضد اعدائهم المشتركين، من امبرياليين واقطاعيين ورأسماليين، بغية التخلص السريع من نير الاستعباد والاستغلال، وانتزاع حقوقهم المشروعة العادلة وتحسين سبل حياتهم وشروط اعمالهم. في الوقت الذي استشهد فيه ملايين الكادحين لانتزاع استقلال بلادها وتأمين حرياتها الديمقراطية وسبل حياتها يعمل الرجعيون المحلين من ملوك وامراء، وكبار الملاكين وتجار، في الاقطار التي تمكنوا فيها من الاستيلاء على زمام السلطة، على تصعيد استغلالهم، وطرق اضطهادهم لجماهير الكادحين في بلادهم من أجل توطيد امتيازاتهم المجحفة، وجر الكادحين كمايقع في المغرب الى تنفيذ اطماعهم التوسية على حساب جيرانهم مثل الصحراء الغربي ة واقتداء بدولة اسرائيل، بتشجيع من الدول الامبريالية. ان من واجب الكادحين في تلك البلاد هو توحيد صفوفهم وتوجيه س لاحهم ضد حكامهم الرجعيين الذين لا يصمرون لهم سوى الموت والفناء، بعدما كبلت حرياتهم واعتقلوا وقتل زعمائهم المخلصون امثال: بن بركة وزرووال.. وكل من رفض الخضوع لسياستهم سياة النفاق والعمالة للامبرياليين. لقد مضى الى غير رجعة عهد الاغنياء وتقبيل ايادي واعتاب الحكام الرجعيين من ملوك وامراء وغيرهم، فلا يجب على الكادحين تقتيل بعضهم بعضا ارضاءا لنزوات اعدائهم الرجعيين هؤلاء و الامبرياليين حلفائهم، ولاسيما بعدما اظهرت لنا التجارب مدى نفاقهم وحرصهم على استغلالنا فلا تغرنا ابتساماتهم المسمومة، وشهاراته المزيفة التي يخفون خلفها اطماعهم الاحتلالية وعدوانهم على تراب الغير ونهب ثرواته، فلن يصبح هؤلاء الاعداء اصدقاء لشعوبنا حتى ولو تكلموا باسمها، وعليه يتو جب علينا الحذر لكي لا تقع مرة أخرى فريسة اطماعهم بعد الذي قاسيناه تحت نير استعبادهم واستغلالهم، شاهدنا الكثير من الفئات الرجعية خلال حرب التحرير تصوب اسلحتها ضد ثورتنا ومجاهدينا، وبالرغم من شعور هاته الفئات باليتم بعد اجتثاب جدور الاستعمار من بلادنا، الا اننا شاهدناها بعد الاستقلال مرة أخرى تتسرب الى المواقع الهامة في الجهزة الحكامية، والشركات الوطنية بهدف الانتقام من الثورة مرة أخرى بتمهيد الطريق أمام المشاريع الرجعية الهادفة للاستيلاء بصمت وحذر على زمام السلطة والعودة بشعبنا باسم الليبيرالية الى عهد الاستغلال الامبريالي والرأسمالي البغيض لثروات بلادنا ولجماهير شعبنا الكادحة. ولو وجد هؤلاء المحتالون والمتذبذبون ممن ينتمون الى كبار الملاكين والبراجوازية والبيروقراطية، والتجار الكبارومن لفهم، من يتصدى لهم يكشف أمام الشعب عوراتهم وتواطئهم مع المستعمر الغاصب ويقاوم اطماعهم لما تمكنوا من التغلغل الخطير في أجهزة الدولة والشركات الوطنية مع أنهم كانوا من اسباب اطالة أمد الاستعمار في بلادنا رغم ادعاءاتهم الاشتراكية والمبادئ للثورة وبصددهخم جاء في قوله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا باللّه واليوم الاخر وماهم بمؤمنين يخادعون اللّه والذين آمنوا ومايخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون، في قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون ( سورة البقرة). أليس من واجب الحكومات التقدمية والثائرين في ك مكان التخلي باليقظة والحذر تجاه هاته العناصر المسممة الضارة التي من شيمتها التبذير والفساد ؟ الفوضي اينما وجدت وهدفها الاسمى القضاء على القطاع العام والثورة الزراعية والعودة بالشعب الجزائري الى عهد الرأسمالي، هاته العناصر التي ذكرها القرآن بقوله تعالى: اذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون الا انهم هم المفسدون ، ولكن لايشعرون،( سورة البقرة) والوقوف صفا منيعا في وجه تسللها الى مراكز الهامة في الاجهزة الحكومية والحزبية والجماهيرية وابعادها، وذلك بتوحيد جهود كافة الثوريين على مختلف مشاريعهم السياسية وميولهم، في رابطة وطنية موحدة كأفضل واضمن طريق لتأمين مستقبل ثورتنا وازدهارها. يتطلب منا العهد الجديد عهد مابعد الحرب العالمية الثانية، الذي انقسم فيه العالم الى نظامين متعارضين، النظام الراسمالي والامبريالي، الذي تمثله الامبريالية الامريكية وحلف شمال الاطلسي، المبني على التسلط والعنصرية والاستغلال والعدوان، والنظام الاشتراكي الذي يمثله الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو، المبني على السلم وتصفية الاستعمار أينما جد، وحق الشعوب كلها في تقرير مصيرها بنفسها، والتعايش السلمي فيما بينها وحل كافة المشاكل بالطرق السلمية، ثم بروز ما يسمى بالعالم الثالث الذي أصبح يتمتع من خلال التقدمية بنفوذ مرموق في العالم كله، وبكفاحه المتتابع من اجل تحقيق استقلاله الاقتصادي واقامة اقتصاد عالمي جديد مبني على اسس العدل والتعاون، ومقاومة للاظنمة العنصرية ولاستعمار الجديد بكافة اشكالة. يتطلب هنا هذا ال عهد كبلد قائم بثورة على انظمة الاستعباد والرجعية ويسعى لبناء الاشتراكية والقضاء على استغلال الانسان للانسان، التوجه نحو حلفائها الطبيعيين الاقطار الاشتراكية والاتحاد السوفياتي على الخصوص وتجنب الانزلاق نحو التحالفات الرجعية المؤدية في نهاية المطاف الى مساعدة الامبريالية الامريكية ودولة اسرائيل على تصفية القضية الفلسطينية في الشرق الاوسط من ناحية وتصفية شعب الصحراء الغربية، وحرمان شعبها من حق تقرير مصيره بنفسه بعدما اصبح معترفا به دوليا، وتصفية في نفس الوقت الانظمة التقدمية على الخصوص الجزائر، وهذا مايتمناه ويصبوا اليه ولاسيما المستعمرون الفرنسيون. والغريب هو التقارب القائم بين اهداف الرجعين السعوديين السادتيين في المشرق والرجعيين الملكيين في موريطانيا والمغرب، اذ في الوقت الذي يفتح فيه السادات بدعم من السعوديين ابواب القطر المصري أمام الامبرياليين الغربيين والامريكيين على الخصوص، ويتحالف ضما واحيانا علنا معهم على دعم العدوان الاسرائيلي من جهة وتصفية القضية الفلسطينية من جهة أخرى. ويهجم بشراسة صديق الشعب العربي الحميم الاتحاد السوفياتي وباقي النظم الاشتراكية، ويتصدى بعنف لقوى الشعب المصري التقدمية وقد ساعد بتصرفاته هذه على اثارة مشاكل جانبية جديدة ترمي الى تشتيت شمل الشعوب العربية وتمزيق وحدتها، وعلى سبيل المثال، الاقتتال في لبنان بينما لا تزال جيوش الاحتلال الاسرائيلية جاثمة فوق التراب المصري في سينا وباقي الاراضي العربية المحتلة حديثا ومنذ 1967 في نفس الوقت استنجدت الرجعية المغربية والموريطانية على رأسها الحسن الثاني ملك المغرب بالامبريالية العالمية والفرنسية في مقدمتها، لتوطيد احتلال جيوشها لتراب الشعب الصحراوي، وابادة مقاومة الجريئة بعدما أخذت توجه للجيشين المغربي والموريطاني اقسى الضربات وترغممهما على الانزواء داخل الثكنات، وتسبب في الوقت نفسه للنظامين المغربي والموريطاني افدح الخسائر في الاعتدة والارواح، مما ضاعف في خطورة الازمة الاقتصادية الغارقين في ثناياها. ن هدف الرجعين المغاربة والموريطانيين الاساس من عدوانهم هذا، واستنجادهخم ولا سيما بالستعمرين الفرنسيين الذي لايزالون يمنون انفسهم بالعودة للجزائر ليس تصفية شعب الصحراء فحسب، بل وتطويق الثورة الجزائري ة وشعبها المقدام، بغية تصفية نظامها التقدمي الذي اخذ يقلق مضاجعهم بما يحققه من اهم المنجزات الوطنية والديمقراطية في سائر الميادين الصناعية منها والزراعية والثقافية والعلمية وبما يخلفه هذا النظام من اوعص المشاكل لهم لدى الشعبين الشقيقين المغربي والموريطاني، الذين يتعطلعان لهذه الانجازات ويطمحان في تحقيق مثلها في اقطارها، وللعودة بالجزائر الى عهد الاستغلال الامبريالي والرأسمالي البائد، واحتلال قسم من ترابها. ان الحكام الرجعيين العرب في مشارق الارض ومغاربها بسيرهم الحثيث في ركاب الامبرياليين على درجات مقاولة ضد ارادة شعوبهم، وبواقفهم العدائية ازاء تطلعاتها نحو تحقيق المزيد من مكتسباتها الثورية والديمقراطية ووحدتها، وبمقاوتهم للقضية الفلسطينة، او تخليهم بمختلف الطرق عن مساندتها، بعدوانهم على شعوب الصحراء الغربية، ينبتون كل يوم اكثر مدى الخيانة التي اسقطو في شباكها قضايا شعوبهم وانزلاقاتهم في صفوف اعدائها الامبرياليين، وذلك في الوقت الذي تحقق فيه المقاومتان الفلسطينة والصحراوية انتصارات هامة من الناحيتين العسكرية والدبلوماسية بانتزعهما اعترافات وبالاخص المحافل الدولية وفي مقدمتها هيئة الاممالمتحدة، بعدالة قضاياهما، وبحث الشعبين الفلسطيني والصحراوي بالعودة الى تراب وطنهما واقامة دولتيهما وحقهما في تقرير مصيرهما. تتمتع المقاومة الفلسطينة اليوم رغم مؤمرات الامبرياليين والصهيونية العالمية، ورغم مناورات الحكام الرجعيين العرب بفضل صمودها بدعم قوي التحرر الوطني في لبنان وباقي الاقطار العربية والحكام التقدميين العرب، والاقطار الاشتراكية الحليفة والاتحاد السوفياتي في مقدمتها وبنفوذ عالمي متصاعد، ويزداد اشعاعها ويمتد يوما بعد يوم الى مختلف عواصم العالم، وماتلقاهمن ضروب العطف المتزايد والاعجاب لدى شعوب العالم كافة لمن الشواهد على هذه الحقيقة. فليحذر الرجعيون المغامرون المغاربة والموريطانيون ولاسيما الحكام الفرنسيون الحاليون من نتائج قهورهم وتهديداتهم بمجابهة تراث الجزائر، بعدما اعجزوا عن الصمود أمام مقاومة الشعب الصحراوي الاسطورية، فالجزائر ليست الزائير، ان في الجزائر شعب وطد العزم على الدفاع وبكل قواه عن مكتسباته الثورية الديمقراطية وعن كل شبر من تراب وطنه الطاهر، والجزائريون كما عهدتهم السلطات الاستعمارية الفرنسية من اشد المقاومين لاستعمارها واصلبهم عودا، وفيهم قال الشعب العربي: قوم اذا استخصموا كانوا فراعنة يوما، وان حكموا كانوا موازينا تدرعوا القل جلبابا فان حميت نار الوغى خلتهم فيها مجانينا. وعدا ذلك، فان للشعب الجزائري خلفاء اشداء في شخص قوي التحرر الوطني والشعوب العربية وكل شعوب بما فيها الشعب الفرنسي، والبلدان الاشتراكية وخاصة الاتحاد السوفياتي الجبار وكافة قوى الحرية والسلم في العالم.